حدث في 8 ساعات| توجيه رئاسي بتطوير شركات الأعمال.. وهذه عقوبات ذبح الأضاحي خارج المجازر    تباين البورصات الخليجية وسط غموض بشأن الرسوم الجمركية    أرامكو السعودية تنهي إصدار سندات دولية ب 5 مليارات دولار    الرئيس السيسي ونظيره الفرنسي يبحثان تعزيز التعاون بالمجالات محل الاهتمام المشترك    "مطروح للنقاش" يسلط الضوء على قرارات ترامب بزيادة الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألومنيوم    جوعى غزة في بئر ويتكوف    «تدخلاته حاسمة دائما».. العين الإماراتي يعلن عن صفقة رامي ربيعة    الداخلية تكشف ملابسات فيديو اعتداء شخصين على طفلة وسحلها بدمياط    جائزتان لفيلم «يونان» وأربع جوائز لأفلام عربية في مهرجان روتردام للفيلم العربي (تفاصيل)    خالد الجندي: الحج المرفّه والاستمتاع بنعم الله ليس فيه عيب أو خطأ    ضربات الشمس في الحج.. الأسباب والأعراض والإسعاف السريع    رئيس الوزراء الفلسطيني يدعو لوكسمبورج للاعتراف بدولة فلسطين قبيل مؤتمر السلام في نيويورك    تعرف على محطات الأتوبيس الترددي وأسعار التذاكر وطريقة الحجز    الثلاثي الذهبي للكاراتيه ينتزع جائزة «جراند وينر» من الاتحاد الدولي    لامين يامال: اللعب لريال مدريد مستحيل.. وإذا خيرت سأحتفظ بالكرة الذهبية لنفسي    ديلي ميل: إلغاء مقابلة بين لينيكر ومحمد صلاح خوفا من الحديث عن غزة    رئيس جامعة المنوفية يرأس اللجنة العليا لتكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي    مياه الفيوم تطلق حملات توعية للجزارين والمواطنين بمناسبة عيد الأضحى المبارك    شرح توضيحي للتسجيل والتقديم في رياض الأطفال عبر تعليم القاهرة للعام الدراسي الجديد.. فيديو    رئيس جهاز العاشر من رمضان يتدخل لنقل سائق مصاب في حريق بمحطة وقود إلى مستشفي أهل مصر للحروق    محافظ سوهاج يتفقد المدرسة المصرية اليابانية ويفتتح حديقة الزهور بجهينة    "استعدادًا إلى الحج".. أحمد سعد ينشر صورًا من داخل المسجد النبوي    أهم أخبار الإمارات اليوم.. محمد بن زايد يهنئ نافروتسكي بفوزه بالانتخابات الرئاسية البولندية    هل يجوز للمرأة ذبح أضحيتها بنفسها؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    في رحاب الحرم.. أركان ومناسك الحج من الإحرام إلى الوداع    الافتاء توضح فضل قيام الليل فى العشر الأوائل من ذي الحج    واشنطن بوست: فوز ناوروكي برئاسة بولندا تعزز مكاسب اليمين في أوروبا    مدينة الأبحاث العلمية تطلق سلسلة توعوية بعنوان العلم والمجتمع لتعزيز الوعي    عبد الرازق يهنىء القيادة السياسية والشعب المصري بعيد الأضحى    «أجد نفسي مضطرًا لاتخاذ قرار نهائى لا رجعة فيه».. نص استقالة محمد مصيلحى من رئاسة الاتحاد السكندري    البحوث الفلكية ل"الساعة 6": نشاط الزلازل داخل مصر ضعيف جدا    بريطانيا: الوضع في غزة يزداد سوءًا.. ونعمل على ضمان وصول المساعدات    أشرف سنجر ل"الساعة 6": مصر تتحمل الكثير من أجل الأمن القومى العربى وفلسطين    أحمد سعد مع سعد الدين الهلالي وخالد الجندي ورمضان عبد الرازق استعدادًا للحج    «صحة الاسكندرية» تعلن خطة التأمين الطبي