محافظ شمال سيناء: طرح رفح الجديدة وقرى الصيادين والتجمعات التنموية أمام المنتفعين    عيد القمح    نائب محافظ البحيرة تبحث مع الصيادين وتجار السمك دراسة إدارة تشغيل ميناء الصيد برشيد    مقترح أمريكي لاستخدام عوائد الأصول الروسية المجمدة لدعم أوكرانيا    المغرب يستنكر بشدة ويشجب اقتحام متطرفين باحات المسجد الأقصى    الصين ترسل طاقما مكونا من ثلاثة أفراد إلى محطة تيانجونج الفضائية    الدوري السعودي، رياض محرز يقود أهلي جدة أمام الرياض    "كسر رقم جوزيه ومعادلة الترجي".. أرقام قياسية تنتظر الأهلي في مباراة مازيمبي بدوري الأبطال    "أنا مشجع كبير".. تشافي يكشف أسباب استمراره مع برشلونة    الأهلى يخسر أمام بترو الأنجولي فى نصف نهائى الكؤوس الأفريقية لسيدات اليد    طاقم تحكيم نسائي بالكامل لإدارة مباراة في الدوري الإيطالي    التصريح بدفن مدرس لقي مصرعه داخل أسانسير في المرج    عامل يتهم 3 أطفال باستدراج نجله والاعتداء عليه جنسيا في الدقهلية    بعد تكريم والدها.. ريهام عبد الغفور تتصدر التريند    الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    «القطر مش هيتأخر».. مواعيد القطارات المتحركة بالتوقيت الشتوي بعد تطبيق الصيفي    وزارة التخطيط تشارك في الدورة العاشرة للمنتدى الأفريقي للتنمية المستدامة    10 ليالي ل«المواجهة والتجوال».. تعرف على موعد ومكان العرض    يمنحهم الطاقة والنشاط.. 3 أبراج تعشق فصل الصيف    الأسواق الأوروبية تغلق على انخفاض .. وارتفاع أسهم التعدين 1.9%    في اليوم العالمي للملاريا.. أعراض تؤكد إصابتك بالمرض (تحرك فورًا)    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    "إكسترا نيوز": معبر رفح استقبل 20 مصابًا فلسطينيًا و42 مرافقًا اليوم    دعاء يوم الجمعة.. ساعة استجابة تنال فيها رضا الله    استجابة لشكاوى المواطنين.. حملة مكبرة لمنع الإشغالات وتحرير5 محاضر و18حالة إزالة بالبساتين    سبب غياب حارس الزمالك عن موقعة دريمز الغاني بالكونفيدرالية    بيان مشترك.. أمريكا و17 دولة تدعو حماس للإفراج عن جميع الرهائن مقابل وقف الحرب    وزير الرياضة يشهد انطلاق مهرجان أنسومينا للألعاب الإلكترونية    تفاصيل اجتماع المجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية برئاسة وزير التعليم العالي    دعاء الاستخارة بدون صلاة .. يجوز للمرأة الحائض في هذه الحالات    مدرب صن دوانز: الفشل في دوري الأبطال؟!.. جوارديولا فاز مرة في 12 عاما!    رد فعل غير متوقع من منة تيسير إذا تبدل ابنها مع أسرة آخرى.. فيديو    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    التحقيق مع المتهم بالتحرش بابنته جنسيا في حدائق أكتوبر    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    جامعة حلوان توقع مذكرتي تفاهم مع جامعة الجلفة الجزائرية    تداول 10 آلاف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    تحرير 498 مخالفة مرورية لردع قائدي السيارات والمركبات بالغربية    طريقة عمل مافن الشوكولاتة بمكونات بسيطة.. «حلوى سريعة لأطفالك»    ضبط عامل بتهمة إطلاق أعيرة نارية لترويع المواطنين في الخصوص    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    وزارة العمل تنظم فعاليات «سلامتك تهمنا» بمنشآت السويس    الكرملين يعلق على توريد صواريخ "أتاكمز" إلى أوكرانيا    مشايخ سيناء في عيد تحريرها: نقف خلف القيادة السياسية لحفظ أمن مصر    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    "ميناء العريش": رصيف "تحيا مصر" طوله 1000 متر وجاهز لاستقبال السفن بحمولة 50 طن    أبطال سيناء.. «صابحة الرفاعي» فدائية خدعت إسرائيل بقطعة قماش على صدر ابنها    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    مستقبل وطن: تحرير سيناء يوم مشهود في تاريخ الوطنية المصرية    محافظ قنا: 88 مليون جنيه لتمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر خلال العام الحالي    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    افتتاح وتشغيل 21 سرير عناية جديد بمستشفي الكرنك في الأقصر تزامنا ذكرى تحرير سيناء    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    أول تعليق من ناهد السباعي بعد تكريم والدتها في مهرجان قرطاج السينمائي    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    اختيارات النقاد.. بعد سيطرة الكوميديا ما هى الأفلام الأنسب لموسم العيد؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العالم الحقيقي والعالم الافتراضي

رويدا رويدا تسيطر علينا جميع أركان العالم الافتراضي، تفترش المساحات الخواء في النفوس، وتحاول أن تشبع عطشا لا يروى، فالعالم الافتراضي هو حقيقة كماء البحر، كلما شرب الناس منه ازدادوا عطشا، هو أقرب للسراب النفسي، كلما ظنوا أنهم اقتربوا منه ازدادوا بعدا عنه، وقربوا إلى لا شيء.
