اتجهت الحكومة للدفع باتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية المعروفة إعلاميًا باسم "تيران وصنافير"، للبرلمان بعد أن أقرتها ليكون ملاذها الأخير بعد إبطال محكمة القضاء الإدارى الاتفاقية وعدم قبول الحكومة الأمر. ويقول خبراء قانونيون إنه لا يجوز نظر الاتفاقية في ظل وجود حكم قضائى بات ونهائى، في الوقت الذي أكد فيه المستشار مجدي العجاتي وزير الشئون القانونية، أن الحكومة لن تسحب الاتفاقية المعروضة على البرلمان لإبداء الرأي فيها. والإثنين الماضي، أصدرت المحكمة الإدارية العليا (أعلى جهة للطعون الإدارية وأحكامها نهائية)، حكمًا نهائيًا ببطلان الاتفاقية، والتأكيد على مصرية الجزيرتين. مع ذلك، قال علي عبدالعال، رئيس مجلس النواب، إن البرلمان هو الجهة الوحيدة التي تحدد دستورية الاتفاقية، وأضاف أن "اللجنة التشريعية (بمجلس النواب) ستنظر اتفاقية ترسيم الحدود، وتحدد هل تخالف الدستور أو بها تفريط في أرض مصرية أم لا"، دون أن يحدد موعد ذلك. وقال الدكتور فؤاد عبد النبى الفقيه الدستورى، إن "البرلمان لا يجوز له أن يكون هو الخصم والحكم فى نفس الوقت طبقًا للمبدأ الدستورى القائم، كما أنه لا يجوز له أيضًا أن يصطنع دليلاً لنفسه، عبر مناقشته الاتفاقية لتعارضها مع مبدأ القانون المدني". وأضاف ل"المصريون"، أنه "وفق المادة 151من الدستور التى تحدد صلاحيات مجلس النواب فإن مناقشة قضية تيران وصنافير غير جائزة ، لأن رئيس الجمهورية لا يملك إبرام الاتفاقية ولا يملك الاستفتاء عليها، وبالتالى فإن فاقد الشيء لا يعطيه". وأوضح، أن "المادة100 من الدستور تقول إن الأحكام تصدر باسم الشعب وتنفذ وفق القانون ومن ثم الحكم واجب النفاذ والامتناع عنه يعرض للحبس والعزل، وأيضًا المادة 184 تقول إن التدخل فى القضايا وشئون العدالة جريمة لا تسقط بالتقادم ، وهذا ينطبق على محل الواقعة وهو الحكم وليس الاتفاقية". وتابع: "المادة 190من الدستور تجعل مجلس الدولة وحدة مختص فى المنازعات الإدارية وليس مجلس النواب، والمادتين 86 و87 تنصان على أن الأمن القومى واجب، والحفاظ على الأرض والتراب واجب قومى وهو ما أقرته المحكمة الإدارية وأيدها فى هذا الفعل حكم المحكمة الدستورية فى قضية رقم 11 لسنة 20ونصه أن القضاء الإدارى وحده دون غيره المختص فى الفصل فى منازعات تنفيذ ما يصدر عنه سواء كان الهدف المضى فى تنفيذ الحكم أو وقفه، ويعد هذا الحكم قانونيًا وله قوة الإلزام مما لا يعزر الجهل به من طالبى تطبيق أحكام القانون أصالة أو وكالة". وأكد الفقيه الدستورى، أن "المادة 97 من الدستور تحظر تحصين أى عمل يخالف أحكام القضاء ، وأن المادة 4 من الدستور تقول إن الشعب صاحب السيادة لا يملك إبرام المعاهدات أو الاستفتاء على ما ينتهك ويخالف الدستور فما بالك بالبرلمان الذى يعد الوكيل عن الشعب". إلى ذلك، قال مجدى حمدان، نائب رئيس حزب "الجبهة الديمقراطى"، إن "البرلمان لن يفصل فى الاتفاقية لأن نص الحكم ألغى الاتفاقية وبالتالى مناقشتها فى البرلمان تعتبر تعديًا على السلطة القضائية، وهو من شأنه أن يصنع حالة من الخلاف بين مؤسستين من مؤسسات الدولة فى حالة حدوثه مما قد يعرض الدولة للهلاك وستحدث وقتها كارثة". وأضاف حمدان ل"المصريون"، أن "المحكمة الدستورية لا يمكنها والبرلمان بحسب المادة 190 من الدستور الفصل فى الاتفاقيات والعهود وهذا يرجع إلى أن صاحب السيادة الفاعل وهو الشعب بعد أن حكم القضاء الإدارى وبالتالى أعمال السيادة ليست من اختصاص الدستورية ولا مجلس النواب". وأشار إلى أن "المحكمة الإدارية حصلت على صلاحيات تمكنها من فرض أحكامها على كل مؤسسات الدولة وحكمها ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود كان موجهًا للدستورية بانعدامها فى مراجعة الاتفاقية فى الصفحة السابعة من حيثيات الحكم".