أحدثت اتفاقية إعادة ترسيم الحدود بين السعودية ومصر، والتنازل عن جزيرتي "تيران وصنافير"، حالة من الجدل واللغط، وهو ما دفع البرلمان إلي القيام بمد فترة النقاش حول الاتفاقية، وهو ما يؤكد أن البرلمان لم يستطع مناقشة بعض القوانين الأخرى التي كان يجب تمريرها في دور انعقاده الثاني، الذي شارف علي الانتهاء بنهاية شهر يونية الجاري. ووعد البرلمان بالانتهاء من بعض القوانين خلال هذا الدور، غير أنه ترك الملفات والقوانين الحاسمة لدور الانعقاد الثالث، وذلك على الرغم من أهميتها، ونص الدستور بشكل مباشر على الانتهاء منها. ومن أبرز القوانين التي كان علي البرلمان مناقشتها والانتهاء منها: تشكيل حقوق الإنسان كان من المفترض أن ينتهي البرلمان في دور انعقاده الأول من تشكيل المجلس القومي لحقوق الإنسان بعد انتهاء مدته وفقًا للوائح والقوانين الدستورية لإعادة تشكيله، فور انتخاب البرلمان، إلا أن مجلس النواب لم يقر القانون إلى الآن، وظل التشكيل الحالي يعمل في مناصبه، بالرغم من الاتهامات بعدم الدستورية، وفقًا للقرار الجمهورى رقم 75 لسنة 2013، والذي نص على أن «يصدر بإعادة تشكيل المجلس القومى لحقوق الإنسان قرار من مجلس الوزراء، ويستمر المجلس بتشكيله الجديد لحين انتخاب البرلمان» أي أنه بمجرد انتخاب البرلمان يعتبر المجلس الحالي منعدم الأثر لحين تشكيل المجلس الجديد، مما كان ينذر بأهمية إقرار هذا القانون خلال دور الانعقاد الثاني. التأمين الصحي وعد العشرات من النواب البرلمانيين المهتمين بالشأن الصحي بتمرير قانون التأمين الصحي الجديد الذي يضمن رعاية صحية سليمة للموظفين، وجميع المواطنين بالدولة؛ إلا أن البرلمان ولجانه المعنية لم تبدأ حتى في مناقشة المشروع بشكل رسمي؛ ليتم عرضه بإحدى الجلسات العامة للمجلس لتمريره، ولم يكن القانون من ضمن أولوياتهم من الأساس. الإيجار القديم أثار قانون الإيجار القديم، حالة من الارتباك خلال شهر مايو الماضي، بعد أن تم رفع قيمة الرسوم الخاصة بالمستأجرين لحساب مالكي العقارات التي يسرى عليها الايجار القديم، وهو ما دفع إلى حالة من الغضب من قاطني العقارات من الفقراء الذين لم يكن لديهم المقدرة علي دفع الرسوم الجديدة التي فرضها البرلمان في القانون، وهو ما دفع البرلمان إلي إرجاء الحديث عن القانون وتمريره ومناقشة إلي دور الانعقاد الثالث. العقوبات بعد أن تم تقديم ما يقرب من 5 مشروعات لتعديل قانون العقوبات، إلا أنه لم يتم إنجازه أو مناقشته في الجلسات العامة للبرلمان خلال دور انعقاده الحالي، لما أثير في الفترة الأخيرة حول عدم دستورية بعض المواد في مشروعات القوانين، بالإضافة إلي رفض قطاعات كبيرة من المحامين والحقوقيين والأحزاب السياسية لهذا التعديل، مؤكدين ضرورة أن يتم مناقشته في حوار مجتمعي يضم ممثلين من هؤلاء السالف ذكرهم للانتهاء من إعداد مشروع قانون يرضى جميع الأطراف، ولكنه حتى الآن لم يتم إنجازه أو الانتهاء منه من جانب لجنة الشئون التشريعية والدستورية؛ لانشغالها باتفاقية تيران وصنافير في الآونة الأخيرة. الإجراءات الجنائية علي الرغم من انتهاء الحكومة برئاسة المهندس شريف إسماعيل، من إقرار قانون الإجراءات الجنائية، إلا أنها حتى الآن لم يقم ممثل الحكومة