مدبولي: نعمل مع الوزارات المعنية على تسهيل إجراءات التسجيل العقاري للوحدات السكنية    تعاونيات البناء والإسكان تطرح وحدات سكنية ومحلات وجراجات للبيع بالمزاد العلني    برنامج الأغذية العالمي: الوضع الإنساني بقطاع غزة كارثي.. ومخزوننا الغذائي بالقطاع نفد    بيروت ترحب بقرار الإمارات بالسماح لمواطنيها بزيارة لبنان اعتبارا من 7 مايو    رئيس حزب فرنسي: "زيلينسكي مجنون"!    فاركو يسقط بيراميدز ويشعل صراع المنافسة في الدوري المصري    سيل خفيف يضرب منطقة شق الثعبان بمدينة طابا    انضمام محمد نجيب للجهاز الفني في الأهلي    أوديجارد: يجب استغلال مشاعر الإحباط والغضب للفوز على باريس    زيزو يخوض أول تدريباته مع الزمالك منذ شهر    إسرائيل تدرس إقامة مستشفى ميداني في سوريا    التموين: ارتفاع حصيلة توريد القمح المحلي إلى 21164 طن بالقليوبية    الزمالك: نرفض المساومة على ملف خصم نقاط الأهلي    الشرطة الإسرائيلية تغلق طريقا جنوب تل أبيب بعد العثور على جسم مريب في أحد الشوارع    حرس الحدود بمنطقة جازان يحبط تهريب 53.3 كيلوجرامًا من مادة الحشيش المخدر    استشاري طب شرعي: التحرش بالأطفال ظاهرة تستدعي تحركاً وطنياً شاملاً    المخرج طارق العريان يبدأ تصوير الجزء الثاني من فيلم السلم والثعبان    البلشي يشكر عبد المحسن سلامة: منحنا منافسة تليق بنقابة الصحفيين والجمعية العمومية    ترامب يطالب رئيس الفيدرالي بخفض الفائدة ويحدد موعد رحيله    الهند وباكستان.. من يحسم المواجهة إذا اندلعت الحرب؟    حادث تصادم دراجه ناريه وسيارة ومصرع مواطن بالمنوفية    التصريح بدفن جثة طالبة سقطت من الدور الرابع بجامعة الزقازيق    ضبط المتهمين بسرقة محتويات فيلا بأكتوبر    تعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال    مفتي الجمهورية: نسعى للتعاون مع المجمع الفقهي الإسلامي لمواجهة تيارات التشدد والانغلاق    23 شهيدًا حصيلة الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة منذ فجر اليوم    مديرية العمل تعلن عن توفير 945 فرصة عمل بالقليوبية.. صور    رسميًا.. إلغاء معسكر منتخب مصر خلال شهر يونيو    مورينيو: صلاح كان طفلًا ضائعًا في لندن.. ولم أقرر رحيله عن تشيلسي    فيبي فوزي: تحديث التشريعات ضرورة لتعزيز الأمن السيبراني ومواجهة التهديدات الرقمية    كلية الآثار بجامعة الفيوم تنظم ندوة بعنوان"مودة - للحفاظ على كيان الأسرة المصرية".. صور    نائب وزير الصحة يُجري جولة مفاجئة على المنشآت الصحية بمدينة الشروق    مصر تستهدف إنهاء إجراءات وصول السائحين إلى المطارات إلكترونيا    الداخلية تعلن انتهاء تدريب الدفعة التاسعة لطلبة وطالبات معاهد معاونى الأمن (فيديو)    رابط الاستعلام على أرقام جلوس الثانوية العامة 2025 ونظام الأسئلة    رغم توقيع السيسى عليه ..