سجون العادلى: ممنوع القرآن ومعاملة سيئة وطعام ملوث زنازين عبدالغفار: أمراض وحشرات ومنع من الزيارات "زر السجن مرة في العمر لتعرف فضل الله عليك في الحرية" لعل تلك المقولة من أصدق ما قيل عن السجون ووحشتها وبشاعتها، ورغم المواثيق والمعاهدات والقوانين الدولية التي تنظم وتراعي حقوق السجناء وتؤكد ضرورة احترام آدميتهم وإنسانيتهم، إلا أن السجن يظل سجنًا ومقبرةً للأحياء مهما روعيت فيه أعلى حدود الإنسانية وحفظت فيه كرامة المعاقب. فالسجن هو حرمان كامل من امتلاك الوقت والزمن والأمكنة، والعيش خارج الحياة. فلا ثمة خلاف بأن كل حقبة زمنية تشهد السجون فيها تغييرًا وفقًا للأوضاع السياسية والأمنية التي تمر بها البلاد، فلا نكران أن السجون في عهد وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي مختلفة بشكل طفيف عن الفترة الحالية والتي يتربع فيها اللواء مجدي عبدالغفار على كرسي الوزارة، من حيث الإجراءات وأوضاع السجون والزنازين وأماكن الاحتجاز والزيارات وأنواع الطعام المقدمة ولعل روايات السجناء خير شاهد ودليل؛ فهناك حقيقة مؤكدة لا خلاف فيها أن الأوضاع الظروف التي يمر بها السجين السياسي تختلف اختلافًا كليًا عن غيره من المساجين. "المصريون" ترصد أوضاع السجناء في السجون في عهد وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي والوزير الحالي اللواء مجدي عبدالغفار. المساجين.. أموات على قيد الحياة لا غطاء ولا ضوء ولا طعام ولا علاج إذا داهمك المرض، وإسعافك قد يكون شيئًا عسيرًا جدًا.. فالزنازين أشبه بكهف مظلم لا يتسلل إليه الضوء.. لعل هذا الوصف مقبول للذين كتب عليهم أن يقبعوا في غياهب السجون حقبة من الزمن. القرآن والصلاة جريمة يعاقب عليها العادلي ففي العهد البائد من نظام المخلوع مبارك وخاصة منذ أن تولى حبيب العادلي وزارة الداخلية في السابق قد تكون الصلاة والالتزام وحفظ القرآن تعرض حياتك لقضاء الباقي من عمرك داخل السجن ويا لها من حسرة إن كان المسجون شابًا لم يتجاوز ال21 عامًا. فيقول "سامح ،ن" 17 عامًا والذي تم القبض عليه؛ بسبب الالتزام وحفظه للقرآن، خاصة أنه من عائلة ملتزمة أنه تم القبض عليه من داخل البيت وكان عمره في ذاك الوقت 17 عامًا عام 1997 بتهمة الانتماء لجماعة إسلامية، وخرج بعد 10 سنوات بقرار وزاري، موضحًا أن بعد حبسه فقد والده بصره وأصيبت والدته بالشلل حزنًا عليه. وأضاف سامح أنه تم اقتياده لمقر أمن الدولة للتحقيق معه قائلًا: وجدت نفسي متهمًا بأكثر من قضية وكان التحقيق معي بتوجيه بعض الأسئلة أين تصلي وعلى يد من تحفظ القرآن لأجد بعدها نفسي داخل السجون ولا أعلم ما الجرم ليكون مصيري السجن. وتابع "أن السجن كان في ذلك الوقت من أشد الصعوبات التي واجهتني وكانت الحياة بداخله غير آدمية؛ نتيجة المعاملة السيئة من بعض أفراد وضباط الشرطة المشرفين على السجن خاصة مع المساجين السياسيين، موضحًا أن وضع السجن كان يختلف من مكان لمكان من حيث المعاملة فكان في أماكن يمنع فيها قراءة القرآن وأداء الصلاة، مشيرًا إلى أن من أفضل السجون كان سجن وادي النطرون 2، فكان يسمح للمساجين بممارسة أنشطة رياضية والعمل بالحرف المهنية داخل السجن. مشقة الزيارات لا تنتهي وأشار سامح إلى أن الأهل كانوا يجدون مشقة كبيرة؛ نتيجة السفر لزيارتنا ولكن مدة الزيارة لا تكفي لرؤيتهم وأن بعض المعتقلين كانوا لا يتمكنون من رؤية ذويهم؛ بسبب الازدحام، خاصة أن مدة الزيارة كانت لا تتجاوز ال10 دقائق بالإضافة إلى وجود سلك كحاجز بين المسجون وذويهم. أمراض السجون القاتل الصامت وأوضح سامح أن من أكثر المعاناة التي كنا نواجهها داخل السجن هي الأمراض التي كانت منتشرة بين المساجين حيث لا يوجد علاج أو تهوية ولا يوجد أيضًا طعام يساعد على التعافي داخل زنازين غير ملائمة للعيش وأحيانًا كان يتم منع تقديم العلاج للمرضى، ولكن السجون في الفترة الحالية أشد وأصعب بكثير من الوقت السابق؛ نتيجة الأوضاع التي تشهدها البلاد. وأشار سامح إلى أن الوضع كان مختلفًا مع المساجين الجنائيين أو أصحاب المال والنفوذ؛ حيث كان مسموحًا لهم بالتريض والتعرض للشمس والنور، واستقبال بعد الأدوات إذا صح القول نستطيع أن نقول عليها ترفيهية كالمروحة والسخان، وحق الزيارة وشراء الطعام الجيد إذا لزم الأمر لوجود مال بحوزتهم بجانب التوصيات. الطريق إلى الموت قد لا يختلف وصف السجون وأماكن الاحتجاز كثيرًا في عهد اللواء مجدي عبدالغفار وزير الداخلية الحالي عن سابقه اللواء حبيب العادلي، فمازالت المعاناة قائمة وفقًا لما صرح به أمنيون ومعتقلون ومنظمات حقوق الإنسان. مقبرة والاسم زنزانة كنت في مقبرة والاسم زنزانة بذلك الوصف، أكد "محمد.