أبدى قيادات وأعضاء بجماعة "الإخوان المسلمين"، أثناء جلسات محاكمتهم الأخيرة، استياءهم الشديد إزاء ما يتعرضون له من انتهاكات مستمرة بمحبسهم، ومن التعنت الذي تمارسه إدارة السجون ضدهم، فضلًا عن عدم السماح لذويهم بالزيارة، وعزلهم عن العالم الخارجي، وكذا عن النزلاء الآخرين بالسجون. ولم تكن هذه المرة الأولى التي يشكوا فيها هؤلاء من معاملتهم داخل السجون، فقد أضحت تلك الشكاوى متكررة، وصدرت على لسان أكثر من شخص من قيادات الإسلاميين بالسجون. وكان الرئيس الأسبق محمد مرسي، آخر من اشتكى من سوء المعاملة داخل السجون، إذ قال خلال محاكمته في القضية المعروفة إعلاميًا بقضية "اقتحام السجون"، إبان ثورة 25 يناير 2011، إنه لم يرَ دفاعه منذ شهور، وإن كلام الشهود لا يتمكن من الرد عليه. وأضاف أن الشاهدة التي أدلت بأقوالها في الجلسة الماضية، حاول الرد عليها؛ لأنها ذكرت كلامًا غير صحيح، ولم يتمكن من ذلك. وشكا مرسي من الحاجز الزجاجي العازل للصوت داخل القفص المودَع به، قائلاً إنه معزول تمامًا عن المحكمة والجلسة، ولا يرى هيئة المحكمة ولا تراه، مضيفًا: "أنا محاصَر، سواء في مكان إقامتي أو في مكاني هذا، وأنا أحاكم غيابيًا". وقال طلعت فهمي، المتحدث باسم جماعة "الإخوان المسلمين"، في بيان، إن ما يتعرض له مرسي "هو سابقة لم تحدث من قبل في أي من المحاكمات، سعيًا لقتل أول رئيس مدني منتخب معنويًا، كل جريمته أن الشعب المصري اختاره رئيسًا له". وأضاف: "هذا انتهاك للقانون الدولي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان في أحد عشر من مواده، كما يعد انتهاك للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في ست من مواده، ورغم ذلك لم تتحرك هذه الجهات الدولية لوقف تلك الانتهاكات حتى الآن، دفاعًا عن مبادئها وقوانينها – على الأقل – فضلا عن إهدار كل الضمانات والمعايير الدولية للمحاكمات العادلة في قضايا سياسية". وأشار إلى أنه تم منع الزيارة عن مرسي قرابة أربع سنوات سواء من أهله أو محاميه، ويتعرض لتدني الرعاية الصحية، وسوء التغذية، خاصة أنه تعرض مرتين لغيبوبة السكر ولم يتم إسعافه. كما اشتكى الدكتور محمد بديع، المرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمين"، من سوء المعاملة، قائلًا: "نعامل معاملة لا يعاملها القتلة الفعليون ولا المجرمون المحترفون، ولا يعاملها تجار المخدرات في السجون، متابعًا "أطالب أن أعامل معاملة إنسانية كريمة في سجني". كذلك، استنكر أسامة مرسي، نجل الرئيس الأسبق محمد مرسي، عدم سماح إدارة السجون لأسرته بزيارته، قائلاً إنه لا يرى أحد ولا أحد يراه منذ فترة طويلة، ولا يعلم تهمته حتى الآن. وأضاف خلال محاكمته في القضية المعروفة إعلاميا ب"فض اعتصام رابعة العدويه"، أنه محبوس انفراديًا بما يخالف القانون، وأنه لم يرى عائلته منذ فترة طويلة على الرغم من حصولهم على تصاريح عديدة. وتابع نجل مرسي: "محبوس في العزل في العقرب في زنزانة انفرادي، مبيدخلش ليا علاج، ومبخرجش تريض، وبنام على الأرض، ومش مسموح ليه بالزيارة". أيضًا، الدكتور باسم عودة، وزير التموين الأسبق، كان من بين الذين أبدوا غضبهم تجاه ما يتعرض له داخل محبسه، ما أثار تضامنًا واسع معه، عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وقال عودة أثناء جلسة محاكمته الأخيرة: "أربع سنين حبس انفرادي؟ آكل لوحدي، أنام لوحدي، أصلي فرض ربنا لوحدي؟ رمضان عدى عليا أربع سنين بفطر لوحدي، مامعيش حد أفطر معاه". وتساءل: "طوال 4 سنوات بأي منطق؟ أنا عايز أفهم يعني.. بالشرع والدين ولا بالدستور والقانون، ولا بالشهامة اللي عند المصريين، إني مشوفش ولادي ومشوفش والدتي وزوجتي"، واصفا ما يحدث له ب"القتل الممنهج". ولم تقتصر القائمة على هؤلاء فقط، بل اشتكى الدكتور عصام العريان، القيادي بالجماعة، والدكتور عصام سلطان، نائب رئيس حزب الوسط، وأيضًا أحمد عارف، المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين، وجهاد الحداد، وغيرهم كثير من أعضاء وقيادات "الإخوان"، من عدم الحصول على معاملة إنسانية داخلا السجون، وأيضا منع العلاج عنهم. إسلام الكتاتني، الباحث في الحركات الإسلامية قال إن "هناك تقارير محلية ودولية كثيرة تؤكد صحة شكاوى قيادات "الإخوان" داخل السجون، والسلطة لابد أن توفر لهم الرعاية الكاملة؛ كسائر المسجونين". وفي تصريح إلى "المصريون"، أوضح الكتاتني، أن "كثيرًا من هؤلاء مسجونين منذ فترة طويلة، وبعضهم لا يعرف تهمته حتى الآن، ولا يعرف مصيره، وذلك يدفعهم للاستغاثة والشكوى، وهذا حقهم". وتساءل الكتاتني عن أسباب منع العلاج عنهم، وأيضًا عن الفائدة من وراء الانتهاكات التي يتعرضون لها داخل السجون، محذرًا من أن ذلك سيؤدي إلى زيادة الغضب والنقم على النظام. واستطرد: "هذا الأمر يساعد على تشويه صورة مصر دوليًا وتأكيد تقارير منظمات حقوق الإنسان الدولية، التي تشير إلى أن المسجونين في مصر يتعرضون لانتهاكات جمة، ولا يحصلون على أبسط حقوقهم القانونية، ولا يطبق عليهم لوائح السجون، مطالبًا السلطة الحالية بالكف عن تلك الممارسات، وتقديم معاملة كريمة للجميع، طالما أنه يحاكم أمام القضاء.