قانون العمل الجديد :انحياز صارخ لأصحاب الأعمال وتهميش لحقوق العمال    في السوق المحلى .. استقرار سعر الفضة اليوم الأحد والجرام عيار 925 ب 55 جنيها    صادرات الملابس الجاهزة تقفز 24% في الربع الأول من 2025 ل 812 مليون دولار    كندة علوش: دخلت الفن بالصدفة وزوجي داعم جدا ويعطيني ثقة    21 مايو في دور العرض المصرية .. عصام السقا يروج لفيلم المشروع X وينشر البوستر الرسمي    إعلام الوزراء: 3.1 مليون فدان قمح وأصناف جديدة عالية الإنتاجية ودعم غير مسبوق للمزارعين في موسم توريد 2025    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : انت صاحب رسالة?!    تقرير المعمل الجنائي في حريق شقة بالمطرية    بالفيديو.. كندة علوش: عمرو يوسف داعم كبير لي ويمنحني الثقة دائمًا    بلعيد يعود لحسابات الأهلي مجددا    بدء الجلسة العامة لمجلس الشيوخ لمناقشة تجديد الخطاب الدينى    الأوقاف تحذر من وهم أمان السجائر الإلكترونية: سُمّ مغلف بنكهة مانجا    غدا.. الثقافة تطلق برنامج "مصر جميلة" للموهوبين بالبحيرة    وزير الصحة يبحث مع نظيره السعودي مستجدات التعاون بين البلدين    في ذكرى ميلاد زينات صدقي.. المسرح جسد معانتها في «الأرتيست»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 4-5-2025 في محافظة قنا    الرئيس السيسي يوافق على استخدام بنك التنمية الأفريقي «السوفر» كسعر فائدة مرجعي    دعوى عاجلة جديدة تطالب بوقف تنفيذ قرار جمهوري بشأن اتفاقية جزيرتي تيران وصنافير    الأزهر للفتوى يوضح في 15 نقطة.. أحكام زكاة المال في الشريعة الإسلامية    هل يجوز للزوجة التصدق من مال زوجها دون علمه؟ الأزهر للفتوى يجيب    خبير تغذية روسي يكشف القاعدة الأساسية للأكل الصحي: التوازن والتنوع والاعتدال    الإكوادور: وفاة ثمانية أطفال وإصابة 46 شخصا بسبب داء البريميات البكتيري    تصاعد جديد ضد قانون المسئولية الطبية ..صيدليات الجيزة تطالب بعدم مساءلة الصيدلي في حالة صرف دواء بديل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ظاهرة زواج القاصرات في مصر
نشر في المصريون يوم 01 - 10 - 2017

يمثل “الزواج المبكر للإناث” شكلاً من أشكال العنف الموجه ضد المرأة، حيث تتحمل الفتاة الصغيرة المسئولية عن أنشطة عديدة تترتب على إقامة علاقة زوجية لم يكن لإرادتها دخل في حدوثها، وهى غير مؤهلة نفسياً أو جسدياً لتحمل تبعات هذه العلاقة ، وتعد مشكلة الزواج المبكر من أخطر المشكلات الاجتماعية السلبية التي تسيء إلى سمعة مصر الدولية وتمثل خطرا على المجتمع وعوامل التنمية في مصر،
حيث تعتبر الظاهرة من أهم السمات الاجتماعية والثقافية المميزة لكثير من المناطق الريفية وغير الحضرية أو تلك الأقل تحضرا . أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، نتائج تعداد سكان مصر، حيث بلغ عدد السكان المصريين في تعداد 2017: 94 مليونا و798 ألفا و827 نسمة، بينما تعداد الخارج بلغ 9.4 مليون، بما يعنى أن تعداد سكان مصر في الداخل والخارج 104.2 مليون.
