شهد عام 2016 الذي شارف على الانتهاء، العديد من القرارات الاقتصادية الصعبة التي اتخذتها الحكومة، كان أبرزها تحرير سعر الصرف، وزيادة أسعار المواد البترولية، ما تسبب في أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية تعيشها البلاد خلال الفترة الراهنة. أثّر قرار الحكومة بتحرير سعر الصرف وزيادة أسعار المواد البترولية إلى أزمات وصفها محللون بالطاحنة، لاسيما بعد أن ضربت هذه الأزمات كل قطاعات الدولة. الأسعار شهدت الفترة الراهنة ارتفاعًا غير مسبوق في الأسعار، والتي تعتبر بجدارة أزمة العام، لا سيما بعد قرار الحكومة في بداية نوفمبر الماضي بتحرير سعر الصرف وتعويم الجنيه مقابل الدولار؛ فقد شهدت معظم الخدمات الحكومية كرفع أسعار الكهرباء وكل المنتجات خاصة الغذائية منها، ارتفاعًا لم يستطع المواطن الوقوف أمامه. ومن أبرز السلع الغذائية، التي سجلت ارتفاعات كبيرة في نوفمبر على المستوى السنوي، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فقد سجل الأرز 5.56%، والسكر 2.68%، كما ارتفعت أسعار مجموعة البن والشاي والكاكاو بنسبة 5.43%، وقفزت أسعار زيوت الطعام بنسبة 7.53%والزبد والسمن 5.29%، والزبد المستورد 2.65%، كما زادت اللحوم الحمراء الطازجة والمجمدة 7.21% والدواجن 6.14% والأسماك الطازجة والمجمدة 3.16%، والمأكولات البحرية 8.19%. في حين سجل قسم الملابس والأحذية ارتفاعًا قدره 11,0%، ليساهم بمقدار0,49 في معدل التغيير الشهري؛ بسبب ارتفاع أسعار مجموعة الملابس الجاهزة بنسبة 11,0% والأحذية بنسبة 12,7%. القيمة المضافة تسبب قرار الحكومة وموافقة مجلس النواب على تطبيق قانون القيمة المضافة في سبتمبر الماضي زيادة في الأسعار ومعاناة إضافية للمواطنين؛ حيث جاءت نسبة الضريبة الجديدة 14% لتزيد بذلك كل الأسعار. تعويم الجنيه جاء قرار تحرير سعر الصرف ليؤثر على كل المواطنين على حدٍ سواء؛ حيث تسبب في ارتفاع أسعار معظم السلع والخدمات لتصل 200%. ويعد أهم أسباب الأزمة، بحسب خبراء، هو اعتماد الحكومة على الاستيراد لتوفير ما يزيد على60% من إجمالي ما يستهلكه المواطن، وهو ما زاد السلع بنسبة كبيرة. الضريبة الجمركية جاء قرار بدء العمل بالقرار الجمهوري الذي صدر في ديسمبر الحالي بتعديل التعريفة الجمركية على ما يقرب من 400 سلعة بمختلف القطاعات الصناعية والزراعية إلى زيادة كبيرة في الأسعار والتي وصفها البعض بالجنونية، ومن أبرزها السلع التي تأثرت بالضريبة الجمركية الأجهزة الكهربائية التي ارتفعت نسبة الضريبة الجمركية عليها إلى 60% من سعر السلعة مقابل 40% من قبل. نقص الأدوية وارتفاع أسعارها تعاني البلاد في الفترة الحالية أزمة حادة في نقص الأدوية وخاصة الاستراتيجية منها، كما شهدت معظمها زيادة في السعر تزيد على 20 % لا سيما بعد أن قررت الحكومة رفع أسعارها؛ بسبب ما تعانيه بعض الشركات من خسائر؛ نتيجة أزمة الدولار، وعلى الرغم من هذه الزيادة التي لحقت الأدوية فلا تستطيع الشركات الإنتاج الطبيعي في ظل زيادة صرف الدولار. أزمة السكر أصبحت أزمة السكر من الأزمات الأكثر حديثًا بين المواطنين في تلك الفترة التي تمر بها البلاد؛ حيث تشهد كل محافظات الجمهورية طوابير مكتظة بالمواطنين على أمل الحصول على كيس سكر؛ فقد تراوح سعر الكيلو ما بين 10إلى 15 جنيهًا