لاحتفالات عيد الأضحى    يديعوت أحرونوت: وفد إسرائيل لن يذهب إلى الدوحة للتفاوض    دعاء الزلزال.. صور ومكتوب    تخفي الحقيقة خلف قناع.. 3 أبراج تكذب بشأن مشاعرها    وزير الثقافة ينفي إغلاق قصور ثقافية: ما أُغلق شقق مستأجرة ولا ضرر على الموظفين    تسرب 27 ألف متر غاز.. لجنة فنية: مقاول الواحات لم ينسق مع الجهات المختصة (خاص)    السجن 3 سنوات لصيدلى بتهمة الاتجار فى الأقراص المخدرة بالإسكندرية.. فيديو    محافظ الإسكندرية: العاصفة أظهرت نقاط القوة والجاهزية لدى فرق العمل    الهيئة العامة للأوقاف بالسعودية تطلق حملتها التوعوية لموسم حج 1446    السيسي: ضرورة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    بوستيكوجلو يطالب توتنهام بعدم الاكتفاء بلقب الدوري الأوروبي    للمشاركة في المونديال.. الوداد المغربي يطلب التعاقد مع لاعب الزمالك رسميا    تخريج 100 شركة ناشئة من برنامج «أورانج كورنرز» في دلتا مصر    حزب السادات: فكر الإخوان ظلامي.. و30 يونيو ملحمة شعب وجيش أنقذت مصر    التضامن الاجتماعي تطلق معسكرات «أنا وبابا» للشيوخ والكهنة    "تموين الإسكندرية": توريد 69 ألف طن قمح إلى صوامع الغلال حتى الآن    «تعليم الجيزة» : حرمان 4 طلاب من استكمال امتحانات الشهادة الاعدادية    مدير المساحة: افتتاح مشروع حدائق تلال الفسطاط قريبا    بدء الجلسة العامة للشيوخ لمناقشة ملف التغيرات المناخية    آن ناصف تكتب: "ريستارت" تجربة كوميدية لتصحيح وعي هوس التريند    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    «الإصلاح والنهضة»: نطلق سلسلة من الصالونات السياسية لصياغة برنامج انتخابي يعكس أولويات المواطن    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    لطيفة توجه رسالة مؤثرة لعلي معلول بعد رحيله عن الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



( رحلة الدم ) لإبراهيم عيسى : ..تقيحات قلم أسود !
نشر في المصريون يوم 17 - 03 - 2017

(الصحراويون) ، هكذا يلخص " إبراهيم عيسى " _ في كلمة واحدة _ انطباعه العام عن المسلمين / الغزاة ، الذين اقتحموا مصر ، و أوسعوها ظلما ً _ فيما يرى _ فأعملوا في أهلها القتل و الظلم و القمع المنهجي المنظم !
في نحو من سبعمائة صفحة ، كتب لنا إبراهيم عيسى روايته الجديدة ، بعنوان " رحلة الدم / القتلة الأوائل " ( الكرمة للنشر / 2016 ) ، حيث تعرض عبر صفحات الكتاب لفترة الفتح الإسلامي لمصر ، بدءا ً من عام 21 من الهجرة فصاعدا ً . و حشا ( عيسى ) كتابه الضخم بكل ألوان التشهير ضد المسلمين _ آنذاك _ فهم متآمرون ، قساة ، غلاظ القلوب ، لم يقدموا لمصر منجزا ً واحدا ً ، و لم يلتزموا في حربهم التي شنوها ضد مصر ب ( أخلاقيات المحاربين ) _ و لو لمرة واحدة _ بل أشاعوا الرعب ، و نموا التآمر ، و احتقروا المصريين ! تواطأ الناشر مع ( عيسى ) على اعتبار " رحلة الدم " رواية ، لينجو الكتاب من أية مساءلة تاريخية أو توثيقية أو أخلاقية ! و لم يكن الكتاب _ و هو ليس رواية بالمناسبة كما أوقن بوضوح ! _ أكثر من منشور موتور ، ينفجر حقدا ً ضد الإسلام ، تاريخا ً و رموزا ً .
