علمت "المصريون" من مصادر مطلعة أن زيارة السفير الأمريكي لدى مصر ريتشارد دوني الحالية إلى واشنطن، جاءت بناء على استدعاء من الإدارة الأمريكية للتشاور معه حول الوضع في مصر في ظل التطورات الأخيرة ولمناقشة كافة التوقعات المحتملة خلال الأشهر القادمة. قالت المصادر إن دوني حمل معه تقارير مفصلة يستشرف فيها ردود الفعل المتوقعة من الشارع المصري والقوى السياسية والأحزاب، في حالة إصرار النظام على المضي قدمًا في الإعداد لملف التوريث، بعد لقائه بكافة القوى السياسية والأحزاب خلال الفترة الأخيرة. كان السفير الأمريكي قد التقى قبل مغادرته القاهرة بجميع أطراف الأزمة الناشبة بين القضاة والحكومة، من خلال لقاءاته مع وزير العدل المستشار محمود أبو الليل والنائب العام المستشار ماهر عبد الواحد ورئيس ناديي قضاة القاهرة المستشار زكريا عبد العزيز والإسكندرية محمود الخضيري، التي استمع فيها لرؤية وتصور كل جانب على حدة للخروج من الأزمة. وحسب المصادر؛ فقد تحدث دوني مع وزير العدل والنائب العام حول استمرار الاعتقالات في صفوف المعارضة واستخدام الأمن للعنف ضد المتظاهرين، وطرح عليهما رغبة الإدارة الأمريكية في إطلاق سراح أيمن نور زعيم حزب "الغد" من خلال إصدار عفو صحي، نظرًا لتدهور حالته الصحية، وقد تلقى وعدا بعرض وجهة نظره على الرئيس مبارك. وأبلغ السفير، وزير العدل والنائب العام أن الإدارة الأمريكية تواجه حرجًا بالغًا سواء داخل الولاياتالمتحدة أو أمام المجتمع الدولي والمصري، بسبب استمرار النظام في تنفيذ سياسات القمع والتعذيب والاعتقالات العشوائية ومنع حق التظاهر. وقد ربطت المصادر بين زيارة السفير الأمريكي لواشنطن والزيارة السرية التي قام بها جمال مبارك رئيس لجنة السياسات بالحزب الوطني إلى الولاياتالمتحدة في الشهر الماضي ولقائه مع الرئيس جورج بوش ونائبه ديك تشيني ووزيرة الخارجية كونداليزا رايس ومستشار الأمن القومي الأمريكي ستيفن هادلي. وأوضحت المصادر أن الإدارة الأمريكية استدعت سفيرها في القاهرة من أجل وضعها في الصورة التي رسمها جمال مبارك عن الأحوال السياسية وخاصة حال الشارع المصري، وللتعرف على وجهة نظره بشأن ملف التوريث على ضوء الأوضاع المتوترة حاليًا في الشارع المصري. وتترقب الحكومة المصرية عودة السفير الأمريكي من واشنطن محملاً بمجموعة من المطالب والتعليمات من إدارته وربما شروط محددة للنظام المصري إذا أراد المضي قدومًا في إتمام مسلسل التوريث، حسبما أشارت المصادر. وستتطرق لقاءات السفير الأمريكي مع أركان الإدارة الأمريكية إلى البحث في سبل احتواء جماعة "الإخوان المسلمين"، وإدماجها في العملية السياسية بشكل رسمي عبر السماح لها بتأسيس حزب سياسي تعترف به الحكومة المصرية. وفي هذا الإطار، توقعت المصادر أن يحمل ريتشارد دوني مبادرة بشأن "الإخوان" سيطرحها على الجماعة وعلى الحكومة فور عودته، في محاولة للتهدئة من حالة الاحتقان السائد في الشارع المصري. ورجحت المصادر ذاتها أن تطلب واشنطن من الحكومة الاعتراف بالجماعة المحظورة سياسيًا في مصر ومنحهم حزبًا سياسيًا ومنابر إعلامية في مقابل موافقتها على صفقة التوريث.