"لكل مواطن الحق في الصحة والرعاية الصحية المتكاملة وفقًا لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التي تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافي العادل"، هكذا نص دستور 2014، الذي تجاهله وزير الصحة الدكتور أحمد عماد الدين، الأمر الذي جعله يهاجم مجانية الرئيس الراحل جمال عبد الناصر للصحة، خلال اجتماع لجنة الصحة بمجلس النواب، مما أثار حالة واسعة من الجدل. وأشار الوزير، إلى عدم وجود دولة في العالم قادرة على تحمل أعباء الصحة مثل مصر، إذا اعتبرنا أن الأطباء مجاهدون في سبيل الله، لا يمكن اعتبار الأعباء الصحية مجانية، لأن الأشعة مكلفة للغاية وتذكرة المريض بجنيه واحد غير كافية بالمرة لسد احتياجات المنظومة الصحية، موضحًا أن العلاج المجاني أدى إلى تدهور الخدمة بسبب ضعف الموازنة المخصصة لوزارة الصحة، فهي لا تفي بالأعباء الصحية الكبيرة. رغم أن الدستور يكفل حق العلاج المجاني لكل المواطنين، إلا أن تصريحات وزير الصحة أثارت حالة من الخوف والقلق لدى المواطنين بأن الدولة تتجه إلى إلغاء مجانية الصحة التي أقرها عبد الناصر للشعب، لخصخصتها خلال الأيام المقبلة تنفيذًا لشروط صندوق النقد الدولي. وتتجه الدولة إلى البدء في التمهيد لشروط المرحلة الثانية من القرض، عن طريق طرح حصص من الشركات العامة والأصول الحكومية للبيع للمستثمرين الأجانب، ومن ضمن هذه الأصول "المستشفيات الحكومية". ويبلغ عدد المستشفيات الحكومية 657 مستشفى والخاصة 937 بإجمالي 1594 مستشفى على مستوى الجمهورية. وخلال افتتاح المؤتمر السنوي الأول لمستشفى قصر العيني الفرنساوي، قال الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة: "إننا نحتاج إلى إدارة اقتصادية تدير المنظومة الصحية بمصر"، في إشارة منه إلى اتجاه الدولة إلى بيع أو خصخصة المستشفيات الحكومية. بدوره، رد الدكتور مصطفى كامل، عضو مجلس نقابة الأطباء، على تصريح وزير الصحة قائلاً: "لا يوجد دولة في العالم تتحمل أعباء مجانية الصحة مثل مصر"، مشيرا إلى أن "إنجلترا وكندا" تعالجان المواطنين بالمجان طبقا لقانون الدولتين، مؤكدًا أن عهد عبد الناصر شهد تطورًا في التعليم والصحة، بجانب دخول الوحدات الصحية إلى القرى والريف، والذي لم يحدث في تاريخ مصر غير في عهد ناصر، واصفًا التصريح ب"الكارثة" من مسئول مثل وزير الصحة. وأضاف كامل ل"المصريون"، أن الدولة تعجز عن توفير الأموال للنهوض بهذا القطاع، موضحًا أن هناك مواد في الدستور تلزم الدولة بتوفير الرعاية الصحية وعدم المساس بالقطاعات ذات أهمية عند أغلبية طبقات الشعب المصري. ونفى عضو مجلس الأطباء، أن تكون هناك علاقة بين تصريح الوزير وشروط صندوق النقد الدولي، باتجاه الدولة إلى خصخصة القطاع الصحة، مؤكدًا أن قانون التأمين الصحي الجديد سيرفع من شأن المنظومة الصحية. ومن جانبه، أكد الدكتور محمد حسن خليل، منسق حركة "الحق في الصحة"، أن هناك اتجاهًا من الدولة إلى تطبيق شروط صندوق النقد الدولي التي ستؤدي إلى خطر كبير على صحة المصريين، وأن الحكومة الحالية تقود هذه المؤامرة للسيطرة على القطاع الطبي لصالح القطاع الخاص، لافتًا إلى أن صحة المواطنين البسطاء الذين ارتفعت نسبتهم بعد ثورة 25يناير لا تحتمل الخصخصة أو الاحتكار. وأكمل خليل، أن هناك قوانين في الدستور أعطت الحق للمواطنين للعلاج بالمستشفيات الحكومية بالمجان، فضلا عن منعها بيع المستشفيات للقطاع الخاص، موضحًا أن قانون الصحة الجديد يعطي الحق للقطاع الخاص للمشاركة في تقديم الخدمات ومنها الصحة.