«الاختلال العقلي» طوق نجاة المتهم.. و«الصليب» يرجح السيناريو الطائفي «أم ماري» ترفض حجة «المرض النفسي».. وأسرة «رمضان»: «خرجوه من المستشفى علشان مفيش مكان» على طريقة داعش امسك بشعرها من الخلف، واقطع رقبتها من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، لتسقط على الأرض مثل الذبيحة، غارقة في دمائها، ثم وضع السكين في "كم" ذراعه اليسرى وأشعل سيجارته ودخل المسجد وتركها تصارع الموت، والتفت الأهالي حولها ليرهبهم شلال الدم المتدفق من رقبتها، بعد أن كانت على وشك مفارقة الحياة، واستوقف الأهالي "توك توك" لحملها ونقلها سريعًا إلى مستشفى الرحمة، ورفض الطبيب إسعاف الضحية إلا بعد دفع 450 جنيهًا أولاً، وبعد انتظارها قرابة ساعة والدماء تزداد بغزارة، بدأ في خياطة الجرح على سرير غرفة الاستقبال داخل المستشفى حتى انتهى من 30 غرزة بالعنق، الأمر الذي جعل أهل منطقة وراق العرب التابعة لمحافظة الجيزة يعيشون حالة شديدة من الذعر والرهبة بعد حدوث تلك الجريمة البشعة أمام أعينهم، وخوفهم لتكون سببًا في إشعال الفتنة الطائفية بين المسيحيين والمسلمين. ضحية الحادث المأساوي هى مارى جميل مسعد الشهيرة إعلاميًا ب"سيدة الوراق" وترقد الآن جثة هامدة طريحة فراش منزلها, لاتستطيع أن تنطق شفتاها بكلمة واحدة وعندما تحاول أن تطمئن عليها وتربت على يدها لمواساتها، تجدها تغمض وتتغير عضلات وجهها، وتدمع عيناها عندما تتذكر الحادث الأليم الذي تعرضت له، أخذتني والدة مارى إلى صالة الشقة في محل سكن ابنتها في الوراق، لتوضح أن ابنتها أم لولدين وبنت سمعان الولد الأكبر في كلية سياحة وفنادق مثل والده وأفرايم الولد الأوسط في الصف الثاني الثانوي وسيمون الطفلة الصغيرة فى الصف السادس الابتدائي وتشير إلى أنها تمتلك محل سلع تموينية، وتخدم في الكنيسة، وجميع جيرانها يحبونها ويحترمونها. وتقول أم أنيس والدة ماري ل"المصريون": سمعان حفيدي اتصل بجده، وقال له ألحقنا ماما مذبوحة في شارع عبد المنعم رياض، فجرى الجد سريعًا وهو مصاب بمرض السكر، وعندما قامت بسؤاله عما جرى فأخبرها "مصيبة". وتضيف: "قال لي واحد مسك مارى من شعرها وذبحها وهى في مستشفى الرحمة اللي قريبة من بيتها"، متابعة: "منه لله فوضت أمرنا لربنا هو اللي يجيب حق بنتنا.. المجرم ده لا يعرفها ولا هى كمان تعرفه ولا عمرها في مرة اتكلمت معاه ولا زى ما الناس بتقول إنه عاكسها وشتمته، دي كانت ماشية في الشارع وهو ذبحها من نفسه من غير عذر ولا مقدمات".. مضيفة وعيناها تذرف بالدموع على ما حدث لابنتها: "أشمعنا دي اللي نقاها من نص الشارع إحنا كلنا مستغربين من اللى حصل". رفضت أم مارى وبشدة ما يقال أن المتهم مختل عقليًا، وصرخت قائلاً: "بلاش نقول عليه متخلف عقليًا وكل جريمة يعملها يطلع منها براءة"، مضيفة: "لو هو مختل عقليًا سايبينه ماشى فى الشوارع يؤذى الناس ومبتعلجهوش ليه، وشايل سكينة وماشى بيها يذبح خلق الله"، واستكملت حديثها وهى في حالة تعجب بعد ما ارتكب الجريمة تم القبض عليه من الجامع: "يعنى بيقتل واحدة