نجحت الثورة فى إسقاط النظام السابق الذى كان الهدف الرئيسى لولادة الثورة، والذى من أجله تشكلت اللُحمة بين كل شرائح وأطياف وتيارات الشعب المصري. خرج فى تلك الثورة الشباب والشيوخ والنساء والرجال صغاراً وكباراً رغبة فى التخلص من: الاضطهاد، والظلم، والفقر، والمرض، الذى استشرى ونخر الأجساد مقابل قلة الدواء. وإلى هنا نبارك ونحى كل من كان وراء نجاح الخطوة الأولى. فلماذا لم يبقَ ذلك التلاحم حتى تحقيق المرحلة الانتقالية الأهم؟ لماذا تشتت وأصبحت فرقاً كل فرقة تُتبع ولا تَتبع؟ لقد تناثرت الجهود والآمال، وأصبح المتظاهرون ينساقون وراء اهتمامات لا تخدم مصر، وضد مصالح الشعب، وقد يكون ذلك ناتجًا عن جهالة البعض؛ حين اهتم بما أصدرت المحكمة من قرارات على مبارك وأعوانه. فالناس بين رافض للحكم ومؤيد ومتعاطف، ولربما الحكم أفضل لأنه يموت كل يوم أكثر من مرة ولو حكم عليه بالإعدام لكان الأمر أهون له لأنه سيموت مرة واحده اللهم لا شماتة، والبعض يقول ارحموا عزيز قوم ذل، وفرق تركت هذا وذاك وهرعت وراء الأسماء التى تضمنتها قائمة المرشحين الأولى وعددهم ( 23 ) شخصية اعتبارية، مما أحدث الفوضى التى يعيشها الشارع المصرى حاليًا. أين حلم الثورة الغراء؟ هل سيذهب فى خضم الفوضى التى يناور بها المستفيدون من صخبها، والمنتفعون من استمرارها، من قبل من لا يبالى باستقرار مصر العربية الشامخة، بالإضافة إلى تعدد الأحزاب، مما أدى توزع الأفراد وأصبح كل يغرد فى سربه نسوا حلمهم وتباغض بعضهم البعض وكل مرشح أخذ نصيبه من هؤلاء ليضرب به المرشح الآخر، وأصبحوا كالعصا للمرشحين لمنصب الرئاسة يتبادلون الاتهامات ويتراشقون بالكلمات غير المحببة وغير المألوفة فى الشارع المصرى طمعاً فى الحصول على أصوات الغالبية. عدد كبير من المرشحين الذين تداولت أسماؤهم وسائل الإعلام، وقامت مشكورة بتحليل كل شخصية، وتطرقت إلى تاريخه السياسى والاجتماعي، وماذا قدم لمصر وشعبها، وانتقدت مَن يستحق النقد وأشادت بمن يستحق الإشادة أيضاً، وأبرزت مناقب كل مرشح. فقد كانت كالغربال للقائمة الانتخابية التى ضمت 23 مرشحاً لتصبح القائمة تضم 13 مرشحاً، وتمخضت الجولة الأولى فولدت مرسى وشفيق ولا عيب فى ذلك؛ إنما العيب فى عدم توحيد حبهم وولائهم لصالح مصر وشعبها. ومن هنا بدأت الحرب الضروس، وتبادل اللطمات الكلامية والتهديدات غير المبررة، ونشر الغسيل من عشرات السنين الماضية، مما أدى إلى حيرة المواطن، وبدأ يتساءل مَن يستحق رئاسة مصر؟ ومن سيلبى أهداف الثورة التى رسمها الشهداء بدمائهم؟ ومن سيكون أهلاً للثقة وعلى قدر المسؤولية فى قيادة هذا الكيان العظيم؟ وبعض التساؤلات تقول: هل يا ترى سنعود إلى نقطة البداية؟ لماذا نضع الشعب بأسره أمام خيارات لا بد منها؟ ولماذا لا نحقق حلمه الذى يسعى من أجله ويتمناه؟ عواصف الإعادة هل ستمر على ما يرام أم أنها ستسمح للعسكر مغازلة الشارع من جديد؟ ومن حق العسكر الحفاظ على ضبط الشارع فى مثل هذه الظروف. ينبغى احترام عقول المصريين ومشاعرهم، ولا تهضموا يا سيادة المرشح دور الشعب وجهوده فى خلق الثورة التى سنحت لكم الوصول إلى هذه المرحلة، مرحلة ما قبل تربع أحدكم على عرش مصر. شعب فضل الوقوف وراءكم وترك قوته طمعاً فى قوت أفضل بعد تنصيبك أيها الرئيس، فلا تخيب أمله واجتهد فى تحقيق طموحاته، وحاول تثنيه عن التفكير فى الماضى البغيض الذى تجرع خلاله المرارة على مدى الثلاثين عاماً الماضية. اللهم يسر لمصر وشعبها الأبى كل خير وتوفيق، والحمد لله رب العالمين. [email protected]