خذل ( عيسى ) الناشر _ الذي حاول بحيلة الشكل الروائي أن يفلت من المساءلة _ حيث أوضح المؤلف ، بما يتجاوز الوضوح ، أن : " .. جميع شخصيات هذه الرواية حقيقية ، و كل أحداثها تستند على وقائع وردت في المراجع التاريخية .." ، و هنا أطاح " عيسى " بحيلة الناشر الكسيحة ، فنص صراحة أنه يذكر وقائع تاريخية ثابتة ، و مضى " عيسى " يحشد في المقدمة عناوين لخمسة عشر مرجعا ً تاريخيا ً ( يزعم ) أنه عاد إليها ، في ثنايا الكتاب ، مع أن الكتاب في صفحاته الداخلية لم يوثق في الهامش حدثا ً تاريخيا ً واحدا ً بمرجعه ( أعني توثيق كل واقعة تاريخية بذكرعنوان المرجع و رقم الصفحة و تاريخ النشر و الطبعة في الهامش ! ) و هنا يتضح لنا أن رص عناوين المراجع التاريخية في المقدمة ، لم يكن أكثر من محاولة ساذجة لتخويف الدارسين و القراء ( أو تحذيرهم الصارم من محاسبة الكتاب تاريخيا ً ) ، و إيهامهم أن كل ما تضمنه الكتاب ( حقائق ) لا يتطرق إليها شك ، مع أن خيال ( عيسى ) ، انطلق بحرية مطلقة لتشكيل مشاهد الكتاب ، و تلوينها بوجهة الكاتب و معتنقاته و تقييماته الخاصة للأحداث التاريخية ، حتى و إن تجاوزت هذه التقييمات الواقع التاريخي الفعلي ، بل أكاد أقول : حتى و إن لوت ذراع الأحداث ، فأظهرت شخوصا ً في ثياب الملائكة _ و لم يكونوا كذلك ! _ و آخرين في زي الأبالسة الخالصين للشيطنة و التآمر و الإيذاء _ و هم المسلمون بطبيعة الحال ! _ و لم يكونوا كذلك بل كان فيهم _ ككل المجتمعات _ الخيرون و الفسدة !
لخص " عيسى " في منشوره / شبه الروائي الموتور ، موقف شريحة واسعة من النخبة ( المسيطرة ) على المشهد الثقافي ، التي تحمل بالفعل هذا الانطباع الحاقد عن ( الفتح الإسلامي لمصر ) ، و لم تجرؤ منذ عقود ، أن تقوله بهذا الوضوح ( أكاد أقول بهذا التوقح المخاصم لأي تقييم تارخي منضبط ! ) ، لكن كتاب عيسى ، أعطى قوة دفع كبيرة ووقودا ً مغذيا ً لكرنفال الاستباحة القادم ل " تاريخ الإسلام في مصر " ، ليغدو المسلمون في مصر _ وفقا ً لتصوره _ في ثوب " الصحراويين " أو " الغرباء " الضيوف ، الذين لا يتعين أن يكونوا ضيوفا ً ثقيلي الظل ، أو خارجين عن البروتوكول الخاص بالضيف بإزاء " صاحب الدار " الأصلي ، و هذا الانطباع المرسخ هو أخطر ما في طرح الكتاب !
مضت سطور الكتاب كعربة الدفع الرباعي ، تنفث سما ً زعافا ً ، بأخيلة طائفية معبأة بحقد شديد ، بدءا ً من السطر الأول ، الذي ينزع عن شخصية ( المسلم ) أية فدائية أو فروسية مدعاة أو بطولة مزعومة ، فالفاتح القادم يظهر في مشهد الاستهلال بهذا الارتعاش : " ..ألصق ظهره بالجدار ، فشعر كأن السور يهتز من رعشة بدنه ..! " ، و هكذا يظهر المقاتل منذ افتتاح ستار البداية خائفا ً ، مرعوبا ً من ملابسه ، يبحث عن الجدران ليختبيء خلفها من المصريين و الروم ، فهل كانت هذه هي الحقيقة التاريخية ؟ ! !