وأكد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن مصر تحتل المرتبة الثالثة عشر من بين الدول الأكثر سكانًا على مستوى العالم، وأن مجموع المصريين الذين شملهم التعداد السكاني 104 ملايين شخص داخل وخارج الجمهورية. وكشفت نتائج التعداد أن إجمالي نسبة المتزوجين في مصر من جملة سكانها بلغ 68%، بينما نسبة المتزوجين الذكور بلغت 65.9% من إجمالي السكان، مقابل 70.2% إناث، مشيرة إلى أن 10.7% من الإناث في مصر أرامل، مقابل 2.3% للذكور، و 1.7% منهن مطلقات، مقابل 0.9% للذكور، لافتًا إلى أن نسبة من لم يتزوجوا من إجمالي السكان "18 سنة فأكثر" بلغت 17% للإناث و 30.7% للذكور. وفى سياق متصل، أعلنت نتائج التعداد، أن نسبة السكان المصريين في سن العمل من 15- 64 عام سجلت أعلى نسبة من إجمالي السكان ب61.9%، بينما بلغ نسبة السكان المصريين كبار السن "65 سنة فأكثر"، 3.9%، بينما كشف التعداد عن وجود نحو 21 مليونا و900 ألف مواطن لم يلتحقوا بالتعليم بنسبة 26.8% من إجمالي السكان "من سن 4 سنوات فأكثر"، فيما يوجد 5 ملايين و986 ألف مصري متسرب بنسبة 7.3%.وأشارت النتائج إلى أن 25.8% نسبة الأمية بين السكان المصريين "10 سنوات فأكثر"، وترتفع النسبة بين الإناث، حيث بلغت 30.8% مقارنة بالذكور التي بلغت نسبة الأمية لهم 21.2% من إجمالي السكان.
ورغم تحديد القانون الحد الأدنى للزواج في مصر 18 عامًا، تبلغ نسبة زواج القاصرات في مصر 15% من نسبة المتزوجات، ظاهرة الزواج المبكر بين الفتيات أقل من 20 سنة، أنه يرتبط بحدوث طلاق مبكر، وطالبت بالعمل على رفع سن الزواج من خلال سن قوانين جديدة وتفعيل القوانين القائمة.
مما لا شك فيه أنّ زواج القاصرات ظاهرة اجتماعية يُمكن وصفها بالكارثة لما لها من نتائج سلبيّة على الفتيات، وغالباً ما ينتهي هذا الزواج بالفشل مع وجود طفل أو أكثر مع فتاة لا تعرف كيفيّة تربيتهم، وينتشر هذا الزواج في المناطق الريفيّة بشكل خاصّ ولكن نسبة هذا الزواج تتفاوت من دولة إلى أخرى فمصر واليمن تتصدّران أعلى المراتب في زواج القاصرات بسبب الفقر والبطالة اللذان يدفعان الأهالي إلى تزويج بناتهم بمقابل ماديّ سخيّ وقد يكون تفشّي الجهل من أهمّ أسباب موافقة الأهل على هذا الزواج على اعتبار أنّه ستر للفتاة مهما بلغ عمرها.
القاصر وسلبيات الزواج من القاصر القاصرة هي كل فتاة لم تبلغ الثمانية عشر عاماً حسب القانون الدولي، وهي تعتبر كذلك في معظم الدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، ولا يحقّ لها الزواج قبل هذا السنّ ولكن للأسف هناك أساليب تُتخذ لتزوير الأوراق الرسميّة وإتمام هذا الزواج الذي له العديد من السلبيّات على الأسرة والمجتمع أيضاً، وقد اعتبرت الأمم المتّحدة أنّ هذا الزواج هو اعتداء على حقوق الطفل الذي من حقّه التعليم وممارسة حياته المناسبة لعمره، أمّا القاصر في الشرع هي من لم تبلغ سنّ الحيض،
وتتلخّص سلبيات هذا الزواج فيما يلي:
تكون أعضاء الفتاة التناسلية في هذه الفترة غير مُكتملة مئة بالمئة لتحمّل مشاق الحمل، ممّا يُعرضها إلى الكثير من المخاطر خلال الزواج وخلال الحمل كاضطرابات الحمل مثل السكري والضغط، الأسباب التي تساهم في زيادة نسب الزواج المبكر في المجتمع، وبخاصة في المناطق الريفية،
ومن أهم تلك الأسباب ما يلي
الأسباب الاقتصادية : لا يزال الفقر يعد من أحد أهم العوامل التي تقف خلف الزواج المبكر، حيث يحصل الوالدان على المال أو الممتلكات العينية كمقابل أو ثمن للعروسة فهناك بعض الأسر التي تزوج فتياتها الصغيرات اللاتي لم يبلغن السن القانونية من أزواج أثرياء مصريين أو عرب لديهم القدرة على تلبية الشروط التي تضعها أسرة الفتاة على الزوج. كما يوجد بعض الآباء الذين يعتبرون الفتاة عبئا على الأسرة ويجب التخلص من الفتاة وأعبائها في أقرب فرصة ممكنة.
