بالأمس القريب كنّا نعانى من الظلم والاستبداد واختزال ثروات الوطن وما أكثرها فى قلة معدودة من الناس المحيطين بالسيد الرئيس، وهم حملة المباخر و"الهتيفة" والمرتزقة ومعهم "كدّابين" الزفة، وكم انتظرنا وضربت الشمس رؤوسنا لساعات طويلة لحين مرور موكب الرئيس وعلى بعد مئات الكيلو مترات دون مراعاة للثكلى والحوامل والأطفال الرضع, وكان على قلوبنا أحلى من العسل فإذا ما شاهدناه يفتتح كوبرى نصفق له ونعتبره فعل ما لا يفعله غيره من البشر. واليوم نرى رئيس الجمهورية لا يزال يسكن فى شقته المتواضعة ويصلى إمامًا بالحراس والموظفين والعمال داخل القصر الجمهورى لا يحب أن يعامل معاملة خاصة ولا أسرته يشعر أن منصبه مسئولية سيحاسبه الله عليها فيعمل لها ألف حساب فلا يخاف من الناس ولا يخشى فى الله لومة لائم وإذا قابلته تشعر أنه أبوك أو أخوك فلا تهابه فرعونًا ولا تخشى بطشه لأنك تعلم أنه قارئ وحافظ لكتاب الله هذا هو الدكتور محمد مرسى الذى يتعرض اليوم لانتقادات من بشر لا يمتون بصلة إلى الوطنية التى يتغنون بها كطل يوم فى وسائل إعلامهم المأجور منهم من يدعى أنه سيدخل البلد فى نفق مظلم، ومنهم ومن يدعى أنه جاء من فصيل إرهابى وأنه سيجر مصر إلى حروب وتجاهل هؤلاء الأفاقين أنهم كانوا ولا يزالون أبواقًا للنظام البائد ومنهم من كان يعارض مبارك فى الصباح ويجلس مع ترزية نظامه ليلاً ليأخذ التعليمات الجديدة فى جدول معارضته بعد أن يأخذ أجره وهم بالطبع مجرد كومبارس فى مسرحيات النظام البائد التى يحاولون أن يقنعوا بها العالم بأنهم يجسدون الديمقراطية فى أروع صورها وللأسف الشديد ملايين من الشعب المصرى اقتنع بهم وتأثر بأفكارهم الهدامة ففى المواصلات العامة والمقاهى الشعبية يتحدث بعض الناس عن قرار الرئيس محمد مرسى بعودة مجلس الشعب المنحل وكيف داس بقدميه على حكم الدستورية العليا التى عين أغلب قضاتها مبارك ولا يعرف الناس ما هى صلاحيات رئيس الجمهورية وكثيرون منهم لا يعرفون شيئًا عن المحكمة الدستورية اللهم شاهدوا بعض حلقات لميس الحديدى أو أراجوز الإعلام المصرى توفيق عكاشة الذى قبل يد صفوت الشريف فى أروقة الحزب الوطنى المنحل أو استمعوا لإبراهيم عيسى الذى كان يدافع عن الإخوان عندما فتح لهم صفحات الدستور التى رأس تحريرها ذات يوم، وكانوا يشترونها لأنها تعبر عن فكرهم هو نفسه الرجل الذى خلع تلك العباءة وارتدى ثياب الليبرالية المزعومة وراح يقلل من شأن الرئيس. هل كان يجرؤ كائن من كان أن يمشى بقدميه بجوار أسوار القصر الجمهورى أيام المخلوع ؟! أعتقد أننا جميعًا نعيش فى مصر وسمعنا عن الذين تعطلت بهم السيارة فى نفق العروبة أمام القصر، وكيف تعامل معهم الحرس الجمهورى الذى لم يكن يعرف لغة غير تصفية من يقف فى هذا المكان هو نفسه المكان الذى يتواجد فيه العشرات بل المئات من الناس يهتفون ويقدمون مظالمهم التى خلفها عهد مبارك. ورغم ذلك لم يسلم الرئيس من انتقادات من يطلقون على أنفسهم النخبة فيتعمدون توجيه سهامهم نحو الرجل، ويدّعون أنه يتجاهل أصحاب المطالب الفئوية وليس له ذنب فيها وبذلك نكون أمام شعب لا يعجبه العجب. [email protected]