ع" أحد المساجين الذي خرج من السجن منذ ثلاثة أشهر بعد أن قضى فيه عامين والذي أكد بأنه كان مدفونًا بالحياة، قائلا: "عنابر المساجين لا تتوافر داخلها أغطية أو مفروشات، وينام فيها النزلاء على الأرض، مما يؤثر على الحالة الصحية لهم. ووصف محمد دورة المياه داخل السجن بأنها عبارة عن حائط مكشوف السطح ونظرًا لعدم الاعتناء بنظافته فإنه يولد الروائح الكريهة، مما تكون سببًا لانتشار الأمراض بين المساجين ولا نجد من يسعفنا إذا تضرر أحدنا. فالجدران والأرض والسقف كلها كانت مرتعًا للحشرات، وغذاؤها الوحيد هو جلدك وامتصاص دمك، حتى تجد نفسك مصابًا بأمراض جلدية، قد يستغرق الأمر منك سنوات لعلاجها بعد خروجك من السجن. وأوضح محمد أن الإهمال في النظام الغذائي داخل السجن كان يؤدي دائمًا لانتشار العديد من حالات سوء التغذية والتسمم الغذائي والضعف العام، فيتم الاعتماد على الفول والعدس والجبن والحلاوة والخضار والأرز، كما كان يقدم لنا في بعض الأحيان اللحوم أو البيض مرةً واحدة في الأسبوع، ويتم إعداد الطعام عبر "سلقه" في المياه بدون إضافة أي زيوت أو ملح. ممنوع من الزيارات ويشير محمد إلى أن الزيارات ولقاء الأحبة كانت مهمة داخل السجن، فالمنع من الزيارة هو إحدى المشكلات الكبرى داخل عنابر السياسيين كأحد الأساليب العقابية وهو ما لا يعاني منه السجين الجنائي ويؤدي هذا المنع من الزيارة إلى سوء الحالة النفسية للنزلاء وأسرهم. قطري: السجون المصرية منذ العادلى مخالفة للآدمية من جانبه، قال العميد محمود قطري، الخبير الأمني، إنه من المعروف لدى الدول الأوروبية التي تعرف الديمقراطية أن السجن إصلاح وتهذيب، لكن في مصر السجون عكس ذلك، فالسجون منذ تولي حبيب العادلي وزير الداخلية حتى الآن لم تتغير وتتحسن بل بالعكس الأمر ازداد سوءًا في الفترة الأخيرة وخاصة في العهد الحالي. وأضاف قطري أن السجون منذ أيام اللواء حبيب العادلي، وزير الداخلية الأسبق، حتى وقتنا هذا وهي مخالفة للقواعد الآدمية وحقوق الإنسان، موضحًا أنه يتم وضع المساجين داخل الزنازين بأكثر من العدد المطلوب بل قد يكون المساجين داخل العنبر ضعف ما تستوعبه الزنزانة؛ نتيجة الازدحام الشديد الذي تشهده السجون في الفترة الحالية؛ بسبب الأحداث التي تشهدها البلاد من الناحية الأمنية. وتابع: "السجون لم تحقق القواعد القياسية الخاصة بحقوق الإنسان؛ بسبب الاعتداءات التي يتعرض لها المساجين من ضباط الشرطة ورجال المباحث من إهانة وضرب؛ فالسجون في الوقت الحالي تشهد حالات كثيرة من التعذيب؛ لأن الفكر الجنائي لدى ضباط الشرطة يجعله ينظر إلى المتهم نظرة سيئة نتيجة فعله الإجرامي. وأوضح الخبير الأمني أن الحياة داخل السجون سيئة؛ لأن السجن يقدم لكل مسجون مقدار "قبضة اليد" للنوم عليها نتيجة الازدحام وهذه صعوبة يواجهها المسجون داخل زنزانته بجانب المشاكل التي يواجهها في تناول الطعام داخل السجن؛ لأن الفساد ما زال قائمًا من بعض القائمين على المطابخ التي تتعاقد مع إدارة السجون لتقديم الطعام للمساجين. وأشار قطري إلى أن المساجين يواجهون صعوبة في الرعاية الطبية؛ نتيجة الأمراض التي يتعرضون لها داخل السجون؛ فالأطباء داخل السجون مجرد موظفين ولا يوجد تخصص حقيقي لتشخيص نوع المرض، وفي نهاية الأمر نجد المسجون قد توفى؛ نتيجة الإهمال الطبي وعدم وجود رعاية صحية حقيقية له. ونوه قطري إلى أن حقوق الإنسان منذ حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق حتى اللواء مجدي عبدالغفار الوزير الحالي ليست على المستوى المطلوب؛ فإدارة السجون تكون على علم بزيارة حقوق الإنسان فتكون مستعدة لتقديم صورة حسنة للسجن عن طريق تقديم المساجين التابعين لإدارة السجن. وأكد قطري أن التضييق علي دور منظمات الحقوق المدنية وإغلاق العديد من المراكز التي كانت تراقب وترصد الأوضاع داخل السجون والوقوف بجانب المساجين التي تحتاج لرعاية صحية وغيرها تجعل الأمر غير مبشر وقد تكون هناك خطورة على حياة المساجين.