«المركزى للإحصاء»: 37 ألف حريق متوسط إحصائيات الحرائق.. ومصر سجلت الرقم القياسى فى 2016 خبراء: الحرائق الطريق الوحيد للهروب من الضرائب وإخفاء الفساد فى المخازن الحكومية موجة من الحرائق المدمرة تشهدها مصر كل عام، فتتحول الأبنية والمصانع والشركات إلى أكوام من الرماد، تلتهم الأخضر واليابس ويزداد لهيبها فى نهاية السنة المالية، فلا يكاد يمر يوم إلا ونشهد حريقًا أو عدة حرائق، تطال المؤسسات الحكومية والمحال التجارية والشركات والمصانع، ويبقى الماس الكهربائى هو الجانى المتهم فى كل الأحوال لضمان البراءة فى كل الأحوال، وللهروب من الحقائق. "المصريون" ترصد سبب اشتعال النيران فى الشركات التجارية والقطاعات الحكومية خلال فصل الصيف والذى يتوافق مع الجرد السنوي. ومن أبرز تلك الحرائق، حريق منطقة الرويعى بالعتبة، وحاول سكان المنطقة السيطرة عليه لحين وصول عربات الإطفاء، والتى تمكنت من إخماد النيران، وأسفر الحادث عن إصابة 82 شخصًا، وتدمير 8 محلات و15 فراشة خاصة بالباعة الجائلين، لتصل خسائر المتضررين إلى 40 مليون جنيه. وفى 11 مايو، اندلع حريق هائل فى شارع الغورية بمنطقة الحسين، وتبين أن الحريق قد نشب فى 20 محلاً للأقمشة، وقد نجح رجال الحماية المدنية فى محاصرة النيران والسيطرة على الحريق قبل امتدادها للعقارات، وكشف الفحص المبدئى للأجهزة الأمنية بالقاهرة بأن هناك شبهة جنائية وراء الواقعة، ولم يسفر الحريق عن أى إصابات بشرية. وبتاريخ 10 يوليو 2014 شب حريق هائل بمصنع نوفال للأدوات المنزلية بالمنطقة الصناعية بمدينة بدر، بسبب ماس كهربائي، والتهمت ألسنة اللهب مبنى إداريًا من 3 طوابق دون وقوع خسائر فى الأرواح. ودفعت قوات الحماية المدنية ب 15 سيارة إطفاء وعدد من خزانات المياه للتعامل مع الحريق وإخماده، واستمرت أعمال التبريد فيه لعدة ساعات. وكشفت المعاينة الأولية، أن المصنع مقام على مساحة 40 ألف متر، ونشب الحريق بمبنى تحت الإنشاء على مساحة 6 آلاف متر بارتفاع 3 طوابق، وأن الحريق بدأ من الطابق الأرضى ببعض المخلفات ومستلزمات الإنتاج المخزنة بالمبنى نتيجة حدوث ماس كهربائى. وتعد الحرائق، الطريق الوحيد للتغلب على سرقة المخازن والشركات والمصانع خلال الجرد السنوي، وإخفاء ملامحها هو الحريق المسبب بالماس الكهربائى، وهو الطريق الوحيد لدفن القضية، وينجو صاحبها من الملاحقة، وترتفع الحرائق فى موسم الصيف التى تكلف الدولة والمستثمرين مليارات الجنيهات خسائر ناشئة عنها وخسائر اقتصادية وتهديد للاقتصاد. قال العميد إيهاب فوزى، مأمور قسم شرطة الأزبكية، فى تصريحات صحفية، إن الحريق الذى اندلع بمخزن مصلحة الجمارك فى شارع السبتية، كان متزامنًا مع بدء لجنة الجرد المشكلة من مصلحة الجمارك لجرد محتويات المخزن، والذى يحتوى على كميات من السجائر والأدوية، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه أمام أسباب الحرائق. وبحسب إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، فإن مصر سجلت الرقم القياسى فى معدلات الحرائق لعام 2016، ويعد هذا العام من الأعوام القاسية التى مرت بها مصر، وكانت أوضحت دراسة أن متوسط نشوب الحرائق يتركز فى نحو 24 ألف حريق سنويًا، وتشير الإحصاءات إلى أن حجم الخسائر الناجمة عن هذه الحرائق تصل ل 400 مليون جنيه فى العام الواحد، بإجمالى37 ألفاً و583 حريقاً، مقابل 34 ألفاً و828 عام 2014 بنسبة زيادة قدرها 7.9%. وقال الجهاز فى بيان سابق له، إنه وفقاً للحالة الجنائية يأتى الإهمال فى المرتبة الأولى لحوادث الحريق بعدد 19705 حادثة بنسبة 52.4% ، يليه الحريق العارض بعدد 16857 حادثة بنسبة 44.9%، ثم الحريق العمد بعدد 1021 حادثة بنسبة 2.7% خلال عام 2015. من جانبه، قال اللواء جمال حلاوة، مساعد وزير الداخلية للحماية المدنية سابقًا، إن الأحمال المتزايدة هى السبب الرئيسى وراء اندلاع الحرائق فى فصل الصيف بداية من شهر يونيو، وإن عملية الحريق تبدأ بالضغط على أسلاك الكهرباء التى تتهالك وتتناثر معها شرارة الكهرباء، ومن ثم اشتعال النيران فى