جددت القمة العربية المنعقدة حالياً بالأردن، أزمة الانقسام الدائر حالياً بين جبهتي الصراع بجماعة الإخوان المسلمين، فبينما وجهت جبهة "الحرس القديم" بياناً تدعو فيه القادة العرب ب"النهوض بالوضع العربي" تبرأت جبهة "المكتب العام" منه واتهمت القادة العرب بمساندة من أسمتهم ب"القتلة". البداية كانت حين وجهت جبهة القائم بأعمال المرشد محمود عزت "الحرس القديم"، رسالة إلى مؤتمر القمة العربي المنعقد في منطقة البحر الميت بالأردن في الدورة العادية التاسعة والعشرين، داعية إلى أن تكون هذه الدورة هي دورة النهوض الداخلي، مشدّدة على ضرورة تجنب النزاعات أو الخلافات. وقالت في بيان لها: "يأتي اجتماعكم وأنتم على مرمى حجر من بيت المقدس، حيث المسجد الأقصى وكنيسة القيامة الأسيرتان، واللذان انتهى بهما التاريخ رغم كل ما خرج من بيانات وقرارات عن القمم السابقة منذ تاسيس الجامعة العربية في عام 1945 وقبل قيام دولة إسرائيل بثلاث سنوات، وما خرج عنها من بيانات وقرارات إلى تأكيد وجود نظام فصل عنصري على هذه الأرض المباركة". وأضافت: "ليس ببعيد عن بيت المقدس وعلى نفس الأرض وحوله وفي يوم استقالة الأمين العام للاسكوا ريما خلف، سقط مئات القتلى من الرجال والنساء والأطفال الأبرياء في مدينة الموصل الجريحة بغارات جوية قام بها التحالف الدولي وصفها قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط بمأساة مع اعتقاده بأنها أمريكية، بينما يواصل الحليف المشارك نفيه متهما داعش بارتكاب الجريمة بألغام ارضية، ولم يجد الأمين العام إزائها غير إعلان (قلقه) البالغ، ويستمر سفك دماء العرب مسلمين ومسيحيين على أرضهم، وكأننا أمة من غير جنس البشر". واقترحت "الوقوف دقيقة حدادا على ضحايا الأمة اللذين يسقطون يوميا على ترابها من جراء ما يجري على أراضيها من حروب ونزاعات، ودعوة الشعوب العربية كلها من المحيط إلى الخليج إلى المشاركة فيها وفي نفس التوقيت لنثبت أننا أمة واحدة بمشاعر واحدة، وآمال مشتركة، وتحديا لكل ما يتم الإعلان عنه من مخططات لإفنائها بالنفخ في ميزان النزاعات الطائفية، وتقسيم ما هو مقسم، ودفع الشعوب إلى الهجرة الداخلية والخارجية، حتى تصل حالة أمتنا إلى أن تكون كالهشيم الذي يذروه الرياح، بعد أن كانت هي صاحبة الحضارة والاحترام على كل الأصعدة". وتابعت: "إن شعوبكم التي أفاءت بخيرها على الدنيا قاطبة، وأفاضت بمعارفها وخبراتها على جوانب الحياة الإنسانية المختلفة، لهي على أتم استعداد للنهوص من كبوتها مرة أخرى وتدارك ما فاتها، والوقوف خلف قيادتكم بكل عزيمة ومضاء تحميكم وتحمي أوطانها على طريق الاستقلال الحقيقي والتقدم والرقي". وأكملت الإخوان "لتكن هذه الدورة هي دورة النهوض الداخلي، وما تزخر به دواوين الحكم في كل أقطارنا من مقترحات للنهوض، الكثير والكثير، فاللحظة التي تعيشها الأمة العربية لا يجب أن تكون لحظة نزاع أو خلاف، بل هي وقت إعطاء كل ذي حق حقه حاكما كان أو محكوما" وأضافت: أولى شروط النهوض أن يتم إبعاد كل من تقطر يداه بدماء شعبه من محيطكم، وأن تباعدوا بينكم وبين من يجحدون حق شعوبهم في الحرية والانعتاق من إسار العبودية لغير الله سبحانه وتعالى، وأن تنأوا بأنفسكم وأمتكم عن كل من يطلب