لا يزال التأزم سيد الموقف في ملف سد النهضة الإثيوبي، وسط تعثر في المفاوضات منذ شهور، بعد جولة من المحادثات بين الأطراف المعنية لم تسفر عن أي اتفاق، وسط مخاوف لدى الجانب المصري من تهديد حصتها المائية السنوية من مياه نهر النيل، البالغة 55.5 مليار متر مكعب. ويعقد اجتماع بين الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، في الرابع من شهر مايو المقبل، من المقرر التمهيد خلاله للقمة الرئاسية والمقرر عقدها في يوليو بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، والرئيس السوداني عمر البشير، ورئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمدن في إطار فعاليات القمة العادية للاتحاد الإفريقي. ولم تغب جميع الحلول عن سيناريوهات الأزمة، وعلى رأسها الطرح العسكري، مع رفض إثيوبيا تقديم أي تعهدات أو السماح للجان الفنية بالدخول إلى سد النهضة والحصول علي إحداثياته، وإمكانية ضرره من عدمها على دولتي المصب مصرية والسودان. واستبعد الدكتور حسا رضا، الخبير في الشأن المائي، أن "تشهد الفترة المقبلة تطورات فيما يخص مفاوضات سد النهضة، في ظل غياب الشفافية عن ممثلي مصر في المفاوضات، الأمر الذي يستغله الجانب الإثيوبي". وقال في تصريح إلى "المصريون"، إن "مصر تضع نفسها في خندق داخل المفاوضات يقودها في النهاية إلى احتمالية توجيه ضربة عسكرية، أو الاعتماد على الأساليب الأمنية والمتعلقة باستغلال أجواء الغضب المشتعلة في منطقة سد النهضة ضد الحكومة الإثيوبية". وأضاف: "المفاوضات لازالت مستمرة بين جميع الإطراف، إلا أنها أصبحت أقل فعالية ورغبة من كافة الأطراف، بسبب تعنت كل طرف بموقفه، ورؤية أنه الأصح، حتى السودان يحاول الحصول على مكاسب من وساطته، بإثارة المطالبة بحقه في مثلث حلايب وشلاتين الحدودي في مصر، الذي تسبب إهماله الكبير من قبل الحكومات المصرية المتتالية، إلى طمع الجانب السوداني فيه". من جهته، قال نور احمد نور، الخبير في الشأن المائي، إن "مصر ترتكب العديد من الأخطاء فيما يخص المفاوضات مع الجانبين الإثيوبي والسوداني، وآخرها توجيه دعوات للجلوس والتفاوض دون مناقشات مسبقة، حسب الموعد المحدد للتفاوض في مطلع شهر مايو المقبل، وهو ما يؤشر إلى التخبط في اتخاذ القرار المصري، وعدم اتخاذ قرار واضع بالجلوس للمفاوضات أو الاعتماد على طرق أمنية غير معروف عواقبها في ظل الإنفاقات المادية الكبيرة التي تتطلبها". وأضاف نور ل"المصريون" أنه لا يتوقع أن يتم حل أزمة سد النهضة بين الجانبين المصري والإثيوبي، عن طريق المفاوضات الحالة، موضحًا أن "الحل في النهاية سيتركز في وجود وسطاء دوليين كما هو الحال في النزاعات الكبيرة ومن ثم تدويل القضية". وأشار إلى أن "مصر طرحت بالفعل هذا الحل، بإمكانية إدخال البنك الدولي كطرف وسيط في المفاوضات، والآن يتردد اسم الولاياتالمتحدة، بإمكانية دخولها كوسيط لإقناع إثيوبيا بقبول الحلول المصرية في يخص مياه نهر النيل، والذي لا تستطيع مصر أن تتخيل فكرة خسارته، في ظل الاعتماد عليه بشكل مباشر منذ آلاف السنين". وبدأت الحكومة الإثيوبية إنشاء سد النهضة في أبريل 2011، على النيل الأزرق (أحد روافد نهر النيل)، بمدينة "قوبا" على الحدود الإثيوبية – السودانية. ودخلت مصر وإثيوبيا والسودان في مفاوضات حول بناء السد، غير أنها تعثرت أكثر من مرة، جراء خلافات حول سعة السد وعدد سنوات تخزين المياه. وتتخوّف القاهرة من تأثير سلبي محتمل لسد "النهضة" على تدفق حصتها السنوية من نهر النيل (55.5 مليار متر مكعب) مصدر المياه الرئيسي في البلاد. وتقول أديس أبابا إن السد سيحقق لها منافع عديدة، خاصة في إنتاج الطاقة الكهربائية، ولن يُضر بدولتي المصب، السودان ومصر.