أجهزة زكية وعلاقات غبية، وسائل تواصل اجتماعي أو من المفترض أن تكون كذلك قطعت الناس عن أقرب الناس إليهم، وابتذلت المشاعر الإنسانية في علامة إعجاب أو إعادة نشر أو إشارة أو تكرار.
إن كل تلك المظاهر الجوفاء إن أشارت إلى شيء فإنما تشير إلى أزمة نفسية حادة، أزمة اغتراب حقيقي يعيشها الإنسان المعاصر، لو أعاد هربرت ماركوز كتابه "الإنسان ذو البعد الواحد" لاكتشف أن الإنسان المعاصر له عشرات الأبعاد، إنما كلها أبعاد غير حقيقية، أبعاد افتراضية تماما كالعالم الذي يعيشه، أبعادا ليست من لحم ودم، ولا من مشاعر حقيقية ولا حتى من آلام حقيقية.
وبقدر ما كانت تكنولوجيا ووسائل الاتصال والتواصل فرصة للتقريب بين الناس إلا أنهم قد وقعوا في معضلة أو مصيدة الوحدة والإحساس العميق بالأزمة النفسية.
جفاف العلاقات الإنسانية وخلو المشاعر من أي دفء حقيقي ونفس حقيقي سينعكس بآثاره الضارة على مجمل حياتنا الاجتماعية وسيصيبها بالأمراض والعطب ليس على المستوى النفسي فقط بل حتى على المستوى الجسدي.
إن استجداء الاهتمام والبحث عن ما يلفت الأنظار تعبير عن فراغ عاطفي ووجداني يعيشه الإنسان.
والبحث عن الشهرة واكتساب الإنسان قيمته من عدد متابعيه أمر يدفعنا إلى البحث عن ذلك المكون النفسي فيما نتبنى من آراء أو ما نتخذ من مواقف خاصة على ساحات ما يسمى بالتواصل.
فشبكات العلاقات الاجتماعية يوما بعد يوم تتزايد مساحتها، وزيادة تلك المساحة هو بالضرورة على حساب تآكل مساحة الحياة الحقيقية والعالم الحقيقي، حتى الجهاد وكلمة الحق في وجه سلطان جائر أصبحت تأخذ منحى افتراضي، ويزايد من هو خارج حدود هذا السلطان الجائر على من يقبض على الجمر وينكوي بنيران دولة استبدادية لا ترقب في مواطن إلا ولا ذمة، حتى أصبح من الإنصاف تقييم الناس لا بما يقولون وإنما من أين يقولونه، وصلاحية جوازات سفرهم، وما إذا كانوا يملكون جوازات سفر لدول أخرى أم لا.
العالم الافتراضي ليس هو العالم الحقيقي، وليس هذا من تفسير الماء بعد الجهد بالماء، إنما كلما زادت معدلات الغبش في الإدراك وعدم الوضوح في الرؤية صار التأكيد على المؤكد من الضروريات.
العالم الافتراضي هو عالم وهمي، ليست الصداقات فيه هي الصداقات الحقيقية، وليست المشاعر فيه هي المشاعر الحقيقية، ليس لدي أدنى اعتراض على من يختار العيش فيه، ويجعله عالمه المعيش إنما فقط يفهم أن هذا عالم افتراضي، إن اشتهرت فيه فليس لقيمة ما تقدمه، وإن كثر عدد متابعيك فليس لأن الدرر التي تقولها لا مثيل لها، ربما كنت ما تقدمه صورة أو لقطة مع أحد المشاهير الذي تريد أن تقتبس من شهرته نورا، وليس ما يقوله من حق (هذا إذا كان يقول حقا أيضا).
العالم الافتراضي عالم اصطناعي، يصنع على عين من يركز معه وفيه، هو شكل حديث من أشكال الاستثمار، من يدفع لشراء متابعين هو سيقوم ببيعهم بعد ذلك لشركات الدعاية والإعلان، هي عملية اقتصادية بحتة في إطار رأسمالي متوحش.
ذكر مرة أخونا الدكتور نصر عارف أن صفحة الفيلسوف المغربي الكبير الدكتور طه عبد الرحمن عليها سبعة آلاف متابع فقط، فقلت له يا دكتور نصر لو أن أمة بمثل حال أمتنا وما هي عليه من ضعف ووهن وبروز السفهاء ومعدومي القيمة أو الرويبضة (الرجال التافهين) منهم سبعة آلاف يقدرون فيلسوف حقيقي مثل طه عبد الرحمن فهذا خيرا كبيرا.
الأمر جد خطير وأحسبه مرشح للزيادة بفعل توغل الآلة الالكترونية على حياتنا، وسيطرتها على الزمن القادم من أعمارنا، وبفعل تشابك وتداخل شبكات الاتصال مع شبكات التواصل، دع عنك الأجيال التي سقطت صرعى تحت عجلات تلك الآلة الجهنمية التي لا ترحم براءة طفل صغير، ولا انشغال عائل أسرة بمحاولة توفير عيشة كريمة لأسرته فتركهم لا حول لهم ولا قوة تفتك بهم آلة عمياء لا تبقي ولا تذر من تواصل عالم حقيقي وليس افتراضي، عالم من لحم ودم ومشاعر ووجدان وكلمات تخرج من القلب فتلامس الآذان، لا قوالب جامدة للتعبير عن الحب والفرح والإعجاب والقبول والرفض وكل المشاعر الإنسانية المختلفة والمتداخلة وأحيانا المتعارضة والتي لا تستطيع أن يستوعبها التنميط الالكتروني السخيف الذي يخل إخلالا واضحا بمشاعرنا الحقيقية، هذا إن لم يكن يشوهها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.