ما حدث بالميدان أخيرًا يمثل الشك فى أحكام القضاء بشأن رموز النظام قبل انتخابات الإعادة، التى ستكون تحت إشراف نفس القضاء، مما يعنى زيادة الشك فى نزاهة الانتخابات بالتحيُّز لشفيق فى الجولة الأولى ثم الثانية، فلماذا لم يتم تأجيل الأحكام لما بعد الانتهاء من انتخابات الرئاسة؟! هل المطلوب هو إحداث فوضى عامة أم هو استهبال تلقائى؟ - فالثورة لأنها بدون قيادة، فقد استطاعت الإطاحة فقط برأس النظام، ولم تُستكمَل بعد الإطاحة بكل عناصره؛ ولذلك فهى تسير بين استهبال وأطماع الداخل والخارج، والمطلوب هو إنعاش الثورة وصولاً لاستكمال أهدافها، واستبدال قيادات المستقبل الثورية المنتخَبة بالعناصر البائدة. - كانت الأحكام متناقضة وبكل الاستهبال، فالمؤبد للمخلوع والعادلى بسبب قتل المتظاهرين مع براءة قادة الداخلية (مساعدى العادلى) من نفس التهمه وهم الذين أشرفوا مباشرة على قتل المتظاهرين!، وكانت البراءة للمخلوع من تُهم الفساد المالى؛ مما سيدفع دول العالم لعدم التحمس لمساعدتنا لاسترداد أموالنا المنهوبة، التى تم تهريبها للخارج فى عهد شفيق! - هل المقصود هو التضحية بالمخلوع فى سبيل استقرار النظام البائد، مع المحافظة قدر المستطاع على استمرار نفس عناصر هذا النظام؟!، أحد مساعدى العادلى قام فورًا برفع دعوى للعودة لمنصبه بالداخلية!!، وهل امتد الاستهبال، حيث اضطرت المحكمة بالحكم المشدَّد على المخلوع والعادلى لاستيعاب الاحتقان الشعبى، فى حين أن المحكمة سطَّرت فى حكمها بالبراءة على مساعدى العادلى، التفاصيل والأسانيد اللازمة فى الطعن بالنقض الذى سيتقدم به دفاع المخلوع لانتزاع البراءة له وللعادلى بعد هدوء الاحتقان الشعبى، وبعد وصول شفيق للحكم، كما يخططون وكأن الثوره مثل "خناقة وانفضت" كما يستهبلون!! - منذ البداية تم تقديم المخلوع والعادلى للمحاكمة فقط بتهمة قتل المتظاهرين بجمعة الغضب 28 يناير، مع تجاهُل عشرات حالات القتل بالعقود السابقة بالسجون وخارجها والمدعومة بالبلاغات والمستندات والشهود، تمت محاكمة المخلوع وأعوانه بالقضاء العادى، على الرغم من تقديم شباب الثورة للقضاء العسكرى، تم القبض على ثلاثة أو أربعة اشخاص فقط فى الأحداث الهائلة "محمد محمود"؛ لأنها كانت مناهضة للثورة فى حين تم القبض على المئات بأحداث العباسية الأخيرة؛ لأنها كانت مناهضة للمجلس العسكرى، سمحت السلطة لقيادات الداخلية بطمس وحرق كل الأدلة، التى تُدينهم فى قتل المتظاهرين، وكان ذلك فى عهد رئاسة شفيق للوزارة، ولم يتم إقالته إلا بإجبار الميدان للعسكر، وفور إقالته قامت قيادات أمن الدولة بحرق كل مستنداته فى كل فروع الجمهورية؛ لأن شفيق كان الغطاء السياسى لهم، كما قامت النيابة بانتهاز كل الفرص لإضعاف موقف دفاع الشهداء دعمًا لرموز النظام، إن براءة قادة الداخلية تعنى نفى تهمة قتل المتظاهرين عن جهاز الشرطة، والسلاح كان ليس فى حوزة أحد إلا أجهزة الشرطة والجيش، فمَن الذى قتل المتظاهرين؟، البديهى أن السلطة الحاكمة مسئولة عن تحديد الجانى!!، أليس فى كل ذلك دعوة للشرطة للاستمرار فى سفك دماء الشعب لدعم استمرار النظام البائد. - أيضًا البراءة فى تهم الفساد المالى لانقضاء المدة، مما يعنى معاقبة الشعب على عدم الإبلاغ عن هذه التهم على مدى العشر سنوات الأخيرة، هل كان هذا معقولاً فى ظل حكم "المخلوع"!! - تراكم الاستهبال يستهدف تكفير الشعب بالثورة، فنحن أمام رمز من النظام البائد يتقدم للإعادة فى الرئاسة، فى حين أنه كان لا بد من تقديمه للمحاكمة، وعلى الرغم من كل ذلك فلا بد من الموضوعية والواقعية، فالثورة تتقدم حيث ننتخب رئيسًا لأول مرة فى التاريخ، ونشاهد المخلوع فى السجن بالبذلة الزرقاء لأول مرة فى التاريخ العربى، ورغمًا عن أنف كل العالم، وكان من الصعب جدًّا تحقيق أفضل من ذلك؛ لأننا نطلب من "نظام فاسد أن يحاكم نفسه". - لا بد أن نواجه الاستهبال بالاستكمال بضرورة إنجاز الإعادة فى انتخابات الرئاسة، مهما كانت الظروف، وألا نعود لنقطة الصفر والفوضى، مما يعنى أن تذهب دماء الشهداء دون جدوى، الدعوى بمجلس رئاسى مدنى من عدة شخصيات فكرة ليست عملية ولا شرعية؛ فالتوافق بين الشخصيات غير مضمون، وتجرِبة "التأسيسية" ليست ببعيدة، كما أن هناك ملايين انتخبت شفيق (حتى لو كان مشكوكًا فى بعضها)، لا نستطيع تجاهلها واقعيًّا، وقد يؤدى ذلك للخلاف الذى يجبر الجميع على الاحتكام إلى العسكر، والعودة لمِظلتهم. استكمال وبناء النظام الجديد هو السبيل الوحيد لتحقيق مطالب الثورة والقِصاص من قتلة الشهداء تحت مظلة قضاء عادل. [email protected]