شنت وسائل إعلام ومنظمات حقوقية، حملة انتقادات واسعة، للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، بسبب صمت حكومته عن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، والقيود التي تفرضها السلطات المصرية على المعارضين لها. وانتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية، فرنسا علي خلفية استقبالها الرئيس عبدالفتاح السيسي، على الرغم من سجل مصر السيئ لحقوق الإنسان، مطالبة الرئيس الفرنسي بوقف "السياسات المخزية والمتساهلة" لفرنسا إزاء حكومة مصر. وطالبت المنظمة في بيان لها، أن تكون الاجتماعات فرصة لمراجعة الدعم الاقتصادي والأمني، والعسكري المقدم من فرنسا إلى الحكومة المصرية، وجعل ذلك الدعم مشروطًا بتحسن ملموس للحقوق، مشيرة إلى أنه في عهد الرئيس السابق فرنسوا هولاند، قدمت فرنسا معدات عسكرية بمليارات الدولارات إلى مصر ونادرًا ما انتقدت تلك الانتهاكات الخطيرة. وقالت بينيديكت جانرو، مديرة مكتب "هيومن رايتس ووتش" في فرنسا: "على الرئيس ماكرون اغتنام الفرصة والتوضيح للسيسي في لقائهما الأول بأنه لن يتم التغاضي عن السجل الحقوقي للدولة المصرية"، متابعة "مواصلة دعم هذه الحكومة هو خيانة للنشطاء المصريين الذين يواجهون مخاطر جسيمة في محاولتهم لتحسين بلدهم". وذكر موقع "بلومبرج" الأمريكي، أن جمعيات حقوق الإنسان اتهمت الحكومة الفرنسية، ثاني أكبر مورد للأسلحة لمصر بعد الولاياتالمتحدة، بالخوف من نقد ما يشاع من أن الحكومة المصرية تقمع كل أشكال المعارضة، حيث لا يقتصر الأمر على محاربة الجماعات المتطرفة. واستشهد الموقع برأي مسئول الحملات المصرية بمنظمة العفو الدولية، الذي قال إن مصر تواجه أسوأ أزمات حقوق الإنسان في تاريخها الحديث، مضيفًا أن صمت الحكومات الأجنبية بمثابة رسالة قوة للحكومة المصرية، مفادها أنهم يستطيعون استكمال طريقهم". بينما ذكرت وكالة "رويترز" أن جمعيات حقوق الإنسان اتهمت فرنسا بالتخلي عن مبادئها مقابل المصالح الاقتصادية والأمنية. أمين اسكندر، القيادي بحزب "الكرامة"، رأى أن "غالبية الدولة بما فيها فرنسا لا يشغلها سوى تحقيق مصالحها فقط، حتى ولو على حساب الشعوب الأخرى، وطالما أن النظام في مصر يحقق لها ذلك، ويحافظ على مصالحها، فلن تنتقد الأوضاع أو تبدي رأي يزعجه". وأضاف ل"المصريون": "صفقات الأسلحة بين مصر وفرنسا تدفع الحكومة الفرنسية إلى غض الطرف عما يحدث في مصر، حفاظًا على مصالحها، أما في حال تعارض أو تضارب المصالح، ستوجه انتقادًا حادًا للسلطة الحالية، فالصمت مرتبط بالمصالح". القيادي بحزب "الكرامة"، لفت إلى سبب آخر يجعل فرنسا تصمت عما يجري في مصر متمثلاً في "المشروعات الاقتصادية المشتركة"، فضلاً عن "الاتفاق في وجهات النظر حول المشكلات الإقليمية، مثل قضية ليبيا وسوريا، وتبني مصر وجهة نظر الجانب الفرنسي". وقال إن حديث السيسي عن انتهاكات حقوق الإنسان، "يشير إلى أن هناك حديثًا جرى هناك بشأن ذلك، لكنه في النهاية حديث دبلوماسي، ولن يغير شيئًا". متفقًا معه في الرأي، قال جورج اسحاق، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن "المصالح هي السبب الرئيسي وراء صمت فرنسا إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، إذ أن مصر تعقد صفقات أسلحة وغواصات وطائرات مع الجانب الفرنسي؛ لذا فهي تصمت عما يحدث في مصر". وأوضح ل"المصريون"، أن "فرنسا تهتم بحقوق الإنسان وبالتعليم والعدالة، وعندما تغض الطرف عن كل هذا، فمن المؤكد أن هناك مصالح تسعى لتحقيقها، مضيفًا "مسألة مخزية جدًا". واستنكر ما اعتبرها "إساءة" الرئيس لمصر وللشعب –إشارة إلى تصريح الرئيس الخاص بأن مصر ليس بها تعليم وفقيرة وأنها ليست أوروبا-، قائلاً إن ذلك لا يليق بمصر وشعبها. وردًا على سؤال عن موقفه من أوضاع حقوق الإنسان في مصر، قال الرئيس الفرنسي خلال مؤتمر صحفي مع نظيره المصري، الثلاثاء، إنه مدرك للظروف الأمنية التي يتحرك فيها الرئيس المصري. وأوضح أنه لا يعطي "دروًسا" للآخرين في ما يتعلق بحقوق الإنسان: "أؤمن بسيادة الدول ولا أعطي دروسا للآخرين، كما لا أحب أن يعطي أحد بلادي دروسًا".