نشرت وكالة انباء اسوشيتد برس الأمريكية تقريرا بشأن المحاكمة التاريخية للرئيس المخلوع حسنى مبارك وتداعيات الحكم سواء كان بالبراءة أو بالادانة على البلاد على المشهد السياسى والانتخابى فيها حيث تقول الأسوشيتد برس أن الحكم يوم السبت -- مذنب أم غير مذنب -- في محاكمة حسني مبارك على الأرجح سيعمق الاستقطاب في مصر فى الوقت الذى تشتعل فيه التوترات السياسية بالفعل بسبب جولة الإعادة الساخنة فى الانتخابات الرئاسية بين أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء للرئيس المخلوع،ضد أسلامي من جماعة الاخوان المسلمين التى طالما تم قمعها من قبل النظام القديم مرارا محمد مرسي. ويشير التقرير إلى أنه إذا أدين مبارك ( 84 عاما )، كأول زعيم عربي تتم محاكمته من قبل شعبه، فقد يواجه عقوبة الإعدام . فمبارك يواجه اتهامات بالتواطؤ في قتل حوالى 900 من المتظاهرين خلال ثورة العام الماضي التى أجبرته على الخروج من السلطة. كما أنه يواجه أيضا اتهامات بالفساد منفصلة مع اثنين من أبنائه – جمال الذى كان ذات مرة ولي العهد ورجل الأعمال الغنى علاء - وصديق العائلة الهارب من مصر. ونقلت الاسوشيتد برس عن جورج اسحق، قوله: "إننا ننتظر بفارغ الصبر صدور الحكم "، وأضاف: "الحكم بالبراءة سيؤدي الى رد فعل مروع". وفيما يتعلق بمدى أهمية هذه المحاكمة لدى المصريين يقول التقرير أن محاكمة الرئيس المخلوع مبارك جذبت الشعب بشدة، بصورته يرقد على سرير طبي بعجلات داخل قفص الاتهام خلف القضبان الحديدية، وهو المشهد الذي اعتبره معظم المصريين رمزا للانتصار على استبداد وإذلال الديكتاتور الذي حكم مصر على مدى ما يقرب من 30 عاما . وأضافت الوكالة أنه خلال فترة سير القضية، هيمنت المحاكمة على المحادثات الوطنية وغذت التوتر في الفترة الانتقالية المضطربة بالفعل تحت إشراف الجنرالات الحاكمين الذي تولوا المنصب بعده. ومع ذلك فلا يزال يوجد كثيرون مقتنعون بأن العملية برمتها كانت لاسترضاء المحتجين الذين طالبوا بأن مبارك يحاكم على تصرفاته. وينتقل التقرير إلى أثر هذا الحكم على المشهد الانتخابى فى البلاد -لاسيما على الفريق أحمد شفيق. حيث يأتى الحكم بعد أيام فقط من إعلان مسؤولى الانتخابات أن آخر رئيس وزراء لمبارك والذى كان ذات يوم أحد تلاميذه هو أحد المرشحين الاثنين اللذين يخوضان جولة الإعادةفي الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 16-17 يونيو. وتقول الأسوشيتد برس أن صدور حكم بالإدانة يوم السبت، كما يعتقد البعض، يمكن أن يزيد شعبية شفيق ويجذب له مزيد من الناخبين. وبطريقة ما، سيضفي نوعا من المصداقية لتعهده بأنه لن يعيد النظام القديم في حال انتخابه. ومع ذلك فإن الحكم بالبراءة لمبارك سيدفع المتظاهرين للخروج إلى الشوارع للمطالبة بتطبيق "العدالة الثورية" على المخلوع، ويقوض بشكل جاد وخطير فرص شفيق في الفوز بمنصب الرئاسة. ونقلت وكالة الأنباء عن نجاد البرعي قوله إن: "إرث مبارك لا يزال يؤثر على السياسة في البلاد"، وأضاف أن " ال 15 شهرا منذ الإطاحة به ليست كافية لإبعاد ارثه تماما من المشهد . بعد 30 عاما في السلطة، الأمر قد يستغرق خمس سنوات أو أكثر كي يحدث ذلك". ويشير التقرير إلى أن المنافسة بين مرسي وشفيق تعكس، في نواح كثيرة، العداء بين مبارك والإخوان المسلمين خلال العقود الثلاثة الماضية . وانتصار مرسي سوف يكون تحقيق لنبوءة مبارك المتكررة بأن جماعة الإخوان المسلمين ستتولى السلطة بعد أن يرحل. فقد أثار ترشيح مرسي قلق شديد بين كثير من المصريين من أنه سيضفي المزيد من الصبغة الدينية على الحكومة في حال فوزه . ويخشى آخرون أن جماعة الإخوان المنتمى لها مرسي، التى أصبحت تملك سلطات بعد أن أمضت ال 60 عاما الماضية باعتبارها منظمة غير مشروعة، ستصبح الديكتاتورية الجديدة في البلاد، وهو الاحتمال الذى يتم الترويج له بشكل مكثف من قبل بعض وسائل الإعلام الرسمية . فى حين أن ترشح شفيق للرئاسة يرعب أيضا العديد من الذين يخشون استعادته للنظام القديم والعفو عن مبارك وأبنائه ورجال نظامه الموجودين في السجن في انتظار محاكمتهم. ويقول تقرير الاسوشيتد برس أنه رغم أن محاكمة مبارك، التي بدأت قبل 10 أشهر، من المرجح أنه سيتذكرها الناس باعتبارها حدثا حاسما في انتفاضة الربيع العربي التي اجتاحت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلا أنه وفقا لخبراء قانونيين كانت إجراءات المحاكمة أقل من المستوى المثالى، حيث أنها أجريت في جو مشحون . كما تصرف محامو عائلات الضحايا بشكل عشوائي، وكان ينظر بشكل عام إلى الملف الذي أعده المدعي العام باعتباره ضعيف. وتعليقا على ذلك، قال ناصر أمين، المحامي إنه: "بشكل عام، تم تسريع وتسيس المحاكمة". ويشير التقرير أنه قبل أيام فقط من إصدار الحكم، تم توجيه اتهامات جديدة بالكسب غير المشروع ضد أبناء مبارك مع سبعة أشخاص آخرين . وتم تفسير هذه القضية الجديدة، التي أحيلت إلى المحاكمة، على أنها محاولة في الوقت المناسب من حكام مصر العسكريين لاحتواء الغضب بشأن وصول محتمل لشفيق إلى منصب الرئاسة. Comment *