"مجتمع متدين بطبعه".. هكذا يصف المصريون أنفسهم، وعلى الرغم من ذلك انتشرت ظاهرة نشر "فيديوهات الرقص" على مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة يظهر فيها شخصيات اعتبارية سواء أساتذة جامعات أو إعلاميين أو شخصيات عادية؛ الأمر الذي طرح سؤالاً جديدًا على الساحة المصرية وهو لماذا يرقص المصريون؟. توالت ظاهرة فيديوهات الرقص بعد نشر الدكتورة منى البرنس الأستاذة بجامعة السويس فيديو خاصًا لها على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" ترقص فيه على إحدى الأغاني. تبع الفيديو حالة من الجدل في الشارع المصري إلا أن هذا الأمر لم يمنع نجلة الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر من نشر فيديو لها وهي ترقص في إحدى الحفلات الخاصة وفي حضور السفير الإسرائيلي، وبررت الأمر بأنه أمر شخصي. ثم فيديو آخر للإعلامية لميس الحديدي مع زوجها الإعلامي عمر أديب وهما يتناوبان الرقص في عيد ميلاد لميس, ومؤخرًا تم نشر فيديو لأستاذة جامعية في جامعة القاهرة ترقص فيه بطريقة مثيرة مع الطلبة. الرقص الذي أصبح ظاهرة اجتماعية ما زال في نظر كثيرٍ من المصريين يتنافى مع العادات والتقاليد المصرية ويشكل جدلاً واسعًا بعد كل فيديو يتم نشره من هذا النوع, ويجيب الخبراء عن أسباب اتجاه المصريين إلى الرقص في أن التقليد والرغبة في الشهرة يحكمان انتشار الرقص ونشر فيديوهات شخصية على مواقع التواصل الاجتماعي, وأن الرقص أصبح يمثل الوسيلة للشخصية المصرية لتفريغ الكبت بعد فترة من الازدواجية ما بين التدين الظاهري وحالة الفجور الداخلية. قال الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي والمخ والأعصاب، إن ظاهرة الرقص المنتشرة أخيرًا في فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي لشخصيات اعتبارية سواء إعلاميين أو أساتذة جامعات أو ساسة إنما تعود إلى الازدواجية التي يعاني منها المصريون ما بين التدين الظاهري والرغبة في الفجور الداخلي واستغلال كل فرصة لإظهار مكامن الشخصية الداخلية من رغبات مكبوتة. وأضاف فرويز في تصريح ل"المصريون" أن الحالة المصرية منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي تعاني من انعدام الثقافة والاتجاه إلى التقليد إلى كل ما هو يجلب الشهرة بغض النظر عن كونه يتناسب مع أخلاقيات المجتمع أم لا, ومن ثم نجد عند شهرة أحد الأشخاص؛ نتيجة نشره فيديو للرقص مثل ما حدث في البداية مع الدكتورة الجامعية منى البرنس وتأكيدها على حريتها في الأمر, أصبح الأمر محل إعجاب البعض فاتجهوا لتقليدها رغبة في الشهرة فتبعتها أستاذة جامعية في جامعة القاهرة وإعلامية مشهورة وزوجة سياسي سابق وهكذا مع تحقيق نفس النتيجة، وهي الشهرة وخلق حديث عن الفيديو وصاحبته عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومن ثم يصبح فيديو الرقص من كونه فعلاً عاديًا إلى مصدر للشهرة والتقليد. وأشار فرويز إلى أن منظومة القيم المصرية في حاجة إلى إعادة هيكلة، ومن المفترض نشر ثقافة عن كيفية نزع الرغبات المكتومة وعدم تقليد الآخر في كل الأحوال, وإن لم يحدث ذلك فإن الأمر في تطور وبعد فيديوهات الرقص من الممكن أن يتحول إلى محتوى مناقض تمامًا لأخلاقيات مجتمع من المعروف عنه أنه متدين بطبعه. من جهته، قال معصوم مرزوق، المحلل السياسي، إن ظاهرة "فيديوهات الرقص" التي اعتدناها في مصر في الآونة الأخيرة هي محاولة من المصريين لتفريغ الكبت الموجود والضغوطات الاقتصادية والسياسية الموجودة في الساحة المصرية, مؤكدًا أن الأمر في حد ذاته لا يضر, وحالة لخروج الطاقة بدلاً من إخراجها في أشياء أكثر خطورة كالمخدرات وغيرها. وأضاف مرزوق في تصريح ل"المصريون" أن دواعي الشهرة تتطلب أكثر من ذلك وجنوح المصريين للتقليد بطبعهم يجعلهم يلجأون للشهرة من خلال أكثر الأشياء تحقيقًا للشهرة وهي "الرقص", فمنذ بداية موضة نشر فيديوهات الرقص التي بدأتها الدكتورة في جامعة قناة السويس منى البرنس وحققت شهرة كبيرة جعلتها تعلن ترشحها لرئاسة الجمهورية, بدأ غيرها فعل نفس الأمر رغبة في تحقيق نفس الشهرة.