المناطق المجاورة والتى غالبا ما تكون مواد قابلة للاشتعال. وأضاف حلاوة ل"المصريون"، أن هناك بعض المصانع تلجأ إلى تعمد إشعال الحريق للهروب من الضرائب أو ملفات الفساد فى فصول الصيف والتى يتوافق غالبًا مع انتهاء السنة المالية، ومناقشة ميزانية الشركات مع الضرائب، ولا بد أن تعد الدولة إحصائية عن الحرائق فى السنوات الأخيرة لتعرف هل الأمر عادى أم غير عادى أم ظاهرة. وتابع مساعد وزير الداخلية، أن هناك سببين رئيسيين لحماية الأماكن من الحريق أولهما: إجراءات الأمان، فدائمًا المواطنون يلجأون إلى الخامات الأقل سعرًا، فى عمليات إنشاء المصانع والشركات، والتى غالبا ما تكون رديئة الصنع، والآخر: تدريب العمالة على التعامل الفورى مع الثوانى الأولى للحريق، فالقانون ينص على تدريب نسبة 25% من العمالة فى إدارة الحماية المدنية، لكن تلك العمالة لا يحسنون التدريب ولا يسعون لاكتساب المهارات، فتنعكس عليهم عند اشتعال أى حريق. واستكمل حلاوة، أن المواطنين يحمّلون الحماية المدنية مسئولية اندلاع الحريق وانتشاره السريع فى الأماكن المجاورة ولا يلومون أنفسهم، فانتشار البضائع وتكدسها داخل المخازن بطريقة خاطئة تساعد على اشتعال الحرائق، كما أن هناك بعض التجار يخزنون البضائع داخل مخازن كبيرة على أعتابها أبواب حديدية، وعند انصهار النيران لا تستطيع القوات الوصول إليها. ويستكمل حلاوة، أن هناك ثلاث طرق رئيسية للسيطرة على الحريق، تتمثل فى "التبريد والخنق والتجويع"، والمقصود بالأولى تبريد المكان المحترق وما فيه من مكونات وما حوله خشية امتداد الحريق، ويتم ذلك بقذف أو رش المياه بأى وسيلة سواء عن طريق الخراطيم، وكذلك الخنق، والمقصود به تغطية الحريق بحاجز يمنع وصول أكسجين الهواء إليه، وذلك بوسائل كثيرة منها تغطية المادة المشتعلة - إذا كانت مساحتها فى متناول أجهزة الإطفاء- بالرغاوى الكيماوية، أما التجويع فالهدف منه الحد من كمية المواد القابلة للاشتعال بالوسائل نقل المواد القابلة للاشتعال بعيدًا عن تأثير الحرارة والنار، مثل إزالة النباتات والأشجار بالغابات والأراضى الزراعية لوقف سريان وانتشار الحريق. من جانبه، قال عبدالعظيم حسين، رئيس مركز كبار الممولين بمصلحة الضرائب، إن موسم الصيف يشهد بعض الحرائق داخل الشركات والمؤسسات التجارية، والذى يتوافق مع موسم الجرد، نافيًا أن يكون الهدف من وراء الحرائق الهروب من الضرائب، لأن من مصلحة الشركة تقديم ملفات، وإذا أحرقت الملفات يتم ردها وإخضاعها ضريبيًا. وتابع الخبير الضريبى، فى تصريحات ل"المصريون"، أن هناك العديد من الوسائل البديلة للدفاتر منها الكمبيوتر وميزانية وبرامج أخرى متوفرة، يتم تسجيل البيانات عليها بدلاً من الدفاتر، كما أن الدولة لا تعوضهم ضريبيًا، لتوافر الميزانية وإقرار ضريبى ولو لم يتم تقديم المستندات، سيرد للوعاء وخضوعه. وتابع الخبير، أن الوعاء الضريبى هو الذى يحدد حجم الإيرادات والمصروفات طبقًا للمستندات، وحتى يعتمد وتخفيضه، لا بد من تقديم الدفاتر والمستندات التى تثبت معلوماته، وإذا أحرقت المستندات فهو لم يتهرب ضريبيًا، قائلًا: "هو كدة هيدبس ضريبيًا". واستبعد عبد العظيم، افتعال الحرائق سواء من قبل أصحاب المصانع أو العمال العاملين بها بهدف التهرب الضريبى وخلافه، لافتا إلى أن هذه الأطراف مصلحتها فى استمرار العمل. أما أحمد خزيم، المستشار الاقتصادي، قال إن انتشار ظاهرة الحرائق فى شركات القطاع العام، أثارت العديد من التساؤلات عن أسبابها، على مر الأعوام السابقة، لكنها تحدث كل عام، وتهدف إلى محاولات إخفاء مسئولى المصنع، الحسابات والميزانيات التى تكشف حجم المبيعات والأرباح المحققة، وهو نوع من التهرب من الفساد. وتابع الخبير الاقتصادي، فى تصريحات ل"المصريون"، أن الحرائق تستخدم كوسيلة لطمس الحقائق حول مبيعات الشركة أو التلاعب فى المستندات، لكن أسلوب الحرائق أصبح ليس مرغوبًا فيه الآن، بدليل أن الموسم الحالى لم يشهد حتى الآن حرائق فى القطاع الحكومي، وأصبحوا يبحثون فيه عن بدائل أخرى تخفى ملامح جريمة فسادهم.