الأسباب الدينية: تعد العوامل الدينية من أهم العوامل في شيوع الزواج المبكر في المجتمعات الإسلامية نتيجة انتشار مفاهيم المجتمع القبلي الخاطئة حول الزواج المبكر، والاعتقاد بتنفيذ التعاليم الدينية فيما يتعلق بالإسراع في الزواج والحث عليه.
الأعراف والتقاليد : توجد العديد من الأعراف والتقاليد الخاطئة والتي تساهم في زيادة معدلات الزواج المبكر، ومن أهم تلك العادات مثلا: الخوف على الشرف والعرض حيث أصبح الزواج المبكر شائعا لأنه يمثل بعض المفاهيم مثل العذرية و الطهارة و السيطرة على غريزة الجنس داخل المرأة
ومن ثم فان مبدأ الزواج المبكر هو أفضل طريقة لمنع حدوث أية فضائح قبل الزواج و الحفاظ على العذرية التي تكتسب مكانة شبه مقدس في العقل الجمعي المصري، كما ان هناك بعض العادات والتقاليد حول أن الزواج المبكر يدعم الروابط الأسرية.
الإطار التشريعي للزواج المبكر
الإطار الدستوري: لم ينص الدستور صراحة على حماية المرأة من الزواج المبكر بشكل مباشر، ولكن نص الدستور على أن الدولة تلتزم برعاية الأطفال وحمايتهم من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسي والتجاري وبالتالي جرم الدستور بشكل غير مباشر الاستغلال الجنسي للأطفال.
الإطار القانوني: على عكس الدستور المصري، نص القانون المصري بشكل مباشر على تجريم الزواج المبكر للأطفال، وعاقب كل من لجأ إليه، حيث نص القانون رقم 126 لسنة 2008 على تجريم توثيق عقد الزواج لمن لم يبلغ ثماني عشر سنة ميلادية كاملة، ويشترط للتوثيق أن يتم الفحص الطبي للراغبين في الزواج للتحقق من خولها من الأمراض التي تؤثر على حياة أو صحة كل منهما
كما نص قانون العقوبات على معاقبة كل من أدلى أمام السلطة المختصة بقصد إثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانونا لضبط عقد الزواج أقوالا يعلم إنها غير صحيحة بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين، أو بغرامة لا تزيد عن ثلاثمائة جنيه، كما يعاقب القانون كل شخص خوله القانون سلطة ضبط عقد الزواج وهو يعلم أن طرفيه لم يبلغ السن المحددة في القانون، بغرامة لا تزيد عن 500 جنيه
. كما نص قانون الأحوال المدنية رقم 143 لسنة 1994، على أنه لا يجوز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة، ويعاقب تأديبيا كل من وثق زواجا بالمخالفة لأحكام هذه المادة.
الإطار الحقوقي: تقع على عاتق الحكومة المصرية التزامات دولية فيما يتعلق بمكافحة الزواج المبكر، حيث تعد مصر طرفا في اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ، واتفاقية حقوق الطفل ، إضافة إلى اتفاقية الأمم المتحدة لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم في فبراير 1993، كما خضعت مصر للاستعراض الدوري الشامل في 2014، وقدمت إلى الحكومة المصرية توصيات فيما يتعلق بمكافحة الزواج المبكر، حيث طالبت دولة سيراليون الحكومة المصرية بإلغاء الزواج القسري المبكر والزواج التجاري المؤقت للفتيات، وقد قبلت الحكومة المصرية هذه التوصية، وبالتالي فالدولة المصرية مطالبة بالعمل على إلغاء الزواج المبكر وفقا لالتزاماتها الدولية.
