وسائل إعلام موالية للسلطة تتهم المرشحين الرئاسيين بالخيانة والعمالة للخارج على الرغم من أن وظيفة وسائل الإعلام، هي نقل المعلومات والإخبار بحيادية وموضوعية، فضلاً عن إتاحة الفرصة أمام الجميع لعرض وجهات نظرهم، سواء مؤيدين أو معارضين، مختلفين مع النظام أو متفقين، إلا أن ما يحدث على أرض الواقع يناقض لتلك القاعدة. ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، بدأت وسائل الإعلام، الموالية للسلطة في تشويه سيرة الشخصيات المحتمل خوضها للسباق الرئاسي بصورة متعمدة، وعبر إلصاق التهم بهم، والتشهير بهم أمام الرأي العام عن طريق نشر معلومات مغلوطة. ومن أبرز هذه الشخصيات: المستشار جنينة حتى قبل عزل المستشار هشام جنينة من منصبه كرئيس للجهاز المركزي للمحاسبات، وقد تعرض لحملة اتهامات تستهدف محاولة اغتياله معنويًا أمام الرأي العام، ولم تتوقف تلك الحرب حتى الآن، وخاصة بعد أن أشارت تقارير إلى اعتزامه خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، وكان آخرها نشر اسمه في قائمة بأسماء "حيتان الأراضي" الذين استولوا على أراضي خاصة بالدولة بالمخالفة للقانون. وقال الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، إن من نسب إليه بخصوص استيلائه على أراضي خاصة بالدولة بطريقه غير قانونية كلام غير صحيح، وأضاف ل "المصريون" أن "الهدف من القائمة المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي ليس إعلام الرأي العام بالأسماء الحقيقية لمن استولوا على أراضي الدولة، ولكن القصد منها الإساءة لبعض الشخصيات الواردة فيها". الفريق عنان وتعرض الفريق سامي عنان، رئيس أركان حرب القوات المسلحة سابقًا هو الآخر لحملة تشويه واسعة، منذ أن ظهرت توقعات باحتمال خوضه لسباق الانتخابات الرئاسية المقبلة، وزادت تلك الحملة عقب تأكيده خوضها. واتهمت وسائل إعلامية، عنان بتلقيه تمويلات من جهات لخارجية، من أجل دفعه لخوض الانتخابات، ومن بينها مزاعم بتلقيه مليار دولار لخوض الانتخابات، إضافة إلى تحالفه مع جماعة "الإخوان المسلمين" من أجل دعمه. حمدين صباحى لم يسلم حمدين صباحي، المرشح الرئاسي الأسبق من تلك الحملات، إذ اتهمته وسائل الإعلام في وقت من الأوقات بالتخابر مع "حزب الله" اللبناني، والحرس الثوري الإيراني، وهناك من اتهمه بالتنسيق من جماعة "الإخوان" لتكوين جبهة مضادة للنظام القائم، فضلاً عن اتهامه بتلقي تمويلات من الخارج، وعلى الرغم من إعلانه عن عدم خوض سباق الانتخابات إلا أن حملة التشويه ما زالت مستمرة. عبد المنعم أبوالفتوح وعلى الرغم من توجيه الشكر للرئيس السيسى في بعض المواقف، إلا أن الإعلام المصري لم يرحمه كونه أحد المحسوبين على المعارضة، فضلاً عن عضويته بجماعة "الإخوان" سابقًا، فاتهمته بالخيانة والعمالة لدول خارجية ومحاولته تمهيد الطريق لعودة "الإخوان" للحياة السياسية، وأنه الحل الأمريكي القادم في المنافسة على كرسي الحكم، فضلاً عن تعرضه للسب والقذف من بعض الإعلاميين والنيل من كرامته وشخصيته. خالد على كان المحامي خالد علي، الذي أعلن اعتزمه الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة هو الآخر أحد ضحايا الإعلام المصري في الفترة الأخيرة، خاصة بعد تصريحاته المعارضة للسلطة، فقد تعرض لعدة هجمات شرسة اتهمته بالعمالة والاتصال بدول خليجية وأجنبية ومناصرة الإخوان والجماعات المتطرفة . ولم تقتصر القائمة على الشخصيات السياسية المذكورة، فهناك شخصيات أخرى تعرضت لهجوم إعلامي دائم، بسبب مواقفها من السلطة الحالية. الدكتورة هويدا مصطفى، أستاذ الإعلام السياسي بجامعة القاهرة، وعميدة أكاديمية الشروق، وصفت يقوم به الإعلام المصري الآن بأنه "رعونة وعدم مهنية، سواء من جانب الإعلام العام المملوك للدولة، أو الإعلام الخاص". وأضافت ل"المصريون": "رغم كل ما نسمو إليه من الالتزام بأخلاقيات المهنة، إلا أن بعضًا من وسائل الإعلام حادت عن الطريق واتبعت هواها في نشر الشائعات والتشكيك في كل ما هو معارض، على الرغم من أن ثقافة الاختلاف هي أساس المهنة وأخلاقياتها". واعتبرت أن "الإعلام سلاح ذو حدين بجانب دوره التنويري والتثقيفي فإنه له دور خطير في التنكيل بالخصوم، تبعًا للمصالح خاصة في المؤسسات الخاصة، حيث إن المرحلة التي تمر بها البلاد الآن لا تتحمل سياسة التشكيك أو التخوين"، متمنية "عودة الإعلام لرشده وطريقه الصحيح والموازنة في التحليل". وقال الدكتور سعيد صادق، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إن "وسائل الإعلام تعاني خلال تلك الفترة من الانفلات، وهناك بعض القنوات تتطوع من تلقاء نفسه بشن هجوم حاد على المعارضين، في محاولة منها لكسب رضا النظام". وأوضح أن "هناك حملات تشويه ممنهجة يشنها الإعلام على المعارضين من أجل اغتيال تلك الشخصيات، لكنها تأتي نتائجها في بعض الأحيان بصورة عكسية". وتابع: "في بعض الأحيان لا تستحق الشخصية المعارضة حجم الهجوم عليها، ما يجعلها تحظى بتأييد من جانب قطاع كبير من المواطنين، وأيضًا هناك شخصيات لن تحصل على نسبة أصوات عالية إذ ما قررت خوض الانتخابات، لكن يتم تشويها عبر وسائل الإعلام لكي لا يكون لها فرصة من الأساس".