متخصص: وسيلة نصب لجمع الأموال.. وقانوني: لا يعد إثبات شخصية.. وقضاة: الكارنيه لا قيمة له وغير موثق من وزارة العدل "1500جنيه.. وكن محكمًا دوليًا واستلم كارنيه مستشار تحكيم دولي" .. تلك العبارة التى تكمن فى كلمات بسيطة كانت الأكثر رواجًا فى الفترة الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعى، وإحدى وسائل النصب الحديثة لجمع الأموال من راغبى السلطة المزيفة مقابل حصولهم على كارنيه يحمل لقب مستشار قد يساعدهم فى إنهاء أوراق فى مؤسسة ما أو يضفى عليهم جو السلطة. "المصريون"، حاولت إلقاء الضوء على عمليات النصب التى تجرى باسم التحكيم الدولى، خاصة بعد انتشار فيسبوك بإعلانات تروج لفكرة الحصول على الكارنيه بمبالغ متوسطة ووجود مستجيبين لتلك الإعلانات. البداية التحكيم الدولى هو الأسلوب الرئيسى لحل وتسوية النزاعات الناشئة عن الاتفاقات التجارية والعلاقات الدولية، كما هو الحال فى التحكيم بشكل عام، ويعتمد على العقود، ما يعنى أن الأطراف قد قررت أن تقوم بتقديم المنازعات لتصل إلى قرار ملزم من قبل طرف أو أكثر من المحكمين، والذين يتم اختيارهم من قبل، أو بالنيابة عن الأطراف المتنازعة، وغالبًا ما يتم تضمينهم فى العقود المبرمة بين الأطراف. وتم إقرار التحكيم الدولى ليسمح للأطراف المتنازعة القادمة من خلفيات قانونية وثقافية مختلفة بتسوية نزاعاتهم، بدون الخوض فى شكليات النظام القانونى لكل طرف، فضلاً عن أن التحكيم يتمتع بشعبية متزايدة - فى مجال الأعمال بشكل خاص والمجالات الأخرى فى العموم- على مدى ال50 عامًا الماضية بشكل دولي. مواطن: "بيسهلى حاجات كتير" "عملت الكارنيه وبطلعه فى أماكن كتير وبيسهلى المصالح"، بتلك الكلمات بدأ محمد.س، 35 عامًا، موظف، تجربته مع كارنيه مستشار التحكيم الدولي، مضيفًا أنه لا يعلم حتى ما معنى كلمة تحكيم دولى أو فيما تستخدم تلك المحاكمات فكل ما يهمه هو إبراز لقب مستشار فى وجه كل مشكلة تواجهه لعل اللقب المزيف يكون السبب فى نجاته من تلك المشكلة. وتحدث محمد، عن طريقة حصوله على الكارنيه بأنه شاهد إحدى الصفحات والتى تزيل صفحتها باسم للتحكيم الدولى تروج لدورة تدريبية مدتها 4 أيام للحصول على الكارنيه، مضيفًا أنه دفع مبلغ 1500 جنيه للحصول على الدورة ولكنه لم يحضر أى من تلك المحاضرات لأنه علم أثناء سداد الاشتراك أن حضوره وعدمه سواء وأن حصوله على الكارنيه أساسى لا محال منه ففضل عدم الحضور وحصل بعدها على الكارنيه بشكل سهل. أحد المُحكمين: نظام معروف دوليًا ويتم اللجوء له بدلاً من القضاء وبتكثيف البحث خلال إجراء التحقيق، تبين أن هناك جهات بالفعل موجودة فى مصر وبشكل قانونى تمنح كارنيه التحكيم الدولى ولكن ليس بالشكل الذى تروج له إعلانات فيسبوك بطريقة سهلة، وبالاتصال هاتفيًا بأحد تلك الأماكن والاستفسار عن التحكيم وعمله وطريقة الحصول على الكارنيه، رد المجيب على الهاتف والذى فضل عدم ذكر اسمه أن التحكيم الدولى نظام معروف دوليًا ويتم اللجوء له منعًا للجوء للقضاء فى أى اختلاف بين طرفين، مضيفًا أن لجنة التحكيم تتكون من 3حكام اثنين وكيلين عن طرفى المشكلة والثالث يكون محكم وسط لإنهاء المشكلة المقام بسببها التحكيم. وعن كيفية الحصول على لقب محكم قال: إن اللقب أكبر من دورة يتم خوضها فى 4 أيام فقط ولكن المحكم الدولى لابد من خوضهم لأكثر من 12 دورة تدريبية بعدها يتم تسجيله فى نقابة التحكيم الدولى وهى نقابة مشهرة ومعروفة دوليًا ولابد للحصول على الدورات من أماكن معترف بها، مشيرًا إلى أنه فى مصر حوالى 5 هيئات معترف بها للحصول على لقب محكم بعد أخذ الدورات بتلك الأماكن. وأضاف أن الدورات التى يحصل عليها المتقدم