جاء الحكم على الرئيس المخلوع حسنى مبارك ونجليه وحبيب العادلى ومساعديه ليفجر ثورة غضب جديدة داخل الوطن، خرج الآلاف من المواطنين إلى ميدان التحرير وكل الميادين فى أنحاء المحروسة بعضها لصدمتها فى حكم القضاء والبعض الآخر للمطالبة بأهداف الثورة وتطبيق قانون العزل السياسى ضد الفريق أحمد شفيق، تصاعدت موجات الغضب رغم أن الحكم هو عنوان الحقيقة كما تؤكده الأعراف القانونية الراسخة.. فقد نال حسنى مبارك ونجلاه وحبيب العادلى ومساعدوه ما يستحقونه طبقاً للأوراق والأدلة التى قدمتها النيابة العامة إلى الحكومة.. القاعدة الأساسية فى أى دولة محترمة هو أنه لابد من احترام أحكام القضاء لأن القاضى لا يحكم على هواه إنما يحكم بالأوراق التى قدمت له وبالأدلة والبراهين والثبوت التى تدين أو تبرئ المتهمين، غضبة الشارع على الحكم كانت قوية وعفوية خرج المواطنون إلى الميادين مطالبين بإعادة المحاكمات وتشكيل محاكم ثورية.. حسنى مبارك حصل على تأبيدة بالأشغال الشاقة المؤبدة.. وحصل حبيب العادلى على حكم مثله وحصل نجلا مبارك «علاء» و«جمال» على البراءة لعدم ثبوت الاتهامات فى حقهما.. ونحن نحترم أحكام القضاء، ولكن السؤال الملح هو من قتل المتظاهرين.. أكثر من 800 شهيد وآلاف المصابين من قتلهم وأصابهم.. فإذا كان حسنى مبارك وحبيب العادلى ومساعدوه لم يقتلوا أحداً فمن القاتل؟.. ماذا تبقى من ثورة 25 يناير المجيدة التى طالبت بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية؟.. حسنى مبارك، رئيس مصر السابق، دخل سجن طرة وارتدى البدلة الزرقاء ألا يكفى هذه الدلالة على أن هناك شيئاً ما تغير وأنه لا أحد فوق القانون، ربما يكون الحكم قد أحدث صدمة سياسية وقانونية، ولكن لابد من احترامه. الإخوان المسلمون انتهزوا الفرصة وراح مرشحهم د. محمد مرسى يغازل الجماهير حين قال إنه فى حالة فوزه وتوليه الحكم سيعيد محاكمة حسنى مبارك وأعوانه، وأنه سيترك مبارك فى السجن طول عمره، ناسياً أو متناسياً أن المتهم لا يحاكم فى جريمة واحدة مرتين، والقانون لا يجيز إعادة محاكمة المتهمين إلا فى الحدود التى رسمها الشارع وليس على مزاج المرشد العام للإخوان أو مرشح الحرية والعدالة، الذراع اليمنى للإخوان، نسوا جميعاً أن فى مصر قضاء وكلمته هى القول الفصل فى كل القضايا المنظورة أمامه.. القاضى حكم من خلال الأوراق التى وضعت أمامه، فكان الحكم إما أن يحكم على هوى الجماهير والمتظاهرين فلم ولن تحدث لأن القاضى سيحاسب أمام الله فماذا سيقول له مال فى حكمه ضد أو مع أحد المتهمين. خروج الآلاف والملايين فى كل ميادين مصر لن يغير من حكم القضاء فى شىء وتغيير أو إلغاء الأحكام لن يتم إلا بالوسائل القانونية، فالمظاهرات وبكل أسف هدفها التأثير على أحكام القضاء وإرادة الجماهير التى ستقول كلمتها من خلال صندوق الانتخابات، لابد أن نردم على الماضى، وننظر إلى المستقبل للخروج من النفق الأمنى المظلم والحالة الاقتصادية الكارثية.. حسنى مبارك دخل السجن والانتخابات الرئاسية دخلت مرحلة الجد ولابد وأن تستمر وتنتهى برئيس منتخب حتى يخرج العسكر ويسلمون السلطة له نهاية الشهر الحالى. الفضائيات شاركت فى المهزلة ضد القضاء من خلال استضافة من يعلق على الأحكام القضائية. وكأن القضاء أصبح «ملطشة» لكل من «هب ودب» فهناك من يثنى عليها وهناك من ينتقدها.. ما هذه الفوضى أيها السادة وهل نحن فى مباراة لكرة القدم يقول كل متفرج رأيه فيها.. القضاء له حصانته وتاج على رأس الوطن، ومن له رأى أو اعتراض فساحته أمام القضاء من خلال طعن النيابة أمام محكمة النقض أو من خلال المحامين.. محامو المتهمين أو المدعين بالحق المدنى.. كفانا لغطاً وكفانا مساساً بقضاء مصر الشامخ.. فماذا لنا بعد القضاء؟ أفيقوا أيها السادة فالقضاة يهددون بالاستقالة احتجاجاً على الهجمة الشرسة ضدهم، فالقاضى ليس له مصلحة مع حسنى مبارك أو نجليه جمال وعلاء لن يحصل على جائزة لو خرج مبارك بريئاً، ولكن حكم بضميره الحر وأعطى مبارك أقصى عقوبة وما يستحقه من خلال الأوراق ووجهة نظره القانونية. حتى لا تتحول البلاد إلى فوضى فليطبق القانون على الجميع.. حسنى مبارك دخل السجن ولا أحد فوق المساءلة والقانون.. لماذا كل هذه الاعتراضات على الأحكام القضائية وهل لو خرج الشعب كله اعتراضاً على الأحكام سيغير من الأمر شيئاً، ولم ولن يكون إلا بالطريق القانونى للطعن على الأحكام.. التظاهر حق مشروع لكل مواطن ولكن عندما تتحول إلى عنف ودم وقطع طرق فلابد من العقاب بالقانون والتصدى له حتى لا يحرق الوطن.. المجلس العسكرى لابد وأن يحمى الشرعية سواء كانت قضائية أو تشريعية أو تنفيذية، لابد وأن يحمى قانون الانتخابات وصندوق الانتخابات، ولن ندرك جيداً ماذا فعلت فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة مع المتظاهرين حين خرجوا عن النص؟.. حمدين صباحى وعبدالمنعم أبوالفتوح وخالد على خرجوا للتظاهر وراحوا يلهبون مشاعر المتظاهرين ويريدون إعلان مجلس رئاسى.. عيب يا جماعة كيف يشكل الراسبون فى الانتخابات مجلساً لإدارة شئون البلاد تحت مسمى «المجلس الرئاسى».. أليس هذا التفافاً على شرعية صندوق الانتخابات.. عيب يا جماعة الخير وهل كنتم ستنادون بهذا المجلس الرئاسى لو فاز أو أعاد أحدكم فى الانتخابات؟.. يا ثوار التحرير يا ثوار الوطن اتقوا الله فى مصر وشعبها وقضائها فقد تبقت أيام قليلة ويرحل العسكر بعد تسليمهم مقاليد البلاد لرئيس منتخب.. ارحموا مصر يرحمكم الله ولابد من انتقال البلاد إلى مرحلة العمل والأمن والحرية والعدالة الاجتماعية فهل نحلم كثيراً؟.. أم أن المفاجآت كثيرة لم تأت بعد؟