لم تكد تهدأ حدة الأزمة بين مصر والسودان في أعقاب لقاء الرئيسين عبدالفتاح السيسي وعمر البشير بإثيوبيا مؤخرًا، حتى أشعل لجوء الخرطوم إلى مجلس الأمن إلي مجلس الأمن ضد ما أسمته "التصرفات المصرية في مثلث حلايب وشلاتين الحدودي"، الأزمة مجددًا بين البلدين. الخطوة جاءت بعد ساعات من تصريح وزير الخارجية السوداني، إبراهيم الغندور، التي أشار فيها إلى استئناف السفير السوداني مهامه بالقاهرة خلال الأيام القليلة القادمة، بعد أن كانت قد استدعته في يناير الماضي، في ظل مشاحنات وقتها في وسائل الإعلام، على خلفية عدة قضايا خلافية، أهمها النزاع حول المثلث الحدودي في حلايب وشلاتين المستمر منذ سنوات. وفسر دبلوماسي مصري سابق، لجوء السودان إلى مجلس الأمن بأنه يأتي على خلفية محاولة التخفيف من حدة الأزمات الداخلية التي تواجهها الحكومة السودانية، بعد ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية وانخفاض قيمة الجنيه السوداني، من خلال إثارة ملف مثلث "حلايب وشلاتين"، الذي تسيطر عليه مصر. السفير جمال بيومي، مساعد ويزر الخارجية الأسبق، قال إن "الرد المصري بخصوص رد الفعل السوداني، يجب أن يقتصر على أن مثلث حلايب وشلاتين منطقة تخضع للسلطة المصرية، وما يحدث داخلها هو شان داخلي بحث ليس من حق السودان أن يعترض عليه، خاصة وأن القوات العسكرية المصرية في هذا الجانب لم تواجه أي اعتراض أو رد فعل من الجانب السوداني القريب للغاية من المنطقة". وأضاف بيومي في تصريح إلى "المصريون": "السودان يسعى من ذلك إلى اختلاق عدو خارجي لتوحيد جبهته الداخلية، إلا أنه مخطئ إذا فهم أن مصر يمكن إثارتها بهذه الطريقة الواضحة، التي تهدف لغض الطرف عن الأزمات الداخلية التي تواجهها الحكومة السودانية، بقيادة الرئيس السوداني عمر البشير، والذي يواجه خطر الانقسام لمرة ثانية، نتيجة الاضطرابات في دارفور، التي تطالب بالانفصال على غرار جنوب السودان". غير بعيد هذا، قال حسام رضا، الخبير بالشأن المائي، إن "أزمة الحدود بين مصر والسودان لا تنفصل عن أزمة سد النهضة الإثيوبي، الذي يحاول السودان منذ فترة من خلاله أن يكون طرفًا حقيقيًا في الأزمة مع الجانب المصري، والذي له اختلافات فكرية وسياسية مع النظام السوداني المعروف بخلفيته الدينية وتبعيته لجماعة "الإخوان المسلمين"، ومن ثم فان الأمر يتعلق باختلاق أزمة أيًا ما كانت طبيعتها". وأضاف: "على مصر القيام بضبط النفس، وأن تعامل مع الجانب السوداني على ما يظهر من أفعال معادية ضدها، وأن يتم إدراجه ضمن الدول المعادية لها، خاصة وأن كافة التصريحات السودانية مناقضة تمامًا للأفعال التي تقوم بها، ولا تهدف لشيء إلا خلق صراع غير حقيقي مع الدولة المصرية، التي لم تبادر بأي أفعال معادية ضد السودان". وتتهم وسائل إعلام مصرية السودان بدعم إثيوبيا في ملف السد، بدعوى رغبة الخرطوم في الحصول على طاقة كهربائية من أديس أبابا، فيما ينفي السودان صحة اتهامه بالانحياز. وعقدت في نهاية الشهر الماضي، قمة ثلاثية جمعت الرئيسين المصري والسوداني، ورئيس الوزراء الإثيوبي وقتها، هايلي مريام ديسالين، حول أزمة سد النهضة الإثيوبي.