واقع الزواج المبكر في مصر
إحصائيات الزواج المبكر في مصر:
أن أعلى نسبة للمتزوجات أقل من 20 سنة بمحافظة القاهرة(9.1%) وفى الجيزة (8.1%) وفى الشرقية (7.7%) في حين كانت أقل المحافظات الحضرية هي محافظات السويس وبورسعيد بنسبة 0.7%، ويرتفع متوسط عدد الأطفال في حالة الزواج قبل 18 سنة إلى حوالى 3.7 طفل، بينما يكون المتوسط 2.79 في حالة الزواج بعد عمر22 سنة مما يشير إلى ضرورة الاهتمام بهذه الظاهرة للحد من النمو السكاني، مضيفًا أن نتائج المسح الصحي الأخير أثبتت أن نسبة الإناث المتزوجات في الفئة العمرية من 15-19 إلى 14.4% وتزداد أعدادهن في المناطق الريفية، وهن من بين ذوات المستوى التعليمي.
وبلغت نسب زواج القاصرات في المحافظات القاهرة 9.10%، بنى سويف 3.80%، الجيزة 8.10%، الفيوم 3.60%، الشرقية 7.70%، أسوان 1.60%، المنيا 6.90%، الإسماعيلية 1.40%، البحيرة 6.70%، دمياط 1.30%، الدقهلية 6.40%، السويس 0.70%، أسيوط 5.90%، بورسعيد 0.70%، القليوبية 5.80%، الأقصر 0.50%، الغربية 5.00%، مرسى مطروح 0.40%، الإسكندرية 5.00% البحر الأحمر 0.30%، سوهاج 5.00% الوادي الجديد 0.30% المنوفية 4.80%، شمال سيناء 0.30%، قنا 4.30% جنوب سيناء 0.10%، كفر الشيخ 4.00%.
.نتيجة انتشار الأمية وتسرب الفتيات من التعليم وتصل نسبة زواج السُّنة داخل الصعيد والمحافظات الحدودية إلى نحو 30% رغم القوانين الحكومية التي تحظره وبالتالي لا يوجد رقم دقيق أو إحصائية دقيقة عن نسب الزواج المبكر المنتشرة في المجتمع المصري، غير أن هناك تأكيدات على انتشار الظاهرة بشكل كبير في المجتمع وبخاصة في القرى والريف وفي صعيد مصر، وبنسب متفاوتة تختلف من منطقة لأخرى. وما يجب أن نلفت النظر إليه هنا ، هو وجود ظاهرة انتشرت مؤخرا عقب إقرار تعديلات قانون الطفل ورفع سن الزواج إلى 18 سنة ، حيث يلجأ الآباء إلى تزويج بناتهن الأقل من 18 سنة بطريقة عرفية ، او كما يطلقون عليها “الزواج على السنة” ، وهو زواج بدون أوراق رسمية ولكن يتوفر فيه شروط العلانية والإشهار ، ثم يتم توثيق الزواج وكتابة العقد عندما تتم الطفلة عامها الثامن عشر .
الأضرار الناتجة عن الزواج المبكر
لا شك أن الزواج المبكر يتسبب في العديد من المشكلات والأضرار الكبيرة داخل المجتمع، ومن أهم تلك الأضرار التي تنتج عن مشكلة الزواج المبكر ما يلي:
المشكلات القانونية :تنتج تلك المشكلات من خلال عدم تسجيل الزواج وتوثيق عقد الزواج لدى الجهات المختصة، وذلك بسبب عدم سماح القانون للفتاة بالزواج في عمر صغير، وبالتالي تلجأ الاسر إلى الزواج العرفي مما يؤدى إلى إهدار حقوق الفتاة وحقوق ابنائها مستقبلا .
المشكلات النفسية: يتسبب الزواج المبكر في كثير من المشكلات النفسية لدى الفتاة، نتيجة حرمانها من أن تعيش المراحل الطبيعية في حياتها وتحملها مسئوليات كبيرة، قد لا يكون لديها القدرة على تحملها في هذا السن المبكر، وبالتالي تفقد الفتاة اجمل سنوات حياتها، بما قد يتسبب لها في معاناتها من الكثير من الامراض النفسية مثل الاكتئاب .
المشكلات الصحية :يتسبب الزواج المبكر في كثير من الأمراض الجسدية نتيجة عدم الفهم الكامل لمفهوم العلاقات الزوجية، بما قد يتسبب في الكثير من الأمراض الناجمة عن العلاقات الزوجية الخاطئة أو الحمل والإنجاب المبكر، مما ينتج عنه مشكلات جسمانية كبيرة أهمها الإجهاض.
