تسعى القاهرةوالخرطوم، عبر اجتماع رباعي بين وزيري الخارجية ومديري مخابرات البلدين؛ لتصفير أزمتي المياه والحدود اللتان تعيقان عودة قطار العلاقات التاريخية والاستراتيجية لسابق عهدها. وأواخر الشهر الماضي، عقد الرئيسان عمر البشير، وعبد الفتاح السيسي لقاءً على هامش قمة الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا، واتفقا على إنشاء آلية تشاورية رباعية بين وزارتي الخارجية وجهازي المخابرات العامة في البلدين، بهدف التعامل مع كافة القضايا الثنائية، وتجاوز جميع العقبات التي قد تواجهها. وفي وقت سابق اليوم، قالت سفير السودان لدى القاهرة، عبد المحمود عبد الحليم، في تصريحات بمقر البرلمان السوداني، إن "اجتماع القاهرة من المتوقع أن يخرج بخارطة طريق واضحة للإشكاليات العالقة التي تعيق مسار العلاقات بين البلدين". وتصريحات عبد الحليم، تأتي بعد ما يزيد عن شهر، من قرار الخرطوم استدعاءه ل"مزيد من التشاور"، قبل أن يشير اليوم، إلى أن تحديد موعد عوته إلى مصر، سيتم عقب الاجتماع الرباعي بالقاهرة، غدًا الخميس. واجتماع الخميس يضم وزيري خارجية مصر سامح شكري، والسودان إبراهيم غندور، ورئيس المخابرات العامة السوداني محمد عطا والقائم بأعمال رئيس المخابرات العامة بمصر عباس كامل. ويأتي الاجتماع في ظل توتر دبلوماسي وإعلامي بين مصر والسودان، إثر ملفين ما يزالان عالقان، مرتبطان بالحدود والمياه. **حلايب وشلاتين اتخذت مصر منتصف أكتوبر الماضي، إجراءات تنسيقية ودبلوماسية مع جارتها الجنوبية؛ لبحث ملف الحدود، بالتزامن مع نبرة سودانية مرتفعة تتكرر من وقت لآخر عن "أحقيتها" في مثلث حلايب وشلاتين. وآنذاك، التقى وزير الدفاع السوداني، الفريق أول ركن عوض بن عوف، في الخرطوم مع مدير إدارة المخابرات الحربية المصرية، اللواء أركان حرب محمد فرج الشحات، وبحثا سبل الارتقاء بالتنسيق العسكري والأمني بين البلدين، والاتفاق على عقد اجتماع للجنة العسكرية المشتركة (دون تحديد موعد)، بهدف التنسيق بين الجانبين على الحدود. ودرج السودان على تجديد شكواه سنويًا أمام مجلس الأمن الدولي بشأن مثلث حلايب المتنازع عليه مع مصر في بداية كل عام، فيما يتطلب التحكيم الدولي أن تقبل الدولتان المتنازعتان باللجوء إليه. وفي أكثر من مناسبة ردت القاهرة على مطالبات نظيرتها السودانية، في تصريحات وبيانات رسمية، أن "حلايب وشلاتين أراضٍ مصرية، وتخضع لسيادتها". عاطف السعداوي، المحلل السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، يرى أن "مصر رأت أن فكرة التصعيد ضد السودان بشأن ملف حلايب لم تؤتِ ثمارها، وبالتالي اتجهت نحو مسار التبريد والتهدئة والتفاوض، وهو المدخل المناسب لتهدئة الحدود الجنوبية". ويشير إلى أنه مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، تسعى مصر لتبريد ذلك الملف المتأزم، وتصفير أزماتها الأخرى. ويرجع ذلك، وفق سعداوي إلى أن النظام المصري "لا يرغب في أن تكون قضية حلايب، نقطة سلبية تحسب عليه شعبيًا، كاتفاقية تيران وصنافير، ما قد يزيد من السخط الشعبي ضد النظام". **سد النهضة خلال الفترة الأخيرة، انحاز السودان إلى جهة إثيوبيا بعد أن كان مؤيدًا لمصر، في ملف سد النهضة الإثيوبي، الذي ترى القاهرة فيه خطورة على حقها المائي. وسبق أن أدلى وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور، في 20 نوفمبر الماضي بتصريحات كشفت الموقف السوداني من ملف السد، مؤكدًا أن "مصلحة بلاده في سد النهضة الإثيوبي تتمثل في أنه السد يحفظ على حصة مياه السودان التي كانت تذهب إلى مصر". ويأتي التحول السوداني، بعد نحو 7 سنوات من معارضة الخرطوم رسميًا تشييد السد سنة 2011، خشية التأثير على حصته المائية السنوية بعد أن أعلن الرئيس عمر البشير، تأييده لبناء السد أواخر 2013، موضحا أنه سيوفر كهرباء رخيصة لبلده الذي يعاني نقصا في الطاقة. ومؤخرًا أعلنت مصر "تعثر المفاوضات واتخاذ ما يلزم للحفاظ على الحقوق المائية للبلاد"، فيما أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، عدم السماح بالمساس بحصة مصر من مياه النيل.