يخرج كعادته كل يوم من بيته البسيط بصحبة مرافق له حتى طريق مصر - أسوان الزراعى، ليمارس مهنته الوحيدة، رغم أنه فقد البصر، لكن ببصيرته لم يفقدها حتى اليوم، كونه يعيش على أمل ربما يتحقق يوما من الأيام، أن يجد دكانا من المحافظة يساعده على الوقوف فيه ليرتزق منه بدلا من مهنته التى يمارسها على مدار سنوات طويلة، وهى الجزارة، رغم أنه كفيف إلا أنه يقوم بتنظيف المواشى والخراف والماعز وجميع الحيوانات بعد ذبحها ويعلقها بنفسه دون أن يصاب بجرح واحد. يمسك نادى على رياض، 40 عاما، من قرية المحرص مركز ملوى جنوبالمنيا، بسكينته الحادة وكأنه يمسك بعصا يرتكز عليها بأصابعه وهى تمسك بالسكين من ناحية واليد الأخرى تمسك اللحوم عند تقطيعها وبيعها للزبائن، حيث تشعر أنك أمام "جزار محترف" فى مهنته التى مارسها منذ سنوات طويلة. يعيش عم نادى – كما يلقبه الأهالي- فى غرفة مسقوفة بالخشب ودورة مياه، ، فى يده سكينتان وسلبة، وحامل لرفع المواشي، ويجلس فى انتظار زبائنه لذبح مواشيهم والحصول على ما تيسر من المال. العجيب أن القاصى والدانى يقف على طريق مصر - أسوان الزراعى ينظر إليه أثناء ذبح المواشى بحرفية شديدة بأصابع يقول إنها ذهبية كونها الوحيدة التى تساعده على جلب الرزق من المواطنين. وأضاف أنه ورث هذه المهنة عن والده، ويمارسها منذ ربع قرن، واشتهر بين الجزارين على الرغم من أنه كفيف، وذاع صيته بين أبناء مهنته لسنوات، إلا أنه عاد يقول إنه ملّ من هذه المهنة، مؤكدا أن أمله الوحيد أن تقدم له المحافظة كشكا أو دكانا من الأولى بالرعاية. وأوضح: عمرى كان 6 سنوات، حينما بدأت المهنة، وعندما بلغت 18 عاما أصبت فى حادث أفقدنى البصر إلى جانب أننى أصبت بحمى فقدت فيها أملى فى الإبصار بعد أن جلست قعيدا فى منزلى لمدة 5 سنوات لم أفعل شيئا سوى أن أُعالج، ولكن حمدت الله على تلك المصيبة. وتابع قائلا: بعد أن شفيت من مرضى عدت للعمل مرة أخرى وتزوجت بإحدى قريباتى وأنجبت بنتين، وحاولت زوجتى أن تعمل معي، لكنى رفضت وفضلت أن أمارس مهنة آبائى وأجدادى وفضلت العمل فى الجزارة، لأن الناس لم تقبلنى أن أعمل لديهم كونى فقيد البصر. وأكد أنه يحب أن يعيش بالحلال ومن عرق جبينه، على الرغم من أن مكسبه لا يتعدى 50 جنيها فى اليوم، لا تكفى لمصاريف علاجه ومعيشة أولاده فى المدارس، على الرغم من أن تلك المهنة شاقة لكن ليس لديه بديل عنها، خاصة أن مصاريف نقل المواشى من السلخانة والنقل إلى محل إقامته تكلفه الكثير.