من وزارة العدل بإرسال نص مشروع القانون إلي مجلس النواب مرة أخرى؛ لعرضه في جلساته العامة لمناقشته من بين الأعضاء سواء بالموافقة عليه أو رفضه، حيث إن اللجنة التشريعية طالبت الحكومة بأن تصدق عليه بعد أن قامت بمناقشته والانتهاء منه ليعود من جديد إلي المجلس ولكن دون رد. الهجرة غير الشرعية حالة من الرفض والغضب سيطرت في الشهور الماضية بين قطاعات متعددة تفيد بضرورة سرعة إقرار قانون الهجرة غير شرعية؛ لتزايد حالات هجرة الشباب إلي خارج مصر، وتعرضهم لمخاطر متعددة علي رأسها الموت غرقًا في السفن التي تقلهم، ولكن لم يسمع البرلمان لتلك الاصوات في دور انعقاده الثاني، وقرر تجاهل القانون للمرة الثانية بعد أن تم تأجيله فعليًا في دور الانعقاد الاول، ليكرر البرلمان هذه الأزمة من جديد ويقرر إرجاءه إلي دور انعقاده المقبل، وسط حالة من الأمل الذي يسيطر علي المواطن لكي يتم إقراره قبل نهاية دور الانعقاد الثالث. العدالة الانتقالية نص الدستور على إقرار قانون العدالة الانتقالية في دور الانعقاد الأول، حيث نصت المادة 241 من دستور 2014 على أن «يلتزم مجلس النواب في أول دور انعقاد له بعد نفاذ هذا الدستور بإصدار قانون للعدالة الانتقالية يكفل كشف الحقيقة، والمحاسبة واقتراح أطر المصالحة الوطنية، وتعويض الضحايا وذلك وفقًا للمعايير الدولية»، إلا أنه لم يتم إقراره إلى الآن ومن المرجح أن يتم تأخير إقراره؛ لاعتراض عدد كبير من النواب على مناقشته بسبب رفض التصالح مع جماعة الإخوان. فمن جانبه قال طارق فهمي، الخبير السياسي، إن أسباب عدم انتهاء البرلمان من إقرار العديد من القوانين التي كان يجب أن يقرها النواب خلال دور الانعقاد الثاني، هو وجود مسألة اتفاقية تيران وصنافير، وبسبب الأحداث السياسية المختلفة التي أحاطت بالدولة من إرهاب آخرها إعلان حالة الطوارئ بعد الأحداث التي شهدها أقباط مصر من تفجيرات طالت العديد من الكنائس بمختلف محافظات الجمهورية. وأضاف "فهمي"، أنه علي البرلمان في دور انعقاده القادم أن يرتب أولوياته وأجندة القوانين المهمة التي يجب تمريرها، مشيرًا إلي أن التعويل على البرلمان في إقرار قوانين تصب في صالح المواطنين أمر صعب؛ وذلك بسبب سياسته الأخيرة، في اتخاذ قوانين وقرارات مهمة ولن ينظر إلي القوانين التي تهم المواطن من الدرجة الأولى. وفي سياق متصل قال مختار الغباشي، الخبير السياسي، إن البرلمان يعد بوقًا جديدًا لتمرير قوانين الحكومة والتي تساعدها فيما تقوم به، دون الالتفاف إلي حق المواطن أو القوانين التي تهمه من الدرجة الأولى، فلم يحرك البرلمان ساكنًا في الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي أصبح يعاني منها الشعب في الفترة الأخيرة. وأضاف "الغباشي"، أن علي البرلمان أن ينظر في دور انعقاده الثالث بعين من الرفقة علي المواطن، وأن يبدأ في النظر في القوانين التي تعثرت خلال دوري الانعقاد السابقين الأول والثاني، وأن يمرر جميع القوانين المعلقة والمتعلقة بقوانين "التأمين الصحي، الهجرة غير الشرعية، الإيجار القديم"، وهي القوانين التي تهم الشعب أكثر من نظر أي قوانين أخرى بدون دافع حقيقي وقوي يجعلها تتعجل في ذلك الإقرار أو النظر، دون الالتفات إلي قوانين أخرى.