الذي يطالب بحل جماعة الإخوان الان بعد الثورة لا يخرج فىرأيى عن أحد رجلين ، الأول .. حاقد يسوءه نجاح الإخوان فى الوصول لرأس السلطة وحوزتهم لثقة الشعب فى انتخابات البرلمان ، وبالتالى هو يرغب فى هدم هذا الكيان بأى شكل ، وتدميره بكل وسيلة ، الحقد من جانب هؤلاء يرجع إلى كونهم كارهين للمشروع الإسلامى أو هم من أتباع النظام السابق الذين عاثوافى الأرض فسادا وانتهت بقدوم الإخوان اًمالهم فى مزيد من التسلط على العباد والتكسب من المال الحرام. لا لوم على هؤلاء ولا محاولات ينبغى أن تبذل فى اتجاه اقناعهم بدور الجماعة فىإنجاح التماسك الوطنى والعبور بالثورة عموما إلى بر الأمان. الصنف الثانى صادق فى رغبته فى إرساء دولة القانون والمؤسسات، ولكن عنده شكوك حول الوضع القانونى للجماعة ، ولديه تساؤلات بشأن طريقة إدارتها ومصادر تمويلها ، معظم هؤلاء يتناولون المسألة بسذاجة شديدة ، ويتعاملون مع الأمر بسطحية مدهشة. خلاصة القول عندهم أنه بما أن الجماعة مشكوك فى وضعهافالأسلم هو ذبحها على مقصلة القانون ، والأحوط هو إعدامها على مشنقة دولة العدالة والديموقراطية. نسى هؤلاء أن القوانين الحالية والمنظمة للعمل المدنىهى صنيعة دولة الإستبداد ، تهدف فى مجملها إلى تقييد العمل الأهلى ، وإلى تعويق النشاط المجتمعى ، هذه القوانين فصلت بعناية لتمنع كل عمل جاد من التفوقوالإنتاج ، وتحرم كل فكرة صالحة من التأثير والانتشار. مثار الاستغراب هنا أن يأتى من يطالب بتطبيق ذات القوانين على مؤسسة وطنية ظلت تكافح لإصلاح المنظومة كلها وانتشال البلاد من سيطرة الفكر الواحد والحزب الواحد والفرد الواحد. الغريب أن تثورعلى نظام من هذا النوع ثم ما تلبث وأن تعود أدراجك لاستلهام نفس أدواته للتخلص من خصومك الذى هم فى الأصل شركاء النضال والثورة. الأمر يزداد غرابة عندما تكونقناعات هؤلاء متزايدة بشأن دور الإخوان فى النضال ضد النظام القديم ، وبالحقيقة التى تأكدت بضرورة تنظيمهم المحكم فىإنجاح الثورة وإنقاذهافى اللحظات الحاسمة ، ثم يكونوا هم أول المنادين بحل الجماعة والتخلص منها بمزاعم قانونية متهافتة. هم بذلك يعفون عقولهم بمنتهى البساطة من مهمة النظر فى ماَلات تفكيك منظومة وطنية ، وفى الاثار الكارثية المترتبة على حل مؤسسة قوية ساهمت فى تحقيق مكتسبات للشعب وللوطن. تصور معىنيرانا مشتعلة بإحدى البنايات ، السكان يستغيثون بمرفق الإطفاء لإنقاذهم وما من مجيب ، أحد المواطنين الذين يتصفون بالشهامة يمتلك سيارة مجهزة بمعدات الإطفاء تحرك لإنقاذ الموقف ونجح فى السيطرة على النيران ، بعض السكان الظرفاء - والأنذال فى نفس الوقت - أبو إلا أن يسلموا الرجل وسيارته ومعداته إلى السلطات - التى تقاعست أصلا - من أجل اتخاذ الإجراءات القانونية ضده ، وذلك بحجة أن سيارته غير مرخصة ، وأنه مارس عملا لا يدخل فى مجال اختصاصاته. هذا ما يحدث بالضبطمع جماعة الإخوان الاّن. ثمة جوانب أخرى فىالموضوع لا يدركها إلا أبناء الجماعة الذين تربوا فى أحضانها ، ولا يعيها إلا الذين أنفقوا من أوقاتهم وأموالهم وحريتهم فى سبيل قيام بنيان الإخوان وبقاءه وصموده. وهى جوانب إنسانية عميقة لا يجدى معها التجاهل والحل الإقصاء ، بل ستظل حاضرة فى نفوس مئات الالاف من الشباب والفتيات والنساء والرجال بل والأطفال. الجماعة بشكلها الحالى لم تنشأ بقرار حتى يمكن حلها بقرار بل هى منظومة متراكمة من العمل والجهد والخبرة والتضحية. لا أحد يملك حل الجماعة إلا بعد أن يتحلل من مؤسسها وشهدائها وأبناءها الذين قضوا سنوات شبابهم خلف القضبان فداء لدينهم وسعيا لإصلاح وطنهم ، يجب عليه أيضا إذا أراد أن يطمئن إلى أن جماعة الإخوان فى سبيلها إلى الفناء أن يفكك كل أواصرالأخوة والمحبة بين أفراد الإخوان وهى بالمناسبة روابط قوية ربانية تستعصى على الإضعاف ،ولا تملك أموال الدنيا أن تصنعها ولا أن تمنعها. ثم بعد ذلك عليه أن يتحمل أوزار ملايين اليتامى والأرامل والمساكين والعجزة والضعفاء جراء ما ستصير إليه أحوالهم بعد إغلاق مؤسسات الإخوان التى تنشر البر والخير وتحيط المجتمع بالعناية والعطف. المسألة ذات أبعاد قانونية وسياسية وأخلاقية ، الجانب الإنسانىوالوجدانىكما أوضحنا حاضر بقوة فى الموضوع. مناقشة هذه القضية يتطلب بحثا جادا من علماء التاريخ والاجتماع وأساتذة القانون والسياسة الوطنيين. المهم أن يمتنع الصبية والمرتزقة عن التشدق والمزايدة على الشرفاء ، وأن يكفوا عن التنطع أمام الشاشات بكلمات منمقة وعبارات منسقة. هؤلاء لا يعنيهم القانون بقدر ما يهمهم أن تخلو لهم الساحة لممارسة العربدة وإعادة إنتاج البلطجة ، وذلك بعد أن يطمئنوا إلى أن جماعة الإخوان قد تم إقصاؤها تماما ، وجرى القضاء عليها بشكلنهائى. [email protected]