عرض مستمر ومتأزم فى البلاد، بقيادة الجنرالات، الذين لا يدخرون جهدًا فى إرهاق المواطنين والوطن، بقرارات دائمًا ما يُحذر الخبراء منها، وعلى انعكاستها السيئة على المجتمع المصرى، والتى بدأت بالطعام، وصولاً إلى الدواء، وهو الأمر الغير موجود فى جميع أنحاء العالم، حتى الفقيرة منها، فكيف بدولة كمصر مازالت بها العديد من الموارد الطبيعية؟. فما شهدته مصر العام الحالى 2016، لم تراه من قبل، بالأخص أنه جاء بعد ثورة شعبية، فى يناير 2011، كان أبرز مطالب العيش والحرية والعدالة الإجتماعية، فكل ما حدث وتم تنفيذه من نداءات الثوار هو "لاشئ"، بل إن عكس تلك الأمور هو ما حدث. فقرار تعويم الجنيه، قد أحدث ارتفاعًا كبيرًا فى السلع الأساسية وغيرها، كالأرز والسمك واللحوم والخضروات، هذا بجانب السكر، والدواء. فبعد ساعات قليلة من القرار الغير المدروس الذى قضى بتحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار، أعلن النظام، زيادة أسعار المواد البترولية، بنسب مرتفعة جزئيًا، مما زاد من تفاقم الأوضاع وجعل الأسعار تقفز بقوة وبشرعنه من النظام نفسه. تفاقم أزمة القمح وشهد العام الحالى، العديد من الكوارث بشأن القمح، إما فى الزراعة أو الاستيراد، فى الوقت الذى ارتفع فيه سعر صرف الدولار امام العملة الوطنية، مما جعل الأمر خطير للغاية، بجانب عدم تشجيع النظام لزراعة القمح محليًا، ومحاولة الاكتفاء الذاتى، مما جعل الأمور تصل إلى الحد المخيف والغير مسموح به، ومن ناحية الاستيراد فقد شهد العام الحالى قلة، فى عروض ومناقصاته، وهو من شأنه تهديد استمرار وجود رغيف الخبز. وفى أوائل شهر أغسطس الماضى، أعلنت وزارة التموين، أن احتياطي القمح يكفي لمدة 6 أشهر ما يشير إلى أن استمرار عدم الدخول في المناقصات التي تطرحها مصر لاستيراد القمح يدفع إلى وجود أزمة في توفير رغيف الخبز المدعم. وكان مجلس وزراء النظام قرر، نهاية فى سبتمبر الماضي، الموافقة على دخول الأقماح المستوردة وفق المواصفات المصرية المعتمدة منذ عام 2010، والمتوافقة مع المعايير العالمية الواردة في دستور الغذاء العالمي ومنظمة الفاو، بحيث لن يتم السماح بدخول أقماح تتجاوز نسبة فطر الإرجوت بها 0.05%. وعلى مدى الشهور الستة الماضية السابقة للقرار شهدت مناقصات استيراد القمح المصرية اضطرابا بفعل تضارب القواعد التنظيمية المتعلقة بنسبة الإرجوت في القمح المستورد، حيث أكدت جهات مسئولة أنها لن تسمح بدخول أي نسبة من الإصابة بهذا الفطر، مما ترتب عليه رفض استقبال أكثر من شحنة. ارتفاعات غير مسبوقة فى أسعار الأرز وفى نفس السياق، سجلت أسعار أرز الشعير ارتفاعا جديدا في عام 2016 بلغ 200 جنيه فى الطن ليصل إلى 4200 جنيه للارز العريض الحبة مقارنة ب4000 جنيه في عام 2015، وارتفع الأرز الشعير إلى 4050 جنيها للطن مقارنة ب3950 جنيها لعام 2015. وعانى السوق من نقص فى المعروض من الأرز الشعير بسبب استمرار حملات التخزين من قبل محتكرين، هذا بجانب منع النظام للعديد من المزارعين بالبدء فى زراعة تلك السلعة. وكان تقرير صادر عن الجهاز المركزى للتعبئة والاحصاء أشار إلى وجود 11.4 الف طن أرز هندي بالموانئ، بينما بلغت كميات الأرز لدى مضارب القطاع العام 10.3 الف طن وبلغت كميات الأرز الأبيض بالمجمعات والجملة وتسويق الأرز 37.8 الف طن، وذلك وفقا لأحدث تقرير صادر فى العاشر من شهر نوفمبر. نقص إنتاج الأسماك وعلى الجانب الآخر كشف تقرير صحافى، نشره موقع "المصرى اليوم"، معاناة أكثر من 20 ألف أسرة على الأقل بمحافظة كفر الشيخ، بعد قرار المحافظ بتاريخ 9 مايو 2016 بحجب تصاريح نقل الزريعة المنتجة من المفرخات السمكية. وأوقفت منطقة الثروة السمكية التابعة للهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية بموجب القرار إصدار أي تصاريح جديدة، لتبدأ شرطة المسطحات المائية فى توقيف سيارات النقل التى تسير بحمولة من "الزريعة"، وحتى تلك المنتجة من المفرخات. نقص لبن الأطفال
شهدت مصرفي شهر أغسطس أزمة حادة في نقص حليب الأطفال، ما دفع بعض السيدات للتظاهر قبل أن يعلن وزير الصحة تدخل الجيش بطرح كميات من الحليب، وهي خطوة أثارت جدلا كثيرا حول أسباب الأزمة. وأعلن المتحدث باسم الجيش في الثالث من سبتمبر عن التعاقد على شراء نحو ثلاثة ملايين عُلبة حليب أطفال بدءًا من منتصف الشهر الجاري مرجعاً ذلك إلى رغبة الجيش في حل الأزمة. زراعة القصب تُعانى بسبب النظام وعلى صعيد آخر، عانت مزارع قصب السكر والمزارعين، بالصعيد هذا العام من ارتفاع أسعار العمالة والوقود ومستلزمات زراعة القصب، ما هدد بتفاقم أزمة السكر وزيادة أسعاره إذا ما نفَّذت مزارع قصب السكر تهديداتها بعدم حصد محصول القصب. وكانت مزارع خمس محافظات، هي الأشهر في صعيد مصر من حيث زراعة قصب السكر، هددت بالامتناع عن حصاده، وهي"الأقصر، أسوان، قنا، سوهاج، المنيا،" ما لم ترفع الحكومة سعر الطن ومساندة الفلاح بتوفير الأسمدة اللازمة للزراعة. ويبلغ إنتاج مصر من قصب السكر نحو 16 مليون طن طبقاً لأحدث بيانات متاحة عن المحصول على موقع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء وأعلنت وزارة التموين نهاية الأسبوع الماضي عن شراء قصب السكر من المزارعين ب500 جنيه للطن، مقابل 400 جنيه الموسم الماضى، وهو ما رآه المزارعون سعر غير عادل بالمرة. ورفضت الجمعيات التعاونية، ونقابات الفلاحين القيمة التى أعلنتها وزارة التموين لتوريد القصب، فى ظل ارتفاع جميع مدخلات الإنتاج، مؤكدين أنهم طالبوا بزيادة جماعية فى جميع أسعار السلع والمنتجات الأساسية. ارتفاع أسعار السكر ونقص فى المعروض وفى نفس السياق، وبالتزامن مع أزمة المزارعين، عانى مصريون خلال عام 2016 من نقص المطروح من السكر واختفائه من معظم الأسواق، مع ارتفاع سعره رغم تصريحات مسؤولين بانتهاء أزمة عدم توفره. وثارت نهاية الإسبوع الماضي، موجة جديدة