رأى محللون سياسيون، ظهور إرهاصات القلق على المؤسسة الرئاسية خلال الآونة الأخيرة، تزامناً مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقبلة، في ظل الاحتقان الذي يسيطر على الشارع المصري نتيجة موجة الغلاء الأخيرة، وتساؤلات المواطنين حول وعود الرئيس عبد الفتاح السيسي بتحسن الأوضاع المعيشية، وغياب العائد من المشاريع الاقتصادية التي أقيمت خلال الأربعة أعوام الماضية. وأمام هذه الحالة، يسير النظام على مسارين متوازيين، الأول تأجيل الانتخابات في حالة إقرار التعديلات الدستورية التي اقترحها بعض نواب البرلمان من أجل مد الفترة الرئاسية إلى 6 أعوام، والثاني خوض الانتخابات الرئاسية في ظل وجود منافس قوي تسعى كثير من القوى السياسية والحزبية الدفع به كبديل توافقي، بحسب صحيفة "المدن" اللبنانية. وأظهرت بعض الرموز السياسية خلال هذه الآونة، تحركات جدية في اقتراح أسماء لبعض الشخصيات التي يمكن طرحها كمنافس قوي، من بينهم المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، الذي حسم أمره مسبقاً بشكل قاطع، وأعلن منذ فترة طويلة عدم ترشحه للانتخابات المقبلة، وأنه راض بما حققه حتى الآن، خصوصاً وأن نتيجة الانتخابات الرئاسية الماضية 2014 كانت مهينة لصباحي الذي حصل على 75 ألفاً و511 صوتاً، فيما بلغت حصيلة الأصوات الباطلة مليوناً و40608 أصوات. حتى الآن، تبقى كل الأسماء المعلنة كمرشحين محتملين للرئاسة المصرية مجرد تكهنات، على الرغم من أن بعضهم بدأ بالفعل في عقد لقاءات وجلسات مع سياسيين وإعلاميين لبحث أمر ترشحه، إلا أن أياً من الأسماء المطروحة لم يعلن عن ترشحه بشكل واضح وصريح، وفي السياق يجري النظام عملية جس نبض للأسماء السياسية المعروفة بثقلها لمعرفة رأيها في الترشح للانتخابات. أحدث محاولة لجس نبض المرشحين المحتملين للرئاسة جرت مؤخراً، كانت لقاء تم بين رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم الصحافية ياسر رزق، والمرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح، لاستطلاع رأي الأخير في الترشح لانتخابات 2018. رزق كان قد أجرى الحوار الصحفي الوحيد مع الرئيس "السيسي"، عندما كان الأخير وزيراً للدفاع، مدعوماً بالحظوة التي يتيحها له عمله كمحرر عسكري سابق، كما ظهر منذ الفترات الأولى لنظام السيسي، واستمر حتى الآن، بإعطاء المداخلات والتصريحات الصحافية. وبحسب صحيفة "المدن" اللبنانية، فإن رزق طلب لقاء أبوالفتوح، منتصف الأسبوع الحالي، وسأله عن موقفه الشخصي من الترشح للانتخابات الرئاسية 2018، وطرح عليه فكرة الترشح للانتخابات. حتى الآن، لم تنجح تلك المحاولة، إذ قال أبو الفتوح لرزق بأنه "لن يترشح في مجال عام مغلق ومكبل، لأن شرط إجراء انتخابات هو الأجواء الديمقراطية الحرة، بالإضافة إلى ضرورة الإفراج عن المعتقلين والنشطاء السياسيين، فضلاً عن غياب ضمانات نزاهة عملية التصويت والإجراءات الانتخابية". لكن على الرغم من ذلك، يطرح لقاء الرجلين بحد ذاته تساؤلات عديدة، فأبو الفتوح الآن ليس ذلك الإخواني الذي خسر عضويته في الجماعة بعد ترشحه للانتخابات عام 2012 بوجه خيرت الشاطر ومحمد مرسي، بل الشخصية التي قد تعطي الانتخابات المقبلة مصداقية ما، ترفع الحرج عن "السيسي" وتضمن له منافساً غير مقلق له، ووجود هامش لأن يكون اللقاء بغرض فحص نوايا أبوالفتوح لإجراء ترتيبات تدور في بال النظام. وكان حزب "مصر القوية" الذي يرأسه أبوالفتوح قد عقد، قبل 3 أشهر، اجتماعاً لقياداته العليا، لمناقشة الانتخابات الرئاسية المقبلة، وموقف الحزب منها، والضمانات التي تدفعهم للنزول بمرشح رئاسي، وهو اجتماع أعقبته حملة اعتقالات واسعة في صفوف الحزب، وحملة إعلامية وصفها أبوالفتوح بأنها "اغتيال معنوي" نتيجة الظن بأنه سيترشح للرئاسة "فإذا تحول هذا الظن إلى حقيقة فسيتحول الاغتيال المعنوي إلى اغتيال جسدي برصاصة".