«تصريحات وردية، لن يسفر عنها أي جديد، المطالب لم تتحقق، البند الخامس، تحديد مُدة ملء السد، الاتفاق لا يكون شفهيًا، لا بد من توثيقه»، هكذا علق خبراء مياه، على القمة الثلاثية التي عُقدت بأديس أبابا اليوم، بين كل من الرئيس عبد الفتاح السيسى والرئيس السوداني عُمر البشير، ورئيس الوزراء الإثيوبي هيلاماريام ديسالين، وسط تأكيدات أن أزمة «سد النهضة» ستظل قائمة. وفي عرضه لما تطرقت إليه القمة، أكد السفير بسام راضي المُتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أنها اتسمت بالشفافية والمصارحة، حيث تم استعراض تطورات المفاوضات الجارية في إطار اللجنة الوطنية الثلاثية حول سد النهضة، وسبل التغلب على ما يواجهها من عراقيل، لاسيما فيما يتعلق بصدور الدراسات المكلف بإعدادها المكتب الاستشاري. وأوضح أن قادة الدول أكدوا مشاركتهم لرؤية واحدة إزاء مسألة السد تقوم على أساس اتفاق إعلان المبادئ الموقع فى الخرطوم، وإعلاء مبدأ عدم الإضرار بمصالح الدول الثلاثة في إطار المنفعة المشتركة. المُتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، ذكر أن رئيس الوزراء الإثيوبي أكد أيضًا أن المزارعين فى مصر والسودان لن يتأثروا سلبًا بسد النهضة، مؤكدًا أن عدم الإضرار بمصالح شعوب الدول الثلاث هو الأساس الذي تنطلق منه المفاوضات. الدكتور عباس شراقي، رئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، قال إن جميع التصريحات التي خرجت من القمة الثلاثية التي عقدت اليوم، لا تخرج عن كونها تصريحات وردية تم تردديها كثيرًا ولن تسفر عن أي نتائج إيجابية، لا سيما تصريحات الجانب الإثيوبي، مضيفًا أن تلك التصريحات لا يوجد على أرض الواقع ما يؤكدها أو ما يطمئن المصريين. وأضاف أن قمة اليوم، كانت على هامش القمة الإفريقية المنعقدة بإثيوبيا، ولم تكن خصيصًا للحديث عن سد النهضة، وغالبًا الاجتماعات التي تأتي على هامش إحدى الاجتماعات، لا يمكن عرض المسألة أو القضية فيها بشكل واسع، ولكن تكون التصريحات فيها حسن نوايا وللطمأنة فقط. وخلال حديثه ل"المصريون"، أضاف شراقي، أن هناك محاولات كثيرة تمت من أجل التوصل لاتفاق بشأن النقاط الخلافية بين الدول الثلاث، أخرها زيارة رئيس وزراء إثيوبيا للقاهرة، وقبلها زيارة وزير الخارجية المصري لإثيوبي، مؤكدًا أن تلك الزيارات لم تثمر عن نتائج إيجابية حتى اللحظة. وتساءل: "هل هناك اتفاق سري تم بين الجانبين لا أعتقد أن اتفاق تم"، متابعًا: "آخر اجتماع اللجنة الفنية كان في القاهرة في النصف الأول من ديسمبر الماضي وبعده أعلنوا فشل المفاوضات، ومنذ أيام أعلنت إثيوبيا الرفض التام لمشاركة البنك الدولي في المفاوضات". الخبير المائي، قال إن الحل الجذري هو تفعيل البند الخامس من إعلان مبادئ سد النهضة والذي ينص على التعاون في الملء الأول وإدارة السد، مشيرا إلى أن مصر لها سابق خبرة في سد "أويند" على بحيرة "فيكتوريا" في أوغندا، لذا من المفترض أن يتم تشكيل مجموعة فنية من المهندسين من مصر السودان وإثيوبيا، على أن يكون مقرهم الدائم في منطقة السد. وأردف قائلًا: "الغرض منها متابعة كمية الأمطار وكل شيء يتعلق بالسد، وبناء على المعلومات التي سيتم توفيرها، يتم الاتفاق على سنوات ملء السد، ولكن لا بد أن يكون الاتفاق مكتوبًا وليس بشكل شفهي". رئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، نوه بأن السد أصبح واقعًا ولا بد على مصر أن تبحث عن طريقة للخروج بشكل لائق، وعليها أيضًا الخروج بأقل الأضرار، إضافة إلى أن الانتهاء من ملء السد لا يجب أن يتم إلا وقد تم عقد اتفاق. واختتم حديثه قائلًا: "اللي نقدر نطلع بيه من اللقاء أنه إثيوبيا رفضت رفضا نهائيا مقترح مصر الخاص بوجود خبراء دوليين سواء من البنك الدولي أو من غيره وده باب أغلق نهائيًا ولن يتم فتحه مرة أخرى، لكن هناك باب آخر تم فتحه مرة أخرى وهو أن للجنة الثلاثية ستعاود الاجتماع مرة أخرى وتناقش النقاط الخلافية فيما بينه والجديد أن الأجواء ستكون أفضل عما سبق". أما، هاني رسلان، رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، علق على القمة الثلاثية التي استضافتها العاصمة الإثيوبية أديس أبابا اليوم الاثنين، عبر حسابه على "فيسبوك": "القمة الثلاثية لسد النهضة في أديس أبابا.. خطوتان إلى الوراء". واتفق معه في الرأي، الدكتور نور أحمد نور، الخبير المائي، فقال إنهم منذ بداية العمل في السد وهم يؤكدون أنه لن يضر بأمن مصر المائي، لكن ذلك لم يحدث، مضيفًا: "أريد أن أعرف ما معنى أمن مصر المائي، هناك مفاهيم كثيرة لمعنى أمن مصر المائي، وهو عندي ضمان حصة مصر المقدرة 55.5 مليار متر مكعب، عندما يؤكدون ذلك ويتحقق على أرض الواقع، يكون هناك تقدم فعلي، وهذا مطلب من حملة مطالب كثيرة". وتابع: "هناك مسارين طالبنا بهما سابقًا، الأول أن تسير مصر على المستوى الدبلوماسي عن طريق وزارة الخارجية، أما الثاني فكان مسار الرئاسة والمفاوضات الآن تجرى على المسار الرئاسي، وتعتبر القمة الإفريقية فرصة للانعقاد لمناقشة المسألة". وأوضح خلال تصريحه ل"المصريون"، أن الرئيس السيسي يطمئن بأنه لا ضرر بأمن مصر المائي، لكن المؤكد أن كل هذه التصريحات لا تعبر عن حقيقة. الخبير المائي، لفت إلى أن المطالب المصرية والممثلة في المكاتب الاستشارية وضرورة مناقشة الدراسات البيئية والاقتصادية والاجتماعية لمعرفة أثار السد السلبية على مصر، لم تتحقق، وبدونها لا يمكن أن يطمئن أحد للتصريحات التي تصدر من هنا أو هناك أو على لسان المسؤولين. ونوه بأن النقطة الثانية المطلوبة زمن ملء السد، والمنصوص عليه في إعلان المبادئ، إضافة إلى النقطة الثالثة المتعلقة بالآثار السلبية، وكل هذا لم يتحقق. وأشار إلى أن المعدل الذي يسير فيها بناء سد النهضة، أعلى من المعدل التي تسير به المفاوضات، ومصر لا سبيل أمامها إلا المفاوضات سواء استغرق سنة أو 5 أو أكثر، أما الصدامات لا تفيد، والصدام هم يريدونه وقد تم تجربته سابقًا ولم يسفر عن أي نتائج إيجابي.