منذ أول لحظةٍ تم فيها إعلان فوز د/ محمد مرسى رئيسًا لمصر الثورة، وفى لحظة تاريخية عجيبة وعصيبة ومع أول تكبيرة صرخت بها حناجر جماهير شعبنا العظيم فرحانة بثورتها ورئيسها الجديد – فى هذه اللحظة بكيتُ فرحًا لمصر عُرسها وعَريسها، وبكيتُ إشفاقاً على هذا الرجل الذى وُلد من رحم الثورة بعد مخاضٍ شاق لا مثيل له شاءت فيه قدرة ربنا اللطيف بعباده أن ترسو بنا سفينتنا على بر الأمان وشاطئ النجاة. ورأيت أن أكتب إليه فى لحظة هو أحوج ما يكون فيها إلى الناصح الأمين فالدين النصيحة، وأسأل الله أن تصله كلماتى مسبوقة بدعواتى وأن يجعله أهلاً لهذه التبعة، وأن يُثقِّل موازينه ويُثبِّت خطاه. أيها الرئيس كنت صريحًا معنا منذ اللحظة الأولى التى عرفناك فيها، لمسنا فيك بساطة الرِّيفى ودماثة خلق المتحضِّر المدنى ورجاحة عقل السياسى والمفكر والعبقرى.. القرآن يجرى على لسانك والحق واضح فى بيانك، عرق الفلاح يلمع فى جبينك، وصدق الإيمان مستقر فى دينك والعزم واضح فى يقينك وحنو الأب واضح فى حبك وحنينك. اختلط فيك عرق الفلاحين والعمال الكادحين بمداد الكُتَّاب وأساتذة الجامعة والمثقفين بدماء الشهداء الثوريين، بدموع المرضى والثكالى، بأنات الجياع المحرومين، بآهات سكان المقابر وأطفال الشوارع والشباب المغتربين، بآمال شعبك مسلمين ومسيحيين بتاريخ مصر الجديدة وامتداده عبر آلاف السنين، فكوَّن ذلك كله عندك منظومة أمة ومشروع نهضة وأهداف ثورة. أيها الرئيس عاهدتَ ربك أن تكون خادمًا لشعبك فأطع الله فيه وصِلْ حَبلك وقلبك بربك الرحمن الرحيم وبشعبك الذى اختارك وأعطاك قلبه وانحاز لفصيل الثورة.. من وافقك منهم فكن له كما قال ربك لنبيه {واخفض جناحك للمؤمنين}، ومن خالفك فكن له كما قال ربك لنبيه {فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر}، واختر بطانة خير لا تكون غاشَّة لك ولدينها وشعبها، بل تعينك على تحمل التبعة فالإرث ثقيل والطريق طويل!! ولتعلم بأن الرائد لا يكذب أهله، فكن صادق الوعد وانهض بمصر وشعبها لترفع جبينها كما كانت حُرَّة أبيَّة رائدة فتيَّة عملاقة بين الأمم وليباهى كلُ مصرى بمصريته هنا وهناك. وحافظ على تراب وطنك ودماء شعبك وتراث قومك وأصول دينك وثوابت أمتك.. وأعطِ كل ذى حق حقه فمصر لكل المصريين. ولتعلم أن الله سائل كل راعٍ عما استرعى (فهذه مصر) أمانة فى عنقك، فلتجعل سنوات حكمك ضريبة تدفعها من دمك ونبض قلبك وأنت أول رئيس بعد ثورة مباركة أطاحت بظلم لتقيم عدلاً، وليكن شعارك قول فاروق الأمة عمر (أنا لو نمت بالنهار ضيَّعت رعيتى، ولو نمت بالليل ضيَّعت نفسى) فكن صوامًا قوامًا مجاهدًا رافعًا رأسك فى أول أيام حكمك وقل متفاخرًا (هذه مصر الحرة وأنا قائد الثورة). وبالله لا تكسر فرحة شعبك ولا تهدر طاقته ولا تضيِّع هدفه ولا تفقده أمله فى حياة حرة كريمة، وليكن رأى الشعب فيك بكل صدق ودون مدح (هذا رجل يحبنا ونحبه). أيها الرئيس يا رئيس مصر الثورة، ويا قائد مصر الحرة، إن التبعة شاقة وإن الحق ثقيل فمن يرضى بحمله قليلون، وإن الباطل خفيف لذا يسارع بحمله الكثيرون، فلتعلم أن الله الذى أكرمك والرسول الذى علمك والدين الذى أنجبك لن يرضى منك إلا بتطبيق شرعه وشريعته. وإن الأمة التى أفرزتك والأرض التى أطعمتك والثورة التى قدمتك والأصوات التى اختارتك لن تقبل منك إلا الحق والعدل والخير. فهيا انطلق فأنت قلبنا النابض ونحن منك السمع والبصر!!