النصرة من غير الله، سبحانه وتعالى القوى القاهر، ثم لا يرتكن إلى تأييد شعبه. وختمت بقولها:السادة أصحاب الجلالة والفخامة والسمو ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية: أعانكم الله على تادية أماناتكم ووفقكم سبحانه وتعالى لما فيه الخير لأنفسكم ولشعوبكم، ودعائنا إلى الله سبحانه وتعالى أن يجعل أعمال هذه الدورة إيذانا بإعادة الحق لقضايا الأمة والعودة بمؤسسة الجامعة العربية إلى ما كانت ترجوه منها شعوبها. في المقابل، أكد المكتب العام لجماعة الإخوان المسلمين (جبهة محمد كمال)، عدم صلته بالبيان المُوجّه إلى الجامعة العربية باسم الإخوان. وقال إن "تلك الجامعة التي ساندت القتلَة – المُسمّين رؤساء (غصبا وزُورا) – في قتل وقمع شعوبهم". وأضاف المكتب العام أن "هذا البيان لا يُمثّل سوى أفكار ومواقف من كَتبُوه، ولا يُعبِّر عن الجماعة، ونهجها، وأفكارها؛ فالقتلة سيظلون قتلة بلا فَخَامة، والكيان الصهيوني لن نُسمّيه إسرائيل". وتابع: "إن هذه الجامعة العربية فاقدة لأيّ تعبير وتمثيل شعبي لأمتنا؛ هي شريكة في القمع والقتل والتغييب، لم تنصر يوما قضية، ولم تقف لحظة لنصرة مظلوم". واختتم المكتب العام بقوله: "فلتسقط هذه الجامعة". وانطلقت، اليوم الأربعاء على مستوى القادة. وألقى الانقسام بظلاله على صفوف الجماعة، ما دفع تيار كبير من الشباب لتأييد القيادة الشبابية الجديدة باعتبارها تمثل إرادتهم في مواجهة السلطات عبر حراك ثوري. ويدين للقيادة الجديدة بالولاء الجانب الأكبر من المكاتب الإدارية بما فيها "مكتب الخارج" و"اللجنة الشرعية" ولجنة "الشباب المركزية" اللاتي تأسست مؤخرا. وتلك المكاتب اكتسبت شرعيتها من انتخابات أشرف عليها المكتب الجديد في فبراير 2014 كما أنها توافق على رؤية القيادة الجديدة للمشهد وتعاملها معه وتحظى بتأييد الشباب، وتدرك ذلك القيادة التاريخية والتي بدأت في مد جسور التواصل مع المكاتب الإدارية لتقوم بعزل القيادة الجديدة عن جسد الجماعة. أما العلاقات الخارجية والتمويل فهي من نصيب القيادة التاريخية ورموزها مثل محمود حسين والذي يمثل تنظيم إخوان مصر في التنظيم الدولي. وتعود جذور أزمة الإخوان إلى اعتصام رابعة العدوية الذي استمر قرابة 45 يوما وجرى فضَّه في 14 أغسطس 2013، وفيه اجتمع مجلس الشورى العام للجماعة (الهيئة التشريعية العليا) واتخذ قرارا بالمضي في التصعيد، وأوصى بإيجاد قيادات بديلة في حالة اعتقال قيادات الصف الأول. فيما طالت أيدي النظام قيادات الصف الأول والثاني والثالث في الجماعة، ولم يتبق سوى بعض أعضاء مكتب الإرشاد المطاردين في الداخل، وآخرين في الخارج كان قد خرجوا بتوصيات قبيل أحداث 30 يونيو، كان أبرزهم محمود حسين الأمين العام للجماعة وأمين صندوقها وجمعة أمين الذي توفي بالخارج بعد صراع مع المرض. وعقب الفض كُلف الأمين العام محمود حسين بإدارة شؤون الإخوان المطاردين بالخارج، ومع الاهتزاز الإداري بالجماعة سعت الصفوف المتبقية في مصر بالتنسيق مع القيادات في الخارج إلى إجراء انتخابات لتشكيل مكتب إرشاد جديد يدير الجماعة وأزمتها الحالية وهو ما جرى في مرة أولى في فبراير 2014، وثانية في ديسمبر الماضي، وهو ما رفضت الاعتراف به جبهة الحرس القديم.