هناك اتجاهان فى الدوائر السياسية - حسب اطلاعى - حول الوضعية القانونية لجماعة الإخوان المسلمين؛ أحدهما يرى سلامة وضعها القانونى وأنه لا يوجد قرار بحلها، وهو الاتجاه الذى تقطع به الجماعة. والآخر يرى أن الجماعة قد حلت بقرار مجلس قيادة الثورة وتحويلها إلى حزب سياسى ويطبق عليها أمر مجلس قيادة الثورة بحل الأحزاب السياسية فى يناير 1954م، وأيما كان الأمر فهذا الاتجاه يرى أنه حتى لو لم يكن هناك قرار بحلها، فقانون الجمعيات الذى صدر له تعديل من سنوات- (84 لسنة2002م) - يستلزم أن توفق كل الجمعيات القائمة أوضاعها القانونية معه، وإلا أصبحت غير قانونية وتكون محلولة تلقائيًا دون حاجة إلى قرار بحلها. فى هذا الإطار يرى د.عبد المنعم أبو الفتوح بأن (جماعة الإخوان الآن غير قانونية- تبعًا للافتراض المذكور فى الاتجاه الأخير- ومن ثم فهو يدعوها ويدعو غيرها إلى أن توفق أوضاعها مع القانون سالف الذكر). وإذا كان القانون بحاجة إلى نظر فلماذا لا يسعى البرلمان الحالى فى تعديله؟ وإذا كان تعسف النظام السابق مع أغلب الأطياف السياسية ومؤسساتها وحصارها والتضييق عليها والتنكيل بها من العوامل التى ساهمت فى عدم استقرارها قانونيًا والاكتفاء بالعمل - اضطرارًا - وفق مبادئ دستورية؛ عامة فإنه من غير المقبول أن يستمر الوضع على ما هو عليه إذا كنا نريد أن نبنى"مصر القوية" "مصر الثورة". ويغلب على ظنى أن جماعة الإخوان المسلمين لا تمانع- من حيث المبدأ - أن يكون وضعها القانونى سليمًا لكن: إذا سلمنا جدلا بأنها وضعها القانونى سليمًا، كما تقول لأنه لم يصدر قرار يقضى بحلها حسب اعتقادها، ومن ثم لا ترى حاجة إلى توفيق أوضاعها- فهل لى أن أسأل- توضيحًا لا تشكيكًا - عن واقع دور الدولة من الرقابة الإدارية والمالية على مؤسسة الجماعة؟ وبالأخص بعد الثورة!! للأسف "البعض"يتصور - جهلا بما هو واقع حول القضية من خلاف- أن دعوة أبى الفتوح إلى احترام القانون وإتاحة الفرصة للمجتمع والدولة بالرقابة على الجمعيات والمؤسسات نقيصة وسُبة.. وأنها دعوة إلى تفكيك القائم منها وإعلان الحرب عليها والقطيعة معها!! مالهم كيف يحكمون؟ ألم يناد الجميع باحترام القانون، وبالشفافية الإدارية والمالية اللتين تعكسان هذا الاحترام؟ فضلاً عن كونهما حقًا للمجتمع وحقًا للدولة بوصفها المظلة الشرعية للجميع والمسئولة عن سيادة القانون ورعايته. وإذا علمنا أن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح يعلى من أهمية دور مؤسسات المجتمع المدنى فى مشروعه الرئاسى "مصر القوية" كإحدى مشاريعه الوطنية_ فإنه من الطبيعى والمقبول أن يتعرض لهذه الجدل بالتوضيح وأن تثار حوله التساؤلات فى حملته الانتخابية. فلا معنى إذن لهذا الضجيج المفتعل حول مجرد طرح وجهة نظره فى هذه القضية ذات الطابع "العام" وكأنه اقتحم أمرًا محظور اقتحامه! جدير بالإشارة إلى أن قضية "قانونية الجماعة" وقضية "فصل المؤسسات الدعوية - وليس أفرادها - ممارساتها الحزبية عن ممارساتها الدعوية"هما القضيتان الفكريتان الأساسيتان اللتان طالما نادى بهما داخل الجماعة، بل هما منشأ الخلاف معها.. وإنما ساهمت قضية ترشحه مستقلا فى استدعاء هذا الخلاف وظهوره.