رفض الحصول على أصوات الإخوان والقوى المعادية لثورتى 25 يناير و30 يونيو رغم الهزيمة الساحقة التى لحقت بزعيم التيار الشعبى حمدين صباحى فى انتخابات الرئاسة، فإنه خرج من المعركة ممتطيا جواد المنافس العنيد الشجاع، حائزا على احترام الجميع، حتى لقبه البعض بالمرشح «الخاسر الرابح». المساحة التى حظى بها زعيم التيار الشعبى من الاحترام لم تأت من فراغ، لكنها نتاج عدة عوامل وأسباب اجتمعت فى شخصية صباحى، يمكن تلخيصها فى 4 أسباب رئيسية، السبب الأول هو القرار الشجاع والجرىء، الذى اتخذه صباحى بخوض المعركة الانتخابية أمام السيسى بشعبيته الجارفة. السبب الثانى هو استمراره فى السباق الرئاسى دون الانسحاب منه، رغم أن الفرصة سنحت أمامه مرتين الأولى فى بدايات السباق بعدما شهدت المعركة انسحاب عدد من المرشحين من بينهم الفريق سامى عنان وخالد على ومرتضى منصور، لكن صباحى قرر أن يخوض السباق حتى النهاية، والمرة الثانية حينما أعلنت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية عن تمديد باب التصويت ليوم ثالث إضافى، حيث أعلن حمدين رفضه القاطع للقرار، ورغم مطالبات عديد من أعضاء حملته الانتخابية بضرورة انسحابه من السباق الرئاسى فإنه قرر الاستمرار فى المعركة حفاظا على سلامة الوطن. السبب الثالث هو خروج صباحى نفسه معلنا خسارته المعركة الانتخابية خلال المؤتمر الصحفى الختامى، الذى عقدته الحملة، مؤكدا أن التجاوزات والانتهاكات التى وقعت بحق الحملة لا تؤثر على سير العملية الانتخابية، وهو ما منحه احترام كثير من المواطنين لشجاعته وجرأته فى إعلان خسارته بنفسه قبل أن تعلنها الجهات الرسمية ودون تشويه صورة المرشح المنافس. السبب الرابع والأخير هو رفضه التخلى عن مبادئه وأفكاره، رافضا استعطاف واستمالة الإخوان والتيارات المعادية لثورتى يناير ويونيو للحصول على أصواتهم فى المعركة الانتخابية، حيث أكد فى أكثر من تصريح له أنه لا تسامح أو تصالح أو تهادن مع من يرى أن 25 يناير كانت مؤامرة و30 يونيو كانت انقلابا على إرادة المصريين. شجاعة القرار : حمدين صباحي لم تصمت ألسنة كثير من معارضى صباحى عن شن هجوم كاسح عليه إثر قراره الجرىء بخوض السباق الرئاسى فى 9 فبراير 2014، مؤكدين آنذاك أن قراره سيعمل على شق الصف الوطنى، وسيؤدى إلى انقسام الشعب، واستمر صباحى فى معركته الانتخابية، مواصلا مشواره حتى النهاية، فى الوقت الذى كانت فيه ماكينات الهجوم تزداد ضده يوما بعد الآخر، لا سيما من قبل ألد خصومه من رجال الحزب الوطنى، الذين أرادوا عرقلته عن استكمال المعركة الانتخابية، خصوصا بعد تراجع كل من خالد على ومرتضى منصور والفريق سامى عنان عن الاستمرار فى السباق الرئاسى، حتى أصبحت حلبة السباق الرئاسى مقتصرة عليه وعلى منافسه الأوحد المشير عبد الفتاح السيسى. الانسحاب مرفوض : سنحت لصباحى فرصة الانسحاب من السباق الرئاسى مرتين، وفى كل مرة كان سيخرج محمولا على الأعناق سواء من قبل الإخوان أو المقاطعين للعملية الانتخابية برمتها أو من معارضى السيسى، لكنه صمم على استكمال السباق رافضا الخروج من الحلبة منسحبا، ممتطيا جواد المرشح المنافس الذى يحاول الفوز بالمعركة الانتخابية أملا فى تحقيق أحلام البسطاء وأهداف ثورتى 25 يناير و30 يونيو، ومبادئ العيش والحرية والعدالة الاجتماعية. المرة الأولى التى رفض فيها زعيم التيار الشعبى الانسحاب كانت فى بدايات السباق الرئاسى، بعد الحملة الواسعة التى تعرض لها من قبل الكثيرين، لإجباره على الانسحاب، بعد اعتزامه الترشح رسميا وانقسام صف حركة «تمرد» بين مؤيد ومعارض له، وتعالت حينها الأصوات بأن ترشحه شق لقوى الثورة والصف الوطنى، إلا أنه استمر فى مشواره الانتخابى مع أعضاء حملته مستعدا بقوة للمعركة، حاصلا على تأييد شعبى كبير من عدد من القوى والتيارات والأحزاب السياسية مثل حزب الدستور والتيار الشعبى والكرامة والتحالف الشعبى الاشتراكى والاشتراكيين الثوريين والعدل ولفيف من الشخصيات العامة من الكتاب والفنانين والسياسيين والأدباء. المرة الثانية كانت فى نهايات المعركة الانتخابية، بالتزامن مع قرار اللجنة العليا للانتخابات بتمديد باب التصويت ليوم ثالث إضافى، التى رفض خلالها صباحى فى اجتماع طارئ عقده مع كل أعضاء حملته الانتخابات وقيادات الأحزاب والتيارات السياسية التى أعلنت دعمها وتأييدها له الانسحاب من المعركة الانتخابية، قائلا خلال الاجتماع الذى استمر قرابة 6 ساعات متواصلة «لن أنسحب من السباق الرئاسى حتى لا أدع الإخوان وألد خصوم الوطن يحملوننى على الأعناق، ويستغلون الموقف سياسيا فتزيد أعمال العنف والإرهاب، وأعلم جيدا أن قرار الاستمرار سيكون مكلفا للغاية وباهظا، لكن مصلحة الوطن أكبر منى شخصيا، وسأواصل المشوار حتى النهاية رغم كل ما أتعرض ويتعرض له شباب الحملة وأرجو أن تعينونى على ذلك. أقر بهزيمته بنفسه : ليس أصعب على المرشح الرئاسى، الذى يمتلك تاريخا طويلا من النضال والعمل السياسى، وخبرات واسعة فى السياسة ومعارك ضارية مع الحكام والأنظمة السابقة وتجارب فى انتخابات رئاسية سابقة، من أن يقف أمام جموع أنصاره ومؤيديه وكل وسائل الإعلام ليعلن أمام الجميع خسارته المعركة الانتخابية أمام منافسه، معترفا بهزيمته فى تلك الجولة، مؤكدا مواصلة المشوار فى صفوف المعارضة خلال الفترة القادمة. صباحى وقف أمام الجميع فى المؤتمر الختامى مساء أول من أمس الخميس، وأعلن أمام حشد من وسائل الإعلام المحلية والأجنبية خسارته الانتخابات الرئاسية أمام منافسه المشير السيسى رغم التجاوزات والانتهاكات التى تعرضت لها الحملة، لكنه أكد أنها لن تؤثر على نتيجة الانتخابات وسير العملية التصويتية، مؤكدا أن هزيمة المعركة ليست نهاية المطاف، وأنه سيبدأ معركته المقبلة فى صفوف المعارضة، موجها التحية لأنصاره ومؤيديه على نضالهم من أجل مستقبل أفضل للوطن والعدالة الاجتماعية. رفض استعطاف الإخوان : رغم حملات التشويه الضارية التى وجهت سهامها ضد صباحى أملا فى إسقاطه أو عرقلته عن الاستمرار فى السباق الرئاسى، ببث شائعات عديدة تؤكد نية الإخوان فى منح أصواتهم له، فإن صباحى نجح فى أن يخرج من دائرة الاتهامات التى حاول البعض أن يضعه فيها، مؤكدا عدم سعيه للحصول على أصوات كل من يرى أن ثورة 25 يناير كانت مؤامرة وأن 30 يونيو كانت انقلابا، وكذلك إعلانه عدم التسامح أو التصالح مع الاستبداد والفساد أو الداعين لخطاب الكراهية، وهو ما ظهر جليا فى اتجاه المؤشر التصويتى، ونسب ومؤشرات الفرز التى أظهرت عدم صحة تلك الشائعات التى تداولها الكثيرون