وعلى الرغم من ذلك لم يستطع المواطن الحصول عليه. وخلال نهاية الأسبوع الماضي، صعدت موجة جديدة من الغضب؛ بسبب قرار الشركة القابضة للصناعات الغذائية بزيادة أسعار السكر للقطاع الصناعي إلى 11 ألف جنيه للطن، والتجاري إلى 10500 جنيه. وزاد من الأزمة ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري، ما أدى إلى عزوف المستوردين عن الاستيراد خاصة بعد مضاعفة سعر السكر عالميًا، في الوقت الذي لم تنجح فيه شركة السكر الحكومية في تغطية نقص المنتج بالأسواق بدعوى حفاظها على المخزون الاستراتيجي من السكر. أزمة لبن الأطفال ضربت مصر في شهر أغسطس الماضي أزمة حادة في نقص حليب الأطفال، ما دفع بعض السيدات آنذاك للتظاهر تعبيرًا عن غضبهم قبل أن يعلن وزير الصحة تدخل الجيش بطرح كميات من الحليب، وهي الخطوة التي أثارت جدلاً كبيرًا حول أسباب الأزمة. وأعلن المتحدث باسم الجيش في الثالث من سبتمبر عن التعاقد على شراء نحو ثلاثة ملايين علبة حليب أطفال بدءًا من منتصف الشهر الجاري، مرجعًا ذلك إلى رغبة الجيش في حل الأزمة ولكن حتى الآن تعاني الأسرة من الحصول على حليب لأطفالهم في ظل الخضوع للسوق السوداء واستغلال بعض معدومي الضمير لمثل هذه الأزمات. ارتفاع التضخم وعلى الرغم من كل القرارات التي اتخذتها الحكومة للحد من التضخم ارتفع معدل التضخم السنوي إلى 16.4% في أغسطس الماضي، وهو أعلى معدل منذ ديسمبر 2008، وذلك بحسب ما أعلن عنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في بيان له الخميس الماضي، وجاء هذا الارتفاع الحاد مع تدهور قيمة العملة المحلية، وارتفاع أسعار كل الكهرباء والأغذية والمشروبات. في هذا السياق، قال الدكتور محمد النجار، أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها، إن ما يحدث في هذه المرحلة وما تشهده البلاد من تدهور شديد في كل المجالات الاقتصادية دليل على غياب الرؤية الصائبة. وأضاف النجار ل"المصريون": "لا توجد إرادة سياسية حقيقية لخفض الأسعار، والحكومة لن تسعى لذلك؛ لأنها لا تشعر بآلام المواطنين"، متابعًا: "المسئولون في مصر يعرفون الأشخاص المتحكمين في الاقتصاد والأسواق ولم يتم اتخاذ إجراءات ضدهم". وأشار النجار إلى تصريحات المسئولين مرارًا بأنهم سيسيطرون على الأسعار خلال شهر، "لكن هذا لم يحدث، بسبب الاعتماد على أشخاص غير متخصصين في إدارة الملفات، كما أن بعض المسئولين عن أهم الأجهزة الرقابية في مصر غير جديرين بمناصبهم". وتابع: "يجب أن تقوم الحكومة بالرقابة على الأسواق ومتابعة الأسعار يومًا بيوم، علاوة على ذلك لا بد أن توجه الحكومة إنذارات شديدة اللهجة لكبار التجار ومن يسيطرون على السوق، وتمنعهم من السفر كإجراء لردعهم إذا خالفوا ضوابط السوق". من جانبه، قال الدكتور محمد موسى عثمان، رئيس قسم الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن تداخل المسئوليات والاختصاصات بين الوزارات والهيئات المختلفة يضعف قدرة الحكومة على السيطرة على الأسعار، وستظل المشكلة قائمة إذا لم يتم تحديد اختصاص كل وزارة وكل هيئة. وأوضح عثمان ل"المصريون" أن هذا التداخل يؤدي في النهاية إلى عدم معرفة مَن المخطئ والمتسبب في المشكلة، مشيرًا إلى أن جميع الوزارات عليها التعاون والتكاتف والوقوف بجانب بعضها حتى تستطيع ضبط الأسعار.