و في مشهد آخر _ في بداية الكتاب _ يصور الكاتب أحد المسلمين الذين يتلون القرآن بهذه الطريقة الفجة : " .. قاعدا ً بإليتيه على قدميه يتلو قرآنا ً .." ( ص 11 ) ، فلماذا حشر الكاتب لفظ ( الإلية ) أو ( المؤخرة ) في مشهد التلاوة ؟! و ما الهدف سوى الاستباحة و كسر الهيبة منذ البداية بوضع كلمة " قرآن " إلى جوار كلمة " الإلية " او المؤخرة " لسحب القاريء إلى توجه ذهني و نفسي معين تجاه حركة الفتح الإسلامي لمصر، أو تجاه مسلك الفاتحين و طبائعهم ( الشاذة ) أو ( المنفرة ) ؟!
و يمضي الكاتب _ بنفس الأخيلة الترامادولية المعربدة _ يصف ( عمرو بن العاص ) ، بكل الأوصاف القبيحة ، فهو مشغول عن جنوده المقاتلين بصبغ لحيته ب ( الحناء ) و تنميق صورته أو تشذيب هندامه و كأنه منفصل عن الواقع الخارجي ! ( ص 19 ) أما الجنود المصاحبون له ، الذين جاءوا معه من الشام ، فتائهون ، خائفون ، غير مقتنعين بمهمتهم القتالية المفترضة في مصر ! و ينفجر أحدهم _ و هو من اليمن _ صائحا ً في وجه ( عمرو ) : " إنا لم نخلق من حجارة و لا حديد ! " فيرد عليه ( عمرو ) : " اسكت فإنما أنت كلب ! .." فيعاود الرجل الرد : " فأنت _ إذن _ أمير الكلاب ! " ( ص 20 ) و هكذا نكون بإزاء تشكيل عصابي من الغزاة ، المتفرغين طول الوقت للتلاوم و البذاءة و الردح المتبادل ، فلا تعرف أخلاقهم معنى الترفع ، و لا خطابهم المتبادل معنى ( عفة اللسان ) ! فهل وصل الأمر بأشد أعداء التاريخ الإسلامي _ فيمن نعرف من المؤرخين أو المستشرقين _ أن يطل على مشهد الفتح الإسلامي لمصر بعشر معشار هذا الغل الأسود ؟!
و عندما يفكر ( عمر بن الخطاب ) _ رضي الله عنه _ في إمداد عمرو بمقاتلين أشداء لتقوية جبهته ، تأكل الغيرة القاتلة كبد عمرو ، فينفجر صائحا ً : " إنها حسابات ابن الخطاب العجيبة ! " ( ص 22 ) فهل كان هذا هو رد فعل ( عمرو ) الذي أثبتته مراجعك التاريخية الخمسة عشر أيها المؤرخ / الروائي الهمام ؟! و هل هذا هو ما ذكره الطبري و ابن سعد و البلاذري و ابن الأثير ، أم أنك قد عدت _ في التوثيق _ إلى كتاب ( ألف ليلة و ليلة ) / باب " ما قاله الندمان بعد احتساء الكأس العاشرة " ؟!
و انقيادا ً مع الأخيلة الترامادولية في الكتاب ، يمضي ( عمر ) في وصلة " شخط و نطر " _ بتعبير الكاتب _ تجاه " معاذ بن جبل " ، فيغضب ( معاذ ) و ينفجر قائلا ً : " لن أطيعك يا عمر في شيء ! " ( ص 27 ) ، فهل كان هذا هو ما دار في مسرح التاريخ الفعلي ، أم ما دار في مسرح ( عكاشة ) ؟! و أية صفحة من كتاب التاريخ الموثوق به ذكرت هذا الهراء ؟!
و يمضي الكاتب _ في صفحات مطولة _ ليسرد جذور العلاقة الوثيقة بين ( معاذ ) و ( عبد الرحمن بن ملجم ) قاتل ( علي ) _ رضي الله عنه _ ليؤكد بالمؤشرات المستترة و المعلنة ، أن إجرام ( ابن ملجم ) ، خرج من رحم ( معاذ ) ، و أن معاذا ً و ابن ملجم ، وجهان لعملة واحدة ، خرجت من ماكينة الجريمة و العنف و الاستباحة !
