يشهد مجلس النواب حالة من الارتباك، بعد إحالة مجلس الوزراء اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية المعروفة باسم "تيران وصنافير" إليه، بينما لا تزال قضية الجزيرتين متداولة داخل أروقة المحاكم المصرية، لحين الفصل في صحتها قضائيًا، بعد أن فجرت جدلاً واسعًا في البلاد خلال الشهور الماضية. الأمر الذي جعل العديد من أعضاء مجلس النواب يهددون بالاستقالة من المجلس، تعبيرًا عن رفضهم للاتفاقية التي أبرمتها الحكومة في 29ديسمبر من العام الماضي، ومحاولتها التحايل على القانون والدستور والأحكام القضائية وتمرير الاتفاقية عنوة. البداية كانت عندما هدد النائب أحمد الطنطاوي، باستقالته إذا تم تمرير الاتفاقية؛ خلال مقابلة مع برنامج "العاشرة مساءً" مع الإعلامي وائل الإبراشي على فضائية "دريم"، ليتبعه العديد من النواب المعترضين على الاتفاقية معلنين عن نيتهم في الاستقالة في حين إصرار مجلس الوزراء على مخالفة الدستور والقانون في شأن الجزيرتين. وأعلن أكثر من 60 نائبًا من المستقلين والأحزاب والتكتلات، عن نيتهم في تقديم استقالتهم حال تمرير الاتفاقية، أبرزهم، هيثم الحريري، سمير غطاس، نادية هنري، محمد أنور السادات، علاء عبد المنعم، نبيل بولس، أسامه شرشر، رانيا السادات، عماد جاد، مصطفي سالم، إيهاب السلاب، إلهامي عجينه، عصام إدريس، حسين أبو جاد، عمرو الأشقر إلى غير ذلك. وقال النائب أحمد الطنطاوي، إن "اتفاقية ترسيم الحدود الذي أبرمتها الحكومة مع السعودية مرفوضة جملة وتفصيلاً"، موضحًا أن "ما فعلته الحكومة ولا تزال تفعله بشأن الجزيرتين من بداية إبرام الاتفاقية وحتى إحالتها للبرلمان بينما لا تزال منظورة أمام القضاء دليل واضح على عدم احترامها للدستور والقانون". وأوضح الطنطاوي، أن "من قدموا أرواحهم دفاعًا عن الجزيرتين دماؤهم أطهر وأشرف من الكثير"، مهددًا بأنه في حال تمرير اتفاقية ترسيم الحدود سيتقدم باستقالته من المجلس. وأكد أن الاتفاقية لن يتم تمريرها، وتابع: "سندافع عن الجزيرتين حتى نهاية المطاف ولن يكون هناك حسابات سياسية لأي أحد"، معتبرًا أن "أعضاء المجلس في كثير من القرارات والقوانين التي تم تمريرها تحت قبة البرلمان لم يكونوا حاسمين فيها". "السيادة للشعب وليس للحكومة ولا مجلس النواب"، هكذا عبّرت النائبة غادة صقر عن رفضها إحالة الاتفاقية المثيرة للجدل إلى مجلس النواب، قائلة إن الحكومة بعد موافقتها على قرض صندوق النقد الدولي وإبرامها اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية "تفتقد للشرعية بحكم القانون والدستور". وأضافت ل"المصريون"، أن "الاستقالات التي يهدد بها بعض أعضاء مجلس النواب حرية شخصية"، لكنها أكدت أنها لن تقبل على مثل هذا الأمر، لأن هناك العديد من الآليات التي منحها الدستور والقانون لأعضاء المجلس والتي من خلالها يستطيع أن يتصدى لأي أحد من شأنه التفريط في أرض مصرية. وأعربت عضو مجلس النواب عن قلقها إزاء تسليم الجزيرتين للسعودية، لأنه سيخلق مشاكل لمصر هي في غنى عنها وبخاصة إنها تعاني من أزمات متلاحقة على كافة الأصعدة الاقتصادية والسياسية والأمنية. وتابعت: "هذه مسئولية تاريخية سيكتبها التاريخ بين صفحاته وسيسجل من خان ومن صان، فليس بمزاج أحد سعودة الجزر خاصة أنها مصرية بالدم والأرض والتاريخ والمستندات". في المقابل أصّر مصطفى بكري عضو مجلس النواب، على أحقية السعودية في الجزيرتين، متحديًا في الوقت ذاته معارضي الاتفاقية في إثبات أحقية مصر للجزيرتين. وأقسم بكري على بتقديم استقالته واعتزال العمل البرلماني إذا أثبتت جلسات المجلس لدى نظر الاتفاقية خلال الأيام القليلة المقبلة، أنهما مصريتان. وقال في برنامجه "حقائق وأسرار" عبر فضائية "صدى البلد" مساء الجمعة: "قسمًا بالله لو لديهم في إشارة إلى معارضي الاتفاقية الحقيقة، أنا شخصيًا سأقف أمام البرلمان وأعلن استقالتي، وأروَّح بيتنا، وأقفل على نفسي"- بحسب قوله. وأضاف: "كونوا مع الحقيقة، هاتوا برهانكم، وأتحداكم في قضية العمر هذه، مصر عمرها ما تفرط، والرئيس كل لحظة معرض للاغتيال". وتابع: "الخونة يستغلون مشاعر الشعب وانتماءه وهناك من يمول من الخارج ومن لا يمول لكن زوجته تتلقى التمويل وقضية 250 أمن دولة ستكشف الحقائق"، وفق قوله.