من غير أي ذنب ويروح يقابل ربنا بدم بارد إزاى، منه لله أكيد هو لا يعرف دين ولا يعرف ربنا، لأنه استباح لنفسه روح إنسانة ماشية فى حالها ومبتاذيش حد". وأضافت: "إزاى يقولوا عليه متخلف عقليًا وهو بيقف مع والده فى الفرن ويدير حسابات وفلوس, لما يجيي يذبح حد يبقى هنا خلاص بقى مختل عقليا، طيب أنا معاكم في الكلام اللى بتقوله إنه هو كده، طب اشمعنى اختار مارى دون عن كل الناس فى الشارع، دى كانت راحة تجيب فطار لأولادها ولبسها محتشم ولا كانت حاطة ماكياج ولا غيره وقت الواقعة، ولا شىء لافت فيها تحديدًا دون باقي الناس ولا زى ما المحامى قال إن المتهم بيقول أنا عملت كده عشان هى بشعرها ولابسة صليب أنا بجد مش فاهمة!". وتتابع أم مارى حديثها: "طول عمرنا إحنا والمسلمين أخوات بنجري على بعضنا ونساعد بعض، ولو فيه مشكلة حصلت معانا جيرانها كلهم مسلمين هما الأقرب لينا، ولما مارى وقعت اللي شالها المسلمين قبل المسيحيين ومن وقت اللي حصل كل جيراننا زعلانين عليها والبيت مبيخلاش من الناس اللى بتزورها وتطمن عليها وتوسيها، واللى حصل ده عمره ما يأثر على علاقة الحب والود بين المسلمين والمسحيين". واستطردت: "لو بنتى كانت هتتقتل عشان إحنا مسيحيين فنحن نفتخر إننا مسيحيين وهنعيش ونموت مسيحيين وبعد كده هلبس صليب كبير وأمشى به فى الشارع، إحنا مسالمين وصائمين وربنا واحد، حرام يحصل لنا كده الدكتور قال لنا مللى واحد وكانت ماتت، إحنا مش عايشين فى غابة".
من ناحية أخرى قال "أفرايم"، ابن الضحية، وهو طالب فى الثانوية العامة، إن أصدقاءه قالوا له "الحق أمك اتدبحت"، وأضاف: "طلعت على الشارع جرى ورحت المستشفى لقيتها قاعدة على سرير وغرقانة فى دمها، ساعة إلا ربع مستنيين دكتور فى غرفة استقبال عادية وأول لما جه الدكتور قلت له اعمل أى حاجة لأمى رد عليا قبل ما أعمل أى حاجة خد ادفع الوصل ده ب450 جنيه فى الخزنة".
ويقول سمعان الابن الأكبر ل"الضحية" طالب بكلية السياحة والفنادق يوم الحادث فوجئت باتصال من والده الساعة الثالثة عصرًا ليخبره بما حدث لوالدته: "انزل الحق أمك بسرعة حد دبحها بسكينة"، متابعًا: "نزلت جرى حتى ملبستش شبشب فى رجلى لقيت الدكتور فى مستشفى الرحمة قاعد مبيعملش حاجة وأمى غرقانة فى دمها مش بتتكلم حتى ولا قادرة تنطق تقول آه، مستكملاً: "الدكتور قال لى اطمن اطمن وروح ادفع 450 جنيه قلت له حاضر هندفعهم بس ممكن تسعفها لحد لما والدى يجى ويدفع الفلوس". ويسرد سمعان: "مش عارف أعمل إيه أنا نازل حتى حافى مش لابس شبشب وطبيعى ميكنش معايا فلوس لقيت والدتى تخرج المبلغ من كيسها وأعطيته للدكتور وطالبته يعالجها, لقيته عاوز يخيط رقبتها وهى فى مكانها، متابعًا: "حتى أخويا من منظر أمى أغمى عليه وأصحابه أخذوه وكانوا بيحاولوا إفاقته". ويضيف "سمعان": "طلبت من الدكتور أن يدخل والدتى غرفة عمليات ويجرى الجراحة ببنج كلى، لكنه قال إن فتح غرفة العمليات يتطلب 3 آلاف جنيه، وهى فى حاجة إلى تدخل سريع، ومن الممكن إجراء الجراحة ببنج موضعي، ومكنش قدامى حل غير أنى أوافق".
