أعتقد أن اللاعب الفرنسى جزائرى الأصل زين الدين زيدان، هو رمز الحالة السياسية والاجتماعية والنفسية فى مصرنا العزيزة التى علت وتقدمت، فى صنعة النطح، وتجاهل السماحة والصفح. وتذكرون نطحة زيدان الشهيرة فى صدر مدافع المنتخب الإيطالى بنهائى كأس العالم، وتذكرون أيضًا كم حزن المصريون على خروج النجم العربى، وانتهاء أسطورته، لكن البادى لى وغير الخافى، أنَّ تصرف زيدان بقى كالمستور والخافى، فى ضمائرنا، حتى إذا ما أتيحت الفرصة لكل واحد من كبار رموزنا، نشط، وغرز حوافره الخلفية فى الأرض، وثنى ركبتيه، وطأطأ رأسه، ونسى زمن الرفس، وأخذ الدنيا كلها كالكرة على صدره، وقفز ينطح نطحًا فهو ناطح، والباقى نطائح، وكلنا لأكل السبع طرائح، وأنا كلما قلت التوبة، ولا عودة لانتقاد آدميين لهم من الوحوش صفات، ضجت بصدرى المواجع والضحكات. ودقت بقلبى الآهات، وقلت يا عباد الله توبوا، فهو كهف التائبينا، واطلبوا شيوخ كل مهنة، ليقيموا صلاة الوعظ فينا، فإذا بالنخبة خيبة، وإذا بالكبار صغار، وإذا بأهل الحلم والكياسة، أقرب إلى عالم الرفس والنطح والتياسة. فهمتم؟ أم أقول من ثانى؟ وأنا لو ذكرت فلانًا، ذكرت عجره وبجره، وأخطاءه وزلاته، وربما نطحاته وقفشاته، وخذ مثلا، أن تجد شيخ مهنة، يزايد عليها فيشتم أمة من مهنة أخرى، أو خمسمائة من نواب البرلمان، لمجرد انتقادهم لبعض تصرفات مهنته، وتحركات عشيرته. بل تجد رمزًا يصف رموزًا بأنهم لا يصلحون إلا لتمثيل مصر فى بطولات المصارعة. والأغرب أن تجد نوابًا، يجهلون كل قانون، ولا يعلمون أبجديات ما بين يديهم من موضوعات للمناقشة، ثم هم ينطحون وزير الإعلام أو وزير الداخلية، ويحاسبون الجميع على ثلاثين عامًا من عصر مبارك، وليس على بضعة شهور هى عمر وزارة تصريف الأعمال. النطح شعار سياسى، ورمز انتخابى، فتجد مرشحًا للفلول، يجلس فوق كل منصة لينطح معارضيه، مع أن معارضيه، هم غالبية المصريين، وينظر يمينه، فتحمر عينه، وينظر شماله، فتحمر أذنه، وينظر خلفه فتحمر تلك التى لا تذكرُ، ويثبت قدمين غير ثابتتين، وينطلق إلى الأمام، متهمًا الإخوان، بأنهم وراء موقعة الجمل، مع أن الجمل هو شعار الحزب الوطنى، ومع أن قلب حقائق البديهيات، هو من أفعال الحمقى والنوكى والمغفلين والمغفلات. وعلى الناحية الأخرى، تجد مرشحًا وقد ابتلاه الله ببعض مناصريه، الذين يورطونه فى تصريحات النطح على الهواء مباشرة، فتجد أحدهم، وهو ينطح كل مخالفيه، ويتوعدهم بأنه سيدوس عليهم بالحذاء، ولا يعلم مدى تأثير كلماته الناطحة، فى الملايين الطامحة لرئيس شيمته الحلم، لا التكبر والجبروت. أما بعض الشيوخ، فلهم من النطحات ما يمكن تسجيله فى موسوعة جينيس، كهذا الذى ما إن خاصم شيخًا آخر، حتى انفجر- لم أقل فجر- أقول حتى انفجر ونطح وقال: إن فلانًا (كبيره يغسل ميت). طيب يا شيخ، يعنى على الأقل لا تعاديه فقد تحتاجه، ورزقنا الله جميعًا بحسن الخاتمة. لا أدرى إن كان مقالى واضحًا، أم ناطحًا؟ وأعتذر عن نطحاتى فى زمن النطحة، وأسألكم الدعاء والرفق عند التعليق بصاحب تلك الصفحة. [email protected]