من الواضح ان جماعة الإخوان المسلمين تعيش هذه الأيام داخل نفق مظلم، على المستوي المحلي والإقليمي الدولي، إذ تأثرت علاقاتها مع النظم الحاكمة في دولها العربية والأوروبية، فتناقضات بيانات الجبهات أصبح واضحا للعيان، ومستويات الرفض والاستنكار لتصريحات القيادات لم يعد يخفى على بصير . ولنعطي مثالين علي ذلك ، الاول: بيان تقيم المرحلة السابقة والذي تناقلته وسائل الأعلام حيث قلت الجماعة إنها بصدد عمل منتج أولي تحت عنوان "تقييمات ما قبل الرؤية.. إطلالة علي الماضي"، وضعت فيه خلاصات لدراسات وأبحاث وورش عمل قام بها متخصصون بالجماعة في علوم الاجتماع والسياسة والقانون والشريعة، كما شارك فيه بعض قيادات وكوادر الإخوان بالداخل والخارج. وحددت الجماعة الأسبوع الذي يليه في إنجاز المنتج الذي اطلقت عليه الجماعة منتجا تقيميا ولكنه بعد ساعات من نزول البيان وأذاعته، وزعت الجماعة المنتج بالفعل بعنوان " تقيمات ما قبل التقيم رؤية جماعة الإخوان المسلمين لعامين. في التوقيت نفسه، ظهر بيان أخر اخرجته جبهة أخري بالتنظيم، تحمل نفس اللوجو والشعار، وتستنكر فيه انها قدمت أي تقييم او مراجعة او عمل يخص رؤية الجماعة حول الموضوعات التي تناولها بيان الرؤية والتقييم ، وبداء التراشق بين جبهتين في الجماعة يقال إن الأولي هي جبهة محمد كمال وتضم عددا من المجموعات الشبابية والثانية جبهة محمود عزت ومجموعة لندن وهي جبهة الشيوخ او البقية الباقية من جماعة الإخوان . البيان الثاني هو البيان الخاص بمؤتمر القمة العربي المنعقد في دورته التاسعة والعشرين، جيث نقل عن جماعة الإخوان بيان قالت إنه رسالة إلي مجلس القمة العربي المنعقد بالمملكة الأردنية الهاشمية وطالب البيان فيه القمة بالوقوف دقيقة حدادا على ضحايا الأمة اللذين يسقطون يوميا على ترابها من جراء ما يجري على أراضيها من حروب ونزاعات. وطالب البيان ان يؤدي قادة العرب (الأمانات إلى أهلها) وهذه الأمانة مقرونة بالحكم بالعدل الذي هو أساس الملك والنهوض الداخلي، وفي تناقض واضح بين الممارسة والتطبيق، أكد البيان انه يجب نزع لحظات الخلاف وإعطاء كل ذي حق حقه حاكما كان أو محكوما. لم ينته صدي هذا البيان -الذي تناقلته كل وكالات الأنباء عن الإخوان وأشادت به بعض القنوات الإخوانية المعارضة للنظام المصري في الخارج وخاصة تركيا واعتبرته بيانا سياسيا بالدرجة الأولي- إلا ولحقه بيانا منسوبا أيضا للجماعة بعنوان "بيان من الإخوان المسلمين حول البيان المنسوب للجماعة الموجه إلى الجامعة العربية " قالت فيه جبهة أخري: يؤكد المكتبُ العام لجماعة الإخوان المسلمين، عدمَ صلته بالبيان المُوجَّه إلى الجامعة العربية باسم الإخوان، تلك الجامعةُ التي ساندت القتلَة – المُسمّين رؤساء "غصباً وزُوراً" – في قَتْل وقَمْع شعوبهم، وقارنت بشكلب واضح وصريح بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس السوري بشار الأسد وبين الرئيس اليمني "علي عبد الله صالح" و الرئيس "القذافي" و"مبارك". وأكد بيان الجبهة الثانية ان بيانات الأولي لا تمثل سوى أفكار ومواقف مَن كَتبُوه، ولا يُعبِّر عن الجماعة، ونهجها، وأفكارها؛ فالقتلةُ سيظلُّون قتلةً بلا فَخَامَةٍ، والكيان الصهيوني لن نُسمّيه "إسرائيل". واوضح البيان الخاص بهذه الجبهة موقفة بشكل صريح من الجامعة العربية بقولة: "إن هذه الجامعةَ العربيةَ فاقدةٌ لأيّ تعبير وتمثيل شعبي لأمتنا؛ هي شريكةٌ في القمع والقتل والتغييب، لم تنصر يوماً قضية، ولَم تقفْ لحظةً لنصرة مظلوم فلتسقط هذه الجامعة، وأمينها الخائن لعروبته، وأُمّته، فليسقط "السيسي" و"بشار" وكل خائن، نقولها إبراءً لذمّتنا ووفاءً لديننا، وعروبتنا. تناقض مواقف الإخوان في بيناتهم السياسية يعكس المآزق الفكري والتشرذم الفصائلي التي تعاني منه الجماعة بعد الثلاثين من يونيو، حتي في مجالات التقييم العام والرؤية المصاحبة بدت مراجعات وتقييمات ما قبل الرؤية أقل تواضعا مما كان يتوقع الكثيرين وخاصة من خبراء الإسلام السيسي الذي عزف الكثير منهم علي التعليق علي هذه التقيمات. وهذا ما جعل القيادي الإخواني السابق محي عيسي يتساءل : " هل انقسمت جماعة الإخوان فكرا ومنهجا الى جماعتين ، مكتب لندن بقيادة د محمود عزت يصدر بيانا ويرسله بالايميل الى الصحفيين، يوجه فيه التحية والإجلال المجتمعين بالقمة العربية ويذكرهم بدورهم تجاه الأمة وشعوبها، ومكتب مصر التابع لقيادي محمد كمال يصدر بيانا يتبرا فيه من بيان لندن ويوجه هجوما لازعا للملوك والرؤساء العرب " . ويستكمل عيسي " فى الواقع إن الانقسام حدث ولا مجال لانكاره ولكن الخطير فى الأمر أن كلا من الفريقين يدعى وصلا بليلى وأنه الممثل الوحيد للجماعة؟ الغريب - والكلام علي لسان عيسي - فى الأمر أن التابعين لمجموعة محمود عزت يهاجمون بيانه ويقولون إن بيان مكتب مصر (محمد منتصر) يمثلهم ، ورغم اختلافى مع بيان لندن ولكني كنت أرى أن الصمت اولى واكد عيسي ان مكتب لندن بقيادة محمود عزت هو الاقرب لمنهج الإخوان ودلل علي البنا لم يكن صداميا وكان يصف الاخوان بملابس الكشافة ليهتفوا ( حيا مليكنا المعظم)