ويتابع سمعان: "مسكت رقبتها وأنا مش قادر.. مش مالك أعصابى ولا نفسي.. وبدأ يخيطها وأنا شايف المنظر قدامى وساعات من المنظر كانت عيني تهرب من ملاحظة ما يفعله الطبيب لكنى كنت أعود خوفًا على أمي"، ونفى سمعان أية سابق معرفة لهم بالجاني، إلا أنه معروف بين سكان المنطقة، مشيرًا إلى أن محامى الأسرة سأل المتهم لماذا فعل ذلك؟، فكان رد المتهم عليه: "ماشية بشعرها ولابسة صليب وأنا بكره المسيحيين"، وتابع: "المحامى نقل لى هذا الكلام لكن أنا لا أعرف ماذا قال المتهم بعد ذلك فى التحقيقات عن مبرره للجريمة" وتقول صباح أحمد مدرسة اللغة العربية ل"سيمون" ابنة الضحية: "لما عرفت اللى حصل لأستاذة مارى زعلت جدًا لأنها إنسانة محترمة وعلاقتها بالمسلمين جميلة جدًا حتى معايا فى قمة الأدب والأخلاق، وتابعت صباح: "اللى حصل ميرضيش ربنا ولا رسوله وأى حد يسيء فى معاملة المسيحيين ميبقاش مسلم واللى هياخد حق المسيحى يوم القيامة الرسول (ص) لأنه وصانا بحسن معاملة المسحيين .
وتابع أحد المنقذين لمارى: المتهم تعمد قتلها وحاول طعنها في الرأس، على بعد خطوات من منزل "مارى"، فى شارع عبد المنعم رياض أمام السوبر ماركت التي كانت الضحية تذهب إليها لشراء فطار لأولادها وشهد على الواقعة محمد حسن محمد، 31 سنة، خلال عمله في محل "بويات الصعيدي" بشارع عبد المنعم رياض بالوراق، ويروى شهادته شارحًا أنه كان واقفًا داخل المحل ومعه زبون، فشاهد المجني عليها تمر أمام الباب، وشخص يجرى من خلفها وبيده سكين ويبدو أنه سيعتدي عليها، وحينما ذهب إليها وجد زميله محمد ممدوح أنقذها من محاولة طعنها بالرأس. ويشرح "محمد" أن "ممدوح" أصر على إبعاد المتهم عن السيدة، ودفعه بيده دفعًا في صدره ليبعده عنها، لأنه كان يحاول ضربها بالسكين، يريد أن يضربها هى وليس أحد آخر من الأهالي، وحاول الشباب صرفه من المكان بعيدًا، بينما وقفت السيدة على قدمها لكنها سرعان ما سقطت في الأرض، وخلال محاولتنا رفعها وجدنا أن المجرم ذبحها من عنقها، وفوجئنا بالدم ينسال من عنقها، فأدركنا أنه ذبحها في لحظة قبل أن نصل إليها، بينما أنقذناها من الطعنة الثانية، والحمد لله أنقذناها داخل مستشفى الرحمة. وتابع: "الشرطة حضرت وأخبرناهم بوصف المتهم وذهبنا مع الضباط نسأل عنه وندلى بالأوصاف للأهالي، واتضح أنه معروف ومعتاد الوقوف عند مدرسة إعدادية بالمكان، ووصلنا إلى منزله بمنطقة وراق العرب، وقال البعض لنا إنه مجنون، ووالده يملك فرن "رمضان"، واتضح أنه عاد إلى منزله وكأنه لم يفعل شيئًا ثم ذهب إلى المسجد، وتمكنت الشرطة من ضبطه". وأشار إلى أن المتهم معروف بأنه مهتز نفسيًا وسبق أن ضرب طفلاً على رأسه ب"طقطوقة" ترابيزة حديد بمقهى، ويعتاد السير ويسب من يقابله، ومعروف بمنطقة سكنه، حيث عندما قمنا بوصفة للمواطنين ذهبنا إلى منزل أسرته خلال دقائق من الحادث". وعندما قامت "المصريون" بالذهاب إلى منزل المتهم لمقابلة أسرته ووجدت والدته تعمل في المخبز الآلي والمعروف في المنطقة بفرن "رمضان". وتقول هدى أحمد زايد، والدة المتهم ممدوح رمضان: ابني مريض نفسي ومختل عقليا وبياخد علاج وتابعت هو قبل كده رمى نفسه من الدور السادس وفقد عينه اليسرى، واستكملت: بيمشى فى الشارع كده وسط الناس وأنا مش قادرة أعمله حاجه وملوش أى سابق جريمة وطالبت هدى بمعالجة ابنها قائلة: "عاوزة ابنى يتعالج لأنى روحت بيه مستشفى حلوان عشان يعالجوا أخذوا شهرا وبعد كده خرجوه تاني وقالولي مفيش مكان له عندنا".