هدّد وزير النقل الألماني أندرياس شوير بعواقب سلبية لمستقبل الخطوط الكويتية في بلاده، على خلفية أزمة نشبت بين البلدين منذ ما يقرب من عامين بعد رفض الخطوط الجوية الكويتية نقل أحد الركاب بدعوى جنسيته الإسرائيلية، وصدور حكم قضائي في ألمانيا نهاية 2017 يتضمن ما مفاده أن للشركة الحق في هذا التصرّف بما أنها ملتزمة بقوانين بلادها. تعود القضية إلى حجز راكب إسرائيلي رحلة من فرانكفورت إلى بانكوك، يتخللها توقف في الكويت، حيث كان من المفترض أن يركب طائرة للخطوط الكويتية تقله إلى وجهته النهائية، لكن الشركة الكويتية، وبمجرّد علمها بجنسية الراكب، ألغت الحجز مباشرة. السبب في ذلك يعود إلى قانون كويتي صدر عام 1964، لا يزال سارياً، ينصّ على حظر أي تعامل مع إسرائيليين أو مقيمين في إسرائيل أو يعملون لمصلحتها. ورغم أن أندرياس شوير صرّح أن وزارة النقل دعت في وقت سابق من مارس الجاري، السفير الكويتي في ألمانيا لإجراء محادثات حول الموضوع ومنع أيّ "ممارسات عنصرية" على متن رحلات جوية تعدّ ألمانيا طرفاً فيها، إلّا أن المأمورية لن تكون سهلة في إقناع الكويتيين بتغيير موقفهم. وسبق للشركة الكويتية أن ردت على الضغوط الكبيرة التي مارستها عليها السلطات الأمريكية لتغيير موقفها من رفض نقل الركاب الإسرائيليين، بإصدار قرار تعليق رحلاتها بين نيويورك ومطار هيثرو في لندن، وهو الخط الذي رفضت فيه "الكويت إيرلاينس" حجز مقعد راكب إسرائيلي عام 2013. ويعدّ موضوع "معاداة" إسرائيل أمراً حساساً في ألمانيا، التي لا تزال ترزح تحت ثقل ماضٍ أسود شهد انتهاكات كبيرة بحق اليهود، ممّا يجعل الحكومة الألمانية ترفض أيّ "أشكال تمييزية ضد الإسرائيليين أو تحضّ على كراهيتهم"، وقد ردت سابقا بحزم شديد على "حراق أعلام إسرائيل" خلال الاحتجاجات على قرار الرئيس الأمريكي ترامب نقل سفارة بلاده إلى القدس. ورغم اختلاف الرؤى في بعض المواضيع كالمساعدات المقدمة إلى الفلسطينيين، فإن علاقة برلين بتل أبيب قوية للغاية، لذلك طالب نواب ألمان بتعديل قوانين بلادهم فيما يخصّ التعاون مع الخطوط الجوية الأجنبية، وذلك بسحب حقوق استغلال المطارات الألمانية من أيّ شركة لا تراعي مبادئ الدستور الألماني. يقول فايز النشوان، أستاذ العلاقات الدولية في الكويت، إن بلاده لا تعترف بإسرائيل وتعتبرها "قوة احتلال"، لافتًا أن الكويت لا تزال في حالة حرب مع إسرائيل ولم تدخل معها في مرحلة سلام، إذ لا يزال العمل سارياً بمرسوم أصدرته هذه الدولة الخليجية قبل عقود، تعلن فيه حق الدفاع عن أراضيها في وجه إسرائيل، رغم أن الكويت تدعم مبادرة السلام التي أقرتها جامعة الدول العربية مع إسرائيل عام 2002، يستدرك النشوان. ويمضي النشوان في حديثه لDW عربية أن بلاده تقود حملة مقاطعة إسرائيل منذ عام 1987، وأن الخطوط الجوية الكويتية لا تستطيع خرق قوانين البلد، بدليل أنها تمنع كذلك حمل الركاب للمشروبات الكحولية، الممنوعة في الكويت. ويشير النشوان إلى أن القضاء الألماني كان واضحاً في مسألة الراكب الإسرائيلي، وأن حكمه بدّد أيّ اتهامات تتعلّق بالعنصرية، بما أن الأمر يخصّ قانون دولة (أي الكويت) لديها سيادة فيما يتعلّق بعلاقاتها الخارجية، وفق حديثه. في الجانب الآخر، طالب أوليفيه لوكسيش، عضو البرلمان الألماني عن الحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي)، حكومة بلاده بعدم السماح لطائرات الخطوط الكويتية بالنزول مجدداً في مطار فرانكفورت الدولي إلى غاية إيجاد حلٍ لهذه القضية. وأضاف لوكسيش في تصريحات لDW أن قراراً من هذا الحجم سيشكّل ضربة كبيرة للشركة الكويتية، بما أن مطار فرانكفورت يعدّ من المطارات المهمة داخل الاتحاد الأوروبي. وتابع لوكيسش: "باعتباري مواطنا ألمانيا، أنا خجل من قبول ألمانيا منذ عقود باستمرار القوانين الكويتية التي تحظر نقل الإسرائيليين، فهذا خطأ سياسي، لذلك تقدمت بسؤال إلى الحكومة لاستفسارها عن الخطوات التي ستقوم بها للرد". ويضيف لوكسيش أن على حكومة ميركل القيام بضغط على نظيرتها في الكويت، ومن ذلك التلويح بالتأثير السلبي لقوانين الطيران على اتفاقية التعاون الثنائي التي تجمع ألمانياوالكويت منذ 1974.