قالت وكالة أنباء الأسوشيتد برس الأمريكية أن المخابرات العامة المصرية بدأت في إتخاذ خطوات إستثنائية لكسب تأييد الرأي العام في مواجهة التحديات المحتملة من رئيس الجمهورية المنتخب حديثاً والذي ينتمي للتيار الإسلامي. وأضافت أن جهاز المخابرات خرج للمرة الأولى من الظل ليقدم فيلماً وثائقياً عن إنجازاته، والدور الذي لعبه في الدفاع عن مصر، متعهداً بمواصلة حماية البلاد. وأشارت إلى أن الفيلم الذي عرضه تلفزيون الدولة بالإضافة إلى المحطات التلفزيونية الخاصة، هو خطوة غير عادية لوكالة الإستخبارات التي يحيطها الغموض، وتعمل في جو من السرية، ويصفها الخبراء بأنها "دولة داخل الدولة". وإعتبرت أن الفيلم يهدف بشكل واضح لتحسين صورة جهاز المخابرات الذي كان يعد أحد أبرز أعمدة نظام حكم الرئيس مبارك الذي كان يستخدمه لقمع معارضية وضمان ولاء مؤسسات الدولة له. وصرّح اللواء سامح سيف اليزل، الخبير الإستراتيجي، للأسوشيتد برس أن الفيلم يهدف لزيادة الوعي حول أهمية جهاز المخابرات، وذلك بعد تعرضه لهجوم في الآونة الأخيرة لعدم قيامه بعمله، وإنتقادات بأنه أداة لخدمة فلول نظام مبارك. غير أن الأسوشيتد برس قالت بأن الفيلم الوثائقي يأتي في وقت تبحث فيه المخابرات وغيرها من المؤسسات التي لعبت دوراً بارزاً في نظام مبارك عن طرق لحماية سلطتها ونفوذها بعد فوز الرئيس المنتخب محمد مرسي، والذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين التي شاركت المخابرات في قمعها بالتعاون مع جهاز أمن الدولة. وتابعت: "من الناحية النظرية، فإن جهاز المخابرات والأجهزة الأمني الأخرى ستقدم تقاريرها لمرسي من الآن فصاعداً، غير أنه يعتقد أن هذه الأجهزة والقوات المسلحة يحاربون لضمان ألا يحدث ذلك، وألا يتمكن مرسي من تسمية الوزراء الذين سيشرفون على هذه الأجهزة". ونقلت الوكالة عن هبة مورايف، ممثل منظمة هيومن رايتس ووتش في القاهرة، قولها أن المخابرات تعاملت مع جماعة الإخوان المسلمين على إعتبارها عدوها الرئيس لسنوات طويلة، وبسبب المعاملة التي لاقاها أعضاء الجماعية على مر سنوات عديدة، فإن هناك حالة من إنعدام الثقة وصراع متأصل على السلطة في حاجة إلى معالجة. وأضافت مورايف أنه "إذا لم يتم هيكلة الأجهزة الأمنية على الفور، فإن ذلك سيحدث عاجلاً أم آجلاً"، مشيرة إلى أن "المعركة لم تبدأ بعد". وأشارت وكالة الأنباء إلى أن جماعة الإخوان المسلمين هي بالفعل في صراع مع المجلس العسكري الذي أدار البلاد بعد الإطاحة بالرئيس مبارك، والذي يرأسه المشير طنطاوي الذي تعهد بأن الجيش لن يسمح أبداً للإخوان للسيطرة على البلد. بدوره أكد اليزل للأسوشيتد برس أن هناك "تعاون كامل وتفاهم" بين المخابرات والجيش. ولفتت الوكالة إلى أن مبنى المخابرات العامة يقع خلف وزارة الدفاع في القاهرة، كما أن رؤساء الجهاز هم في العادة رجال عسكريون. وأشارت إلى أنه عبر التاريخ لم يكن اسم رئيس جهاز المخابرات معروفاً، غير أن اللواء عمر سليمان خرج عن العادة وأصبح له حضور علني باعتباره الذراع الأيمن للرئيس المخلوع حسني مبارك. وأكدت على أن عمر سليمان كان أحد الشخصيات الأكثر نفوذاً في دائرة مبارك الداخلية، وأنه كان يعرف ب"صندوق مبارك الأسود" بسبب السمعة التي كان يحظى بها بإعتباره حامل أسرار النظام. واختتمت قائلة أن جهاز المخابرات يواجه إنتقادات حادة في الآونة الأخيرة وسط مخاوف من استمرار قبضة الجهاز على الدولة، وخاصة بعد إتهامه من قبل الإدعاء والمحامين بعدم التعاون في التحقيقات وإتلاف ادلة قتل المتظاهرين في القضية التي حكم فيها على الرئيس المخلوع ووزير داخليته بالسجن المؤبد.