و يظهر عمرو في المشاهد اللاحقة ، شديد السذاجة ، بطيء الفهم _ و هو ما لم يقل به أبدا ً أشد أعداء عمرو في القديم و الحديث حقدا ً و بغضا ً ! _ فحين يؤكد عمر لعمرو أن المقاتل الواحد أو الرجل الواحد من مقاتلي كتيبة الإمداد ب ( ألف رجل ) ، يستدير عمرو ليسأل ( مسلمة بن مخلد ) أحد مقاتلي جيش الإمداد : " .. أين التسعمائة و التسعة و التسعون رجلا ً الآخرون فيك ؟ ! .." فيضحك ( مسلمة ) ملء شدقيه ، من سذاجة ( عمرو ) الذي تصور أن هنالك جنودا ً ألفا ً مخبئين بالفعل تحت ملابسه ، أو في كمه ؟! فهل كان هذا مشهدا ً تاريخيا ً ، أم فيلما ً كارتونيا ً من إنتاج " والت ديزني " ؟!
و في مقابل هذا الروح الحقود في تجسيد مسلك الصحابة أو ممارساتهم عموما ً ، يذوب ( إبراهيم عيسى ) ، في رقة قلوب العذارى ، عندما يفرد صفحات مطولة عن ( الأب بنيامين ) ، أثناء فراره في الصحراء من بطش الروم ، فيرسخ قلم عيسى ، بكل ما وسعه من جهد بلاغي ، إطارا ً رفيعا ً من الوقار و الصفح و الاستنارة و الهيبة ( و هي بعينها الطريقة التي تعامل بها مع المشاهد الخاصة ب " أبي مريم " الراهب المريد ) ، و قد كان الأب ( بنيامين ) _ من خلال مراجعتي لأدق المراجع التاريخية _ متمتعا ً حقا ً بهذه الصفات ، التي جعلت المسلمين _ لا غيرهم _ يعيدونه إلى داره و ديره معززا ً مكرما ً مكللاً بآيات التبجيل ، و لكن يبقى السؤال لماذا نسبنا كل الخير و الهيبة لطرف ، و حجبناهما عن طرف آخر ، فبدا أحد الطرفين ملاكا ً سابحا ً في الملأ الأعلى ، و بدا الآخر شيطانا ً مريدا ً يتقاذفه القاع ؟!
و لن أحدثك عن الحسرة التي ملأت قلب ( عيسى ) ، و هو يتحدث عما أسماه : " .. تعاون بعض القبط مع العرب " ( ص 53 ) و كأنه غاضب من هذا التعاون و يوشك أن يقول من بين أسنانه الجازة بغضب : " ليتهم لم يتعاونوا مع هؤلاء الغزاة ! " و قد بدا الروح العدواني ذاته حال الحديث عن نجاح عملية الفتح و استتباب الأمر للمسلمين ، حيث نسب ( عيسى ) حالة النجاح إلى ما أسماه " غباء و ضعف المقوقس " ! ! ( ص 54 )
و أصدقكم القول إنني راجعت قسما ً كبيرا ً من كتب المؤرخين التي أرخت للفتح الإسلامي لمصر ، فلم اجد أبدا ً حقدا ً أسود يطفح بهذه القتامة ، و لم أجد غلا ً عنصريا ً ينفجر بهذا الهوس ! حتى أشد الكتابات انحيازا ً ضد المسلمين _ ككتابات " حنا النقيوسي " مثلا ً _ لم تكن بهذه العدوانية الملتاثة ، بل ذكرتنا بتكريم المسلمين للأب بنيامين و إنهاء البطش الروماني السادي الذي شهدته مصر على يد ( دقلديانوس ) و من تلوه في الحكم !
و لي سؤالان جذريان : أحدهما ل ( عيسى ) : ما إحساسك الغالب الآن بعد أن خذلك الذين غازلتهم بهذا الكتاب ، فلم يقفوا إلى جوارك بعد ترحيلك عن قناتك الفضائية المفضلة و إنهاء وجودك الإعلامي على الشاشات ؟! و يبقى السؤال الآخر لمن أوقدوا لعيسى و رفاقه ضوءا ً أخضر بهذه الاستباحة غير المسبوقة : هل هذا النوع من الكتابات الطائفية الصريحة يمكن أن يبني وطنا ً ، أو يحجب عن الأعين ما يلابس المشهد المصري من إخفاق مؤلم في كل المستويات و الأصعدة ؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.