لعله من الممتع أن تقرأ عن التغييرات التي طرأت على حياة مدينة عريقة مثل مدينة القاهرة طوال تاريخها ومنذ أن بدأت كفكرة في ذهن أحد شخوص التاريخ القديم، ولعل الأكثر إمتاعًا أن تقرأ عن هذا التاريخ حتى عصرنا الحالي حتى أصبحت المدينة على صورتها الحالية. هل تريد أن تعرف قصص الازدهار والانحدار في حياة المدينة؟ هل تريد أن تعرف تاريخ المدينة، وجغرافية المدينة، وتاريخ التطور المعماري للمدينة، وترجمة حياة شخوص تاريخية قامت بإثراء حياة هذه المدينة؟ وهل تريد أن تعرف من قام بتدوين تاريخ هذه المدينة في كل عصر من العصور؟ إذن فعليك بهذا الكتاب..! يصف لنا الدكتور نزار الصياد وهو يتنقل بمهارة من حقبة تاريخية إلى أخرى وهو يرسم بقلمه الرشيق دور التاريخ ودور التاريخ المعماري في تشكيل المشهد الحضري للمدينة، وهو يعرف كيف يمزج بين هذه العناصر (ويصطاد) منها بمهارة ما يخدم القضية الأساسية لهذا الكتاب، والتغييرات التي طرأت على المشهد العمراني للمدينة بفعل كل تلك العوامل والنظم الحاكمة، والثورات الشعبية، والكوارث الطبيعية. ويقدم لنا الصياد دراسة متوازنة عن القاهرة تارة بعيون المؤرخين أو الأدباء من أهلها، وتارة أخرى بعيون الغرباء من الرحالة والمستشرقين الأجانب. وعلى الرغم من أن الصياد يقول في معرض حديثه عن مدينة القاهرة: "لا توجد مدينة على ظهر البسيطة قد تم قتلها بحثًا أكثر من مدينة القاهرة، فقد سجل الرحالة الذين زاروا مدينة القاهرة حتى قبل عصر المسيح، انطباعاتهم عن المنطقة وعن أهرامات سقارة وأهرامات الجيزة. كما كتب الرحالة الذين قاموا بزيارة المدينة الفاطمية، وكتب العديد من قاطني المدينة والمسئولين الذين تولوا إدارتها طوال العصور، بغزارة وبالتفاصيل الدقيقة عن تاريخ المدينة وتطورها، ناهيك عن قيام العديد من الأدباء باستخدام المدينة كخلفية للحبكة القصصية لرواياتهم. وإذا كانت الكتابة عن القاهرة تمثل تحديًا لأي كاتب، فقد نجح فيه الصياد بامتياز، سواء في تغطيته لتاريخ المدينة لحقبة تاريخية طويلة تزيد عن ثلاثة آلاف عام، أو للأسلوب الجديد الذي قام باختياره في تغطية تاريخ المدينة من جميع الجوانب المؤثرة على هيكلها المعماري. ويمكنك أن تشم رائحة التاريخ بوضوح وأنت تطالع صفحات هذا الكتاب الذي يمتزج فيه الجغرافيا والتاريخ والهندسة المعمارية في تناغم رائع، بل ويمكنك أن تتعايش مع شخوص الكتاب وهم يكتبون التاريخ وتعيش معهم كل المشاعر الإنسانية من فخر وبهجة أو حزن. الدكتور نزار الصياد: أحد الوجوه المصرية البارزة والمشرفة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهو معماري ومخطط، ومؤرخ للمناطق العمرانية ومفكر عام. وهو أستاذ العمارة والتخطيط والتاريخ العمراني في جامعة كاليفورنيا - بيركللي، حيث يقوم بمهام مدير الكلية لمركز المجتمعات العربية والدراسات البيئية. وقد حصل مؤخرًا على زمالة غوغنهام المتميزة في عام 2014. وشهدت له جامعة كاليفورنيا بمنحه جائزة التدريس المتميز، وهي أعلى درجات الاعتراف التي يتم منحها لعضو هيئة التدريس بالجامعة في حرم جامعة بيركللي.