يشتد هذه الأيام، الطرح البرلماني بتعديل الدستور، بما يتيح مد فترة رئاسة الجمهورية إلى 6سنوات، بدلًا من 4، إلا أن هذه الخطوة يواجهها 3 عوائق، تتنوع بين سياسي واقتصادي ودستوري. والأسبوع الماضي، كرر النائب إسماعيل نصر الدين، "رغبته" في التقدم بتعديل دستوري، مع معاودة انعقاد جلسات مجلس النواب، في أكتوبر المقبل، يتضمن زيادة فترة الرئاسة إلى 6 سنوات بدلا من 4. وأتى ذلك بالتزامن مع توجيه رئيس المجلس، على عبد العال، انتقادات للدستور، الذي شارك في وضعه قبل سنوات قليلة، وسط تأييد إعلامي وبرلماني وسياسي متصاعد. هذا التلميح إلى مد فترة الرئاسة واجه معارضة أيضا، كان أبرزها من رئيس اللجنة التي أعدت الدستور الحالي، عمرو موسي، الأمين الأسبق لجامعة الدول العربية (2001-2011). ويعتقد موسى أن "الحديث المعاد عن تعديل الدستور في عام انتخاب الرئيس، يثير علامات استفهام"، واصفا هذه الدعوات بأنها "إشاعة للتوتر". ووفق أحاديث منفصلة أجرتها وكالة "الأناضول"، مع خبراء، بينهم قانوني، فإن احتمال تعديل الدستور له قراءتان؛ الأولى هي أنه نتاج رغبة فعلية لمؤيدين للرئيس عبد الفتاح السيسي بمد فترة حكمه في إطار "جس نبض" شبه رسمي. بينما ترتكز القراءة الثانية على ثلاثة عوائق ستواجه هذه الخطوة، تتنوع بين سياسي واقتصادي ودستوري. وحسب الدستور، تلزم موافقة خُمس أعضاء مجلس النواب (120 عضوا من إجمالي 596) على مقترحات تعديله، قبل مناقشتها والتصويت عليها، بموافقة ثلثي الأعضاء، على أن تصبح نافذة بموافقة الأغلبية في استفتاء شعبي. وفي 7 أغسطس الجاري، صادق السيسي على قانون بشأن الهيئة الوطنية للانتخابات، لتتولى تنظيم انتخابات الرئاسة المقبلة. والسيسي (62 عاما)، الذي لم يحسم موقفه من الترشح لولاية ثانية وأخيرة، جاء رئيسًا في 8 يونيو 2014، لمدة 4 سنوات، إثر فوزه بأول انتخابات رئاسية، بعد 3 يوليو 2013. ** تأييد متصاعد في فبراير الماضي، دعا النائب إسماعيل نصر الدين، إلى تعديل الدستور لمد فترة حكم الرئيس إلى ست سنوات، ولم يتقدم فعليا بهذا الطلب. لكن البرلماني كرر طلبه، الأسبوع الماضي، معلنا عزمه التقدم به، في بداية دور الانعقاد النيابي، في أكتوبر المقبل، بعد انتهاء إجازة برلمانية. وعبّر عضو ائتلاف دعم مصر (صاحب الأغلبية البرلمانية)، النائب جمال عبد العال، في تصريحات صحفية، مؤخرا، عن تأييده مقترح مد فترة الرئاسة، لأسباب قال إن بينها مواجهة الإرهاب. ورأى أن "تعديل الدستور يتطلب موافقة خُمس النواب أي 120 نائبا فقط (من إجمالي 596)، لذا من السهل الموافقة عليه، على أن يتم بعدها استفتاء الشعب لإقراره". وتوقع النائب موافقة أغلبية الشعب على مد فترة الرئيس؛ "لأن العقلاء كثيرون"، على حد قوله. كما صرح رئيس مجلس النواب، خلال ترؤسه مناقشة رسالة دكتوراه في كلية الحقوق جامعة المنصورة، الأسبوع الماضي، بأن أى دستور يتم وضعه فى حالة عدم استقرار، يحتاج إلى إعادة نظر بعد استقرار الدولة. وأفاد بأن صلاحيات رئيس البلاد لا تستطيع تغيير وزير، إلا بموافقة برلمانية، "وهو أمر خارج عن المنطق". وإن حصل المقترح على موافقة برلمانية وشعبية ستكون عودة إلى فترة الرئيس الأسبق، محمد حسني مبارك (1981-2011)، الذي أطاحت به ثورة شعبية، والتي تم تقليصها عبر تعديلات دستورية، في 19 مارس 2011، إلى 4 سنوات. ** دعوات للرفض وسط معارضة خافتة وصمت رسمي، برز انتقاد عمرو موسى، المرشح الرئاسي الأسبق في انتخابات 2012 بقوله: "مصر في حاجة إلى تعميق الاستقرار، وليس إشاعة التوتر". وفي بيان صادر عنه، أكد أن البلاد "تحتاج إلى تأكيد احترام الدستور وليس إلى التشكيك فيه". وقريبا من هذا الطرح، قال النائب المعارض، أحمد الطنطاوى، إنه "بات واضحا أن الحديث عن تعديل الدستور داخل البرلمان ليس رأيا فرديا، بل لعدد من الأعضاء، وهو ما أكدته تصريحات رئيس مجلس النواب". وأضاف الطنطاوي