المشكلات الاجتماعية :يتسبب الزواج المبكر في كثير من المشكلات الاجتماعية نتيجة عدم خبرة الفتاة الصغيرة في تربية وتنشئة الأطفال، مما ينتج عنه الكثير من الخلل المجتمعي. كما ينتج عن هذا الأمر وجود ظاهرة أطفال الشوارع والأطفال بلا مأوى نتيجة عدم قدرة الأم على تربية أطفالها.
التأثير السلبي على الظاهرة السكانية: يتسبب الزواج المبكر في زيادة معدلات الإنجاب، وبالتالي زيادة معدلات نمو السكان بصورة لا تتناسب مع موارد الدولة وإمكانياتها .
الرؤية المقترحة للتصدي لظاهرة الزواج المبكر
إن التعامل مع مشكلة الزواج المبكر من أصعب الأمور ، ويقتضي التعامل مع المشكلة اللجوء لحلول متكاملة، نظرا لخطورة وحساسية المشكلة لدى الكثير من فئات المجتمع، وبخاصة في الريف وفي الصعيد، ويمكن التعامل مع الأزمة من خلال بعض الأدوات، ومن أهم تلك الأدوات ما يلي:
أولا: الإصلاحات التشريعية :
يجب تشديد العقوبات في القوانين المختلفة لمنع وتجريم الزواج المبكر، نظرا لخطورة الظاهرة على المجتمع المصري، ومن تلك القوانين ما يلي:
يجب تعديل المادة 227 من قانون العقوبات ورفع سقف عقوبة الإدلاء بأقوال غير صحيحة بقصد إثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانونا لضبط عقد الزواج .
استحداث مواد في قانون الطفل وقانون العقوبات تجرم تزويج الفتيات الصغيرات ( أقل من 18 سنة ) بطريقة عرفية .
تعديل قانون الأحوال المدنية رقم 14 لسنة 1994، حيث نص على أنه لا يجوز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة، ويعاقب تأديبيا كل من وثق زواجا بالمخالفة لأحكام هذه المادة. نظرا لأن العقاب التأديبي غير كافي للتصدي للظاهرة. استحداث عقوبات قانونية تطال الأب في حال قيامه بتزويج أبنته في سن أقل من 18 سنة
التوعية
يجب على الحكومة تقديم برامج توعية في مختلف وسائل الإعلام للعمل على تغيير المنظور الثقافي لدى الآباء والأبناء داخل المجتمع نحو ظاهرة الزواج المبكر إلى جانب التوعية بخطورة تلك الظاهرة على المجتمع. يجب على المؤسسات الدينية العمل على مناهضة الزواج المبكر، من خلال التوعية والتثقيف في الخطب والمحاضرات الدينية بأضرار الزواج المبكر، وخطورته على المجتمع،
وتفنيد الأباطيل الفقهية المتعلقة بالظاهرة يجب أن تقوم الحكومة بتنظيم الندوات والورش التدريبية للتأكيد على ضرورة الاهتمام بتعليم الفتيات بكافة مراحله والحد من التسرب من المدارس ومعالجة أسبابه، نظرا لأن التعليم سبب رئيسي في القضاء على الظاهرة.
يجب على الدولة وضع برامج داعمة للفتيات ضمن خطة اقتصادية من خلال تخصيص صندوق نقدي لدعم الفتيات اللواتي ينتمين لأسر فقيرة، لأن الفقر من الأسباب الرئيسية في انتشار الظاهرة.
منظمات المجتمع المدني مطالبة بتركيز جهودها في المناطق والمجتمعات المحلية التي تشهد تناميا لظاهرة الزواج المبكر .
التدعيم
يجب على الحكومة ومنظمات المجتمع المني العمل سويا، لتقديم الدعم المادي والمعنوي للفتيات اللاتي عانين من أضرار الزواج المبكر، وذلك من خلال رصد الحالات، والعمل على تقديم كل الدعم لهم لإعادة تأهيلهن ودمجهن مرة أخرى في المجتمع.
الدكتور عادل عامر
دكتور في الحقوق وخبير في القانون العام
ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية
ومستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي للدراسات السياسية والإستراتيجية بفرنسا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.