أثناء مناقشة اقتراح بمشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية رقم 73 لسنة 1956 بمجلس الشعب لمنع رموز النظام السابق "الفلول" من ممارسة حقوقهم السياسية، لمدة 10 سنوات، تعالى صراخ الكثيرين "من خارج المجلس" بأن الدستور يتعرض للانتهاك، ورفعوا فى وجهنا عبارة "العوار الدستورى" لمنع تمرير ذلك القانون.. من المعروف أن آخر دستور- وهو دستور 1971- قد تعطل العمل به بعد الثورة بمقتضى الإعلان الدستورى الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى إعلان 13 فبراير 2011، ومن ثم فالمقصود بالدستور فى هذا المقال، هو ذلك الإعلان الدستورى. وفى كلمتى التى ألقيتها فى مجلس الشعب فى الجلسة الأخيرة التى تم فيها إقرار القانون يوم الخميس يوم 12 إبريل الجارى، قلت إن الذين يشهرون فى وجهنا سلاح الدستور والعوار الدستورى الذى يعترى القانون، يتحدثون عن الدستور وكأنه مُنزّل من السماء من عند الله تعالى، وأن الدستور الذى يسمح للفلول بالعودة إلى الحكم هو دستور غير محترم وندعو الشعب والنواب إلى عدم احترامه أو الالتزام به. ولعلى أذكِّركم هنا بما سبق أن طالب به الوزير كمال الشاذلى عضو مجلس الشعب فى النظام البائد، من تجريم الاعتداء على الدستور بالقول، وطالب بإصدار قانون يقضى بمعاقبة كل من ينتقد الدستور بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة.. هو يقول ذلك وهو يعلم أن الدستور هو من صنع ترزية القوانين، الذى يفصّلونه على هوى الحاكم، بل ويمكن تغييره فى "قعدة" تبع لتوجيهات الحاكم. فإذا قلت لهم: وماذا عن الاعتداء على القرآن الكريم والقول بأنه قد تعرض للتحريف والتزوير بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم بإضافة آيات إليه والتهجّم على النبى صلى الله عليه وسلم وأزواجه وأصحابه قالوا "هذا إبداع وحرية للفكر والتعبير عن الرأى"!! كذلك حال من تباكوا على الدستور "أقصد الإعلان الدستورى" واستخدام عبارات طنّانة مثل "عدم الدستورية" و"العوار الدستورى" للهجوم على القانون الذى اشتُهر بقانون منع عودة الفلول، فهؤلاء ينطبق عليهم قول الله تعالى فى سورة الزمر "وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ".. إنهم أنصار النظام السابق الذين أصابهم الهمّ والحزن من سقوطه نتيجة لضياع امتيازاتهم ومكاسبهم، وهم معروفون بالعداء "للإسلام السياسى" الذى يربط بين الإسلام والسياسة، ويروجون للشعار الذى وفد علينا من الغرب الصليبى الصهيونى "لاسياسة فى الدين ولادين فى السياسة". وعلى الرغم من تلك الحرب الشعواء، التى شنها فلول الفلول على مشروع القانون، وهددونا بأن إقرار ذلك القانون قد يؤدى بالمجلس العسكرى إلى حل مجلس الشعب، فقد تم إقراره "بأغلبية ساحقة", ولم يبق إلا أن يصدره رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة. تتابعت التعليقات: فعقب إقرار القانون فى مجلس الشعب توجهت مباشرة إلى قناة القاهرة "القناة الثالثة سابقًا" فى برنامج "القاهرة على الهواء" مع أحد زملائى النواب، وهو الدكتور هشام النجار، بناء على موعد مسبق، ثم جرت بعض المداخلات التليفونية، منها مداخلة من الأستاذ الدكتور محمد حسين أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الذى قدم الشكر والتحية لمجلس الشعب على هذا الإنجاز وأعرب عن تأييده للقانون، واتسم حديثه بالأدب الجم الذى يليق بأستاذ كبير يعرف أدب الحوار وأدب الاختلاف فى الرأى. ثم جرت مداخلة أخرى مع الدكتور "فؤاد عبد النبى"، الذى قدمته المذيعة على أنه "فقيه دستورى" فهاجم القانون ووصفه بعدم الدستورية، ثم قال إن نواب مجلس الشعب "غير صادقين ويخدعون النّاس"!! ملاحظة: لن أعقب على أسلوبه فى الحوار وأترك الحكم عليه للقارئ وبصفتى متخصصًا فى القانون أقر وأعترف بأننى لم أسمع بهذا الاسم فى فقه القانون الدستورى من قبل "ولا أتشرف" بمعرفته، فهناك ملاحظة عامة وهى أن قنوات التليفزيون تستضيف فى برامجها على الهواء أومن خلال المداخلات التليفونية من تقدمهم على أنهم "فقهاء دستوريون " رغم أنهم ليسوا كذلك، وهذا أمر مُنتقد والعيب على هؤلاء المدّعين. وإلى هذا الفقيه الدستورى الذى "لا أتشرف" بمعرفته وغيره من الذين يدّعون أنهم "فقهاء دستوريون" أقول: اقرأوا ما قاله "فقيه دستورى بجدّ وليس مُدّعى" وهو الأستاذ الدكتور ثروت بدوى فى صحيفة الأهرام يوم الجمعة 13 أبريل الجارى حيث أيد القانون بما يُفحم فلول الفلول فقال: "بل هو دستورى وجاء فى توقيت إجبارى! ولابد لنجاح أى ثورة من إقصاء جميع أعمدة النظام السابق، الذى قامت الثورة ضده, ومن هنا كان من غير المنطقى ألا يتم إصدار مثل هذا القانون من جانب المجلس الأعلى للقوات المسلحة, الذى آلت إليه إدارة شئون البلاد, لقد قامت ثورة25 يناير بتأييد كل فئات الشعب التى نزلت بالملايين إلى الشوارع ابتهاجا بتنحى مبارك, وإنها ثورة شعبية أكيدة تعنى أول ما تعنى سقوط النظام بأجهزته الحاكمة, ولا يسمح إلا ببقاء ثلاثة أجهزة فقط, تمثل وظائف الدولة الأساسية الثلاث, هى: الدفاع(الجيش) والأمن(الشرطة) والعدالة(القضاء), التى لا يمكن أن تتخلى عنها أى دولة, أو أن يصبح أى منها مختلطا,عام وخاص مثلا. ومع تقاعس المجلس العسكرى كان لابد من إقصاء أعمدة النظام السابق بإحدى طريقتين, إما الثورة والاستيلاء على السلطة بالقوة من جانب الثوار, وإما بإجراء قانونى, وهو إجراء سليم100%, ومن ثم حظى بتأييد يكاد يكون إجماعيا"... أما الأستاذ الدكتور جابر جاد نصار، أستاذ القانون الدستور بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، فقد توقع فى تصريحات خاصة ل"بوابة الشروق"، أن تكون هناك 3 سيناريوهات محتملة، أولها: أن يصدق المجلس العسكرى على مشروع القانون، ويستجيب لرغبة البرلمان، بينما يتمثل السيناريو الثانى، فى امتناع المجلس العسكرى عن البت فى قرار يتعلق بالقانون، حتى انتهاء يوم 26 أبريل، لأنه فى ذلك الوقت سيكون لمرشحى الرئاسة وضع قانونى يتيح لهم الترشح للرئاسة. وأضاف د. نصار، أن السيناريو الثالث، يشير إلى أن المجلس العسكرى قد يحيل القانون إلى المحكمة الدستورية العليا، للبت فى أمره، مشيرا إلى أن عدم صدور رأى قاطع حول هذا القانون يؤدى لأزمة حقيقية، ترجع إلى زيادة الإشكاليات المتعلقة بعمل لجنة الانتخابات الرئاسية، ومن ثم يؤدى لعدم استكمال إجراءات الانتخابات، خاصة أن الوضع السياسى فى مصر بحسب تعبيره "مأزوم والانتخابات الرئاسية تحولت لمأزق كبير". وبسؤاله عن إمكانية حل البرلمان، كنتيجة لدوره فى إقرار مشروع القانون، الذى يمنع الفلول من الرئاسة، أوضح د.نصار أن المجلس العسكرى لا يمكنه حل البرلمان، وفقا لنصوص الإعلان الدستورى. "انظر: http://shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=14042012&id=a7daec09-1b75-48b9-834a-6819236d4ed5 " لاتتسع المساحة لنشر ماقاله الفقيهان الدستوريان "الحقيقيان وليس المزيفين" الدكتور ثروت بدوى والدكتور جابر جاد نصار، وللقارئ أن يرجع إلى المصدر لمزيد من التفاصيل. نقدم هذا الرأى لفلول الفلول للذين أوجعوا أدمغتنا بكلام "فشنك"- بغير علم -عن عدم الدستورية والعوار الدستورى لمنع تمرير القانون. وبعد، هل يستجيب المجلس العسكرى ويصدق على مشروع القانون، ويستجيب لرغبة الشعب التى عبر عنها نوابه فى البرلمان، بل وعبر عنه الشعب بنفسه فى مليونية الجمعة 13 إبريل؟ سوف نرى.... * رئيس حزب الأصالة وعضو مجلس الشعب.