أن "الدستور ملك الشعب، الذى يملك وحده حق تعديله، ولا أعتقد أن هناك مطالبات شعبية بتعديل الدستور، بل إن المطالبات الشعبية فى اتجاه مخالف تماما". فالشعب، حسب البرلماني المعارض، "يريد صحة وتعليم، وفرص عمل، وضبط الأسعار، ويطالب بشيء، بينما يطالب النواب بشيء مختلف تماما". ** إسقاط الدستور وبالنسبة إلى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حسن نافعة، فإن "الحلقة الناقصة في هذا الأمر: هل النظام هو الذي يوحي إلى هؤلاء الأشخاص باقتراح هذه الأشياء، التي إذا ثبت صحتها سيكون نظاما خائفا (؟)". وأضاف نافعة أنه "لا يوجد أي مبرر لتعديل الدستور، والأولى تطبيقه أولا". واستطرد: "لا أتوقع تعديلات دستورية، وإذا حدثت سيكون قصر نظر من جانب النظام". ووضع عائقين أمام تنفيذ ذلك المقترح، أولهما سياسي، لجهة أن "أي شيء من هذا القبيل، سيعقّد المشهد أكثر مما هو مرتبك، ويؤكد على أن الدستور لم يعد له أي احترام، ومجرد ورقة مكتوب عليها بعض القرارات، وهذا معناه إسقاط الدستور، وسيعني في عقلية جمعية إسقاط شعبية النظام". ويؤيده في هذا العائق، النائب المعارض، أحمد الطنطاوي، قائلا: "إذا حدث استفتاء شعبى على الدستور أشعر بالشك فى مشاركة الشعب، خاصة أنه أصبح مشغولا بالبحث عن لقمة العيش". وشدد على أن "الدستور والذهاب إلى صناديق الاقتراع من مكتسبات الثورة، وهو ما يجب الحفاظ عليه". أما العائق الثاني أمام التعديل المحتمل، وفق نافعة، فهو اقتصادي، حيث "يُفترض أن الدولة الآن تعد للانتخابات الرئاسية بعد أربعة أشهر، أما إذا حدث تعديلات دستورية خلال هذه الفترة القصيرة، فسيعني هذا مزيد من هدر الأموال في ظل أوضاع اقتصادية سيئة". ويضيف الخبير في الشؤون البرلمانية، بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية (حكومي)، عمرو هاشم ربيع، عائقا ثالثا، وهو دستوري، بقوله إن "مثل هذه الدعوات تمثل خرقا للدستور". ربيع أوضح، أن "المادة 226 (من الدستور) تؤكد على أن النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية أو مبادئ الحرية لا تمس". وتنص هذه المادة الخاصة بتعديلات مواد الدستور على أنه: "لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية، أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقًا بالمزيد من الضمانات". واعتبر أن كل هذه التصريحات بخصوص التعديل المحتمل هي "جس نبض من قبل النظام"، غير أنه عاد وأكد أن تعديل الدستور "وارد". ** الرأي القانوني.. لا حظر صلاح فوزي، أستاذ القانون الدستوري في جامعة المنصورة، قال إن الفقرة الأخيرة من المادة 226 تنص على عدم إعادة انتخاب الرئيس (لفترة رئاسية ثالثة). ولفت فوزي إلى أن "الحظر هنا على مدد الولاية، أما عدد سنينها فلا يوجد أي حظر عليها". وبهذه الحيثيات فإن السؤال اليوم، حول صحة تطبيق التعديل، حال حدوثه، على ولاية السيسي التي تنتهي العام المقبل. وفي معرض إجابته، أوضح الخبير الدستوري، وهو عضو لجنة الخبراء التي صاغت مشروع تعديلات الدستور الحالي في 2013، أن المادة 226 تقول إن التعديل يعد نافذا اعتبارا من إعلان نتيجة الاستفتاء بالأغلبية المطلقة لعدد المشاركين، أي النصف زائد واحد. وحول إمكانية الطعن على أن الشعب شارك بالانتخابات الرئاسية في 2014 على أن تكون مدة الرئيس 4 سنوات، قال فوزي إن الأمر يتوقف على كيفية اقتراح التعديل. وعندها يمكن أن تكون الصيغة التي "تحصن" المقترح، بحسب الأكاديمي، "تعدل المادة 140 لتصبح مدة الرئاسة 6 سنوات بدلا من 4، على أن يسري هذا التعديل على المدة الحالية". وعن رأيه في تعديل الدستور، قال فوزي إنه يؤيد إجراء التعديلات كون الدستور كُتب في ظرف استثنائي، وكانت هناك مظاهرات وضغوط مختلفة، أما الآن فالأوضاع أصبحت أكثر استقرارا. واستشهد بأنه "ليس من المنطقي أن تكون فترة رئيس الجمهورية أقل من مدة الدورة البرلمانية".