ما إن صادق قادة منسقية المعارضة في موريتانيا على خطة جديدة للإسراع بالإطاحة بنظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز, إلا وأكد كثيرون أن الربيع العربي بدأ يقترب بقوة من هذا البلد المغاربي وأن الأزمة السياسية المتصاعدة هناك على خلفية المواجهة بين الموالاة والمعارضة باتت مفتوحة على كافة الاحتمالات. وكان قادة منسقية المعارضة التي تضم عشرة أحزاب كشفوا في 2 إبريل أنهم وافقوا على خطة جديدة لتكثيف الاحتجاجات الرامية إلى الإطاحة بنظام ولد عبد العزيز، وإقامة نظام ديمقراطي عادل في موريتانيا. ونقلت قناة "الجزيرة" عن أحد قادة منسقية المعارضة الموريتانية القول إن الخطة تشمل جملة من النشاطات التعبوية والسياسية التي ستبدأ خلال أيام، على أن تسير بشكل تصاعدي حتى تبلغ ذروتها في الشهرين القادمين لإرغام رأس النظام على مغادرة السلطة. وتابع" الخطة ستبدأ بمسيرات متزامنة في جميع مقاطعات العاصمة نواكشوط ترفع شعار المطالبة برحيل النظام وتزيد من وتيرة الضغط الشعبي المطالب برحيله". واستطرد" تلك المسيرات سيعقبها مهرجان شعبي لشباب ونساء المعارضة يرفع ذات الشعارات، قبل أن يسافر قادة المنسقية نحو المناطق الشمالية من البلاد في نهاية إبريل لاستكمال التعبئة الشعبية التي بدأها القادة في بقية مدن ومقاطعات البلاد في الأسابيع الماضية من جهة، ولاستكشاف نقاط قوة المعارضة ومراكز تأثيرها في تلك الأقاليم الشمالية". وبالتوازي مع هذه النشاطات ستطلق المعارضة حراكا شبابيا "مؤثرا وضاغطا" خلال إبريل بحسب ما يقوله هذا القيادي المعارض الذي فضل عدم ذكر اسمه، وذلك للمزيد من تسخين الأجواء وجعل النظام أمام واقع لا يستطيع الفكاك من ضغطه وتبعاته السياسية. وأضاف"سيكون مايو القادم حاسما في حراك المعارضة الهادف إلى إسقاط النظام بحسب الخطة التي وضعتها منسقية المعارضة، حيث ستبدأ خلاله الاعتصامات العمالية والسياسية, ومن المنتظر بحسب ذات الخطة أن يدخل قادة المعارضة وأنصارهم في اعتصام مفتوح في 2 مايو, وهو الاعتصام الذي تريد المنسقية أن يستمر حتى يرحل النظام". واللافت إلى الانتباه أن الكشف عن الخطة السابقة جاء بعد أن نظمت منسقية المعارضة في 13 مارس الماضي مظاهرة حاشدة في نواكشوط، اعتبرت الأكبر من نوعها في تاريخ البلاد، للمطالبة برحيل الرئيس محمد ولد عبد العزيز. وردد المتظاهرون حينها "عزيز ارحل"، و"أسعار المحروقات زادت 23 مرة"، فيما قال زعيم المعارضة أحمد ولد دحداح :"هذه المظاهرة، وهذا التجمع هما بمثابة استفتاء حول الرئيس ولد عبد العزيز". وشارك في المظاهرة أيضا الرئيس السابق "2005-2007" أعلي ولد محمد فال ، وهو أول ظهور له في احتجاجات المعارضة منذ الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2009 وفاز فيها محمد ولد عبد العزيز. ويبدو أن الأسوأ مازال بانتظار, حيث كشفت وسائل الإعلام الموريتانية أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز التقى في 2 إبريل قادة أحزاب الأغلبية الحاكمة وطلب منهم النزول إلى الشارع والرد على دعايات المعارضة ومحاولاتها التقليل من الإنجازات الكبيرة التي تحققت في ظل النظام الحالي. ومن جانبه, قال رئيس ائتلاف الأغلبية الحاكمة عثمان ولد الشيخ أبو المعالي في تصريح صحفي عقب اللقاء إن الأغلبية تدارست الأوضاع السياسية والاجتماعية بشكل مستفيض مع الرئيس محمد ولد عبد العزيز، مشيرا إلى أن ولد عبد العزيز كشف لهم الخطوط العامة لمعالجة هذه الأوضاع وخاصة منها ما يتعلق "بإسعاد المواطن في هذه السنة الصعبة". وفي السياق ذاته, قال محمد ولد ببانا, وهو برلماني من الأغلبية الحاكمة, إن المعارضة تسعى لنقل الثورة إلى موريتانيا، ولكن عوامل ومسببات الثورة من قمع وتضييق على الحريات ونهب للثورات ومكوث طويل في الحكم وتراكم للمظالم وعجز عن مواجهة التحديات، لا توجد في موريتانيا. ورغم أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز طالما سخر من دعوات المعارضة لإسقاط نظامه, إلا أن ما يجمع عليه كثيرون أنه بات في وضع حرج للغاية على إثر تصاعد الاستياء الشعبي إزاء تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في موريتانيا، ولذا فإنه لا بديل أمامه سوى الإسراع بإدخال إصلاحات سياسية حقيقية قبل انتقال عدوى "الربيع العربي" إليه.