تكون عبارة عن تعريفه بالتحكيم الدولى وكيفية التعامل مع القضايا التى يتم فيها التحكيم ووضع عدة قواعد له ويشترط أن يكون المتقدم حاصلاً على مؤهل عال بدرجتيه البكالوريوس أو الليسانس ، ولا يسمح باستقبال أى طالب حاصل على أقل من تلك الدرجات وذلك طبقًا للقانون الدولي. ولفت إلى أن المتقدم يتم معرفة المجال الذى تخصص فيه فخريج الهندسة يدرس قضايا خاصة بمجاله وكيفية التعامل معها وهكذا فى باقى المجالات وليس أى شخص يحكم فى أى مجال بعكس المحاسب فالهيئة بالأمم المتحدة أعطت الحق للمحاسب التحكيم فى كل القضايا بجميع أنواعها باعتبار أن المسألة الخلافية فى المقام الأول قائمة على المحاسبة. واستدرك أنه بعد الحصول على الدورات التدريبية، يحصل المتدرب على لقب مُحكم ج وليس هناك لقب "مستشار" ويستمر فى التدرج فى المهنة حتى يصل للقب محكم دولى كالتدرج فى المحاكم القضائية بالضبط وبعدها يتم تسجيله بالنقابة الخاصة بالتحكيم ويصبح محكمًا دوليًا قانونيًا بعدها ويتم انتدابه للتحكيم بعد ذلك بشكل قانوني، مشيرًا إلى أن الأماكن التى تروج لمنح لقب مستشار انتهزوا الفرصة للنصب على المواطنين فقط. وأشار إلى أن هناك عدة أسباب تدفع الأطراف المتنازعة لحل منازعاتها الدولية عن طريق التحكيم، والتى تشمل الرغبة فى تجنب عدم الدقة وتجنب الممارسات المحلية المرتبطة بالمحاكم الوطنية والحصول على قرارات أسرع وأكثر كفاءة. رفعت السعيد: لا يعتبر وسيلة إثبات شخصية بينما قال المستشار رفعت السيد، رئيس محكمة جنايات القاهرة الأسبق، إن كارنيه التحكيم الدولى بلفظ مستشار لا يعتبر وسيلة إثبات شخصية ولا يعد انتحالاً لصفة لأن تلك الصفة غير موجودة من الأساس. وشرح السيد، قوله بأن هناك مراكز الهدف منها إعطاء دورات تدريبية من يرغب فى تعلم أمر معين، وللتحكيم قانون ينظمه فى مصر يجيز فض المنازعات بين الأفراد أو حتى بين الأفراد وبين الدولة من خلال هيئات تحكيم قد تتكون من فرد واحد أو من أكثر من فرد شريط أن يكون وتر "عدد فردى". وأضاف رئيس محكمة جنايات القاهرة، أن تعلم التحكيم ليست وظيفة وإنما دراسات ومن يتعلم تلك الدراسات يضع خبرته لمن يرغب فى شرائها عند الحاجة فى مقابل قبوله للتحكيم فى المشكلة، مشيرًا إلى أن أعضاء المحاكم القانونية القضاة فيها يطلق عليهم قضاة لأن كلمة مستشار تطلق على كل من يستشار فى أى أمر فالزبال مستشار فى اختصاصه وهكذا السباك والجزار فليس هناك صفة اسمها مستشار لذلك لا وجود لجريمة انتحال الصفة. وتابع السيد، أن الهيئات الخاصة بتدرب المحكمين تعطى شهادات تبين أن الشخص درس تلك القوانين الخاصة بالتحكيم، وأنه على قدرة بممارسة التحكيم ولا تعطى كارنيهات تحمل لقب مستشار ومن يفعل ذلك يعتبر نصابًا وليس له قيمة ولا يعترف بها فى أى مكان ولا تعتبر إثبات حالة. مهران: التحكيم يتم من خلال اللجوء إلى هيئات معترف بها لاختيار المحكمين وقال أحمد مهران، أستاذ القانون بكلية الحقوق جامعة بيروت، ومدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، إن التحكيم الدولى هو نظام من أحدث الأنظمة القانونية المعترف بها فى دول أوروبا وفى العالم أجمع، ويستخدم التحكيم فى العديد من الأمور التى لا يتم اللجوء للقضاء فيها، مثل بنود التعاقد فى العقود التجارية والصناعية والاستثمارية ذات الطابع الدولى وفى منازعات الاستثمار وعقود البنوك والملكية الفكرية والتحكيم الهندسى وعقود البترول وغيرها، كعقود استيراد السلع أو المواد الغذائية أو الصناعية على سبيل المثال . وأضاف مهران، أنه لابد أن يكون هناك شرط من الشروط داخل العقود ينص على أنه فى حالة عدم التزام كل طرف من أطراف العقد بالالتزامات الخاصة به لا يتم الالتجاء إلى القضاء وإنما إلى هيئة تحكيم وهنا تتمثل أهمية مستشارى التحكيم الدولى حيث تكون الهيئة مكونة من 3 أو 5 أو 7 مستشارين يصدرون الأحكام حيث تكون الأحكام ملزمة على الجميع بموجب حكم من المحكمة، فضلاً عن وجود ميل للجوء إلى مكاتب التحكيم عوضًا على اللجوء إلى المحاكم نظرًا لأنه أيسر وأسهل على الأطراف المختلفة داخل المحكمة . وتابع مهران، أن التحيكم يتم من خلال اللجوء إلى مركز أو هيئة معترف بها لاختيار المحكمين، مشيرًا إلى أنه من الضرورى اتباع العديد من الخطوات قبل الدخول إلى مثل تلك المراكز وهى التأكد من أنها معتمدة بالفعل نظرًا لانتشار ووجود المراكز غير المعتمدة والتى تدعى اعتمادها . ولفت مهران، إلى أنه بمرور الوقت ظهرت الكثير من مراكز التحكيم على الدولى فى أنحاء الجمهورية والتى استغلت حالة الجهل التى تخيم على الكثير من الفئات الشبابية والمجتمعية، وادعت أنها تؤهل المتقدمين للدورات ولاسيما المحامين ليصبحوا مستشارين تحكيم دولى، وتعطيهم فى نهاية الدورة كارنيه بصفة مستشار تحكيم دولى رغم أن تلك المراكز والمصادر غير معتمدة وغالبًا ما تكون جمعية أهلية أو شركة أو مؤسسة تعطى دورات كما أنها تعمل بمظلة غير قانونية للتربح على حساب آمال وأحلام الكثير من الشباب الغافل فما يقدم فى تلك المراكز عبارة عن معلومات عامة، يشرح طبيعة عمل المحكم الدولى فقط، لافتًا إلى أن الكارنيه الذى يحصل عليه المتدرب فى نهاية الدورة لا قيمة له وغير موثق من وزارة العدل. فوزى: شروط تنفيذ حكم التحكيم جبريًا يقول محمد فوزى المحامى بالنقض: إن تنفيذ الحكم أيًا ما كان طبيعة هذا الحكم، هو الهدف المرجو من إجراءات المحاكمة والدافع للخصومة ومحاولة الفوز بأكبر قدر من المكاسب لذا يمكن اعتبار لحظة التنفيذ هى أعلى قمة للخصومة التحكيمية، حيث لا يوجد بعدها شىء، ولقد نظمت المادتان 56 , 58 من القانون 27 لسنة 1994 إجراءات تنفيذ حكم التحكيم وهى مختلفة عن إجراءات التنفيذ المعتادة والمنصوص عليها فى قانون المرافعات المصرى وتلك المنصوص عليها فى قانون التحكيم سالفة البيان وخاصة وأضاف فوزى ل"المصريون": إذا كان التحكيم يخضع لأحكام قانون التحكيم المصري، فإنه يكفي استصدار أمر بتنفيذ حكم التحكيم من رئيس المحكمة المختصة وتختلف هذه المحكمة وفقاً لنوع التحكيم، فإذا كان التحكيم لا يتمتع بصفة التحكيم التجاري الدولي، ينعقد الاختصاص لرئيس المحكمة المختصة أصلا بنظر الدعوى،أما إذا كان التحكيم يتمتع بصفة التحكيم التجاري الدولي، ينعقد الاختصاص لرئيس محكمة استئناف القاهرة ما لم يتفق الطرفان علي اختصاص محكمة استئناف أخري في مصر. وتابع فوزى: يفرض القانون علي هيئة التحكيم أن تسلم إلي كل من الطرفين صورة من حكم التحكيم موقعة من المحكمين الذين وافقوا عليه خلال ثلاثين يوما من تاريخ صدوره م 44/1، ويحرر كاتب المحكمة محضراً بهذا الإيداع ويجوز لكل من طرفي التحكيم طلب الحصول علي صورة من هذا المحضر ومصلحة الصادر لصالحة الحكم تحتم القيام بهذا الإجراء حتى يتمكن من تنفيذ الحكم طبقا لما جاء المادة 56/4 من قانون التحكيم المصري، ويتم إيداع أصل الحكم أو صورة منه باللغة التي صدر بها أو ترجمة باللغة العربية مصدقاً عليها من جهة معتمدة إذا كان صادراً بلغة أجنبية وذلك في قلم كتاب المحكمة المختصة، ويجب استيفاء مجموعة من الإجراءات حتى يتم تنفيذ حكم التحكيم جبرياً بمساعدة رجال السلطة العامة، والتى تتمثل في إيداع الحكم قلم كتاب المحكمة المختصة وانقضاء ميعاد رفع دعوى بطلان على الحكم وترفع دعوى بطلان حكم التحكيم خلال التسعين يوماً التالية لتاريخ إعلان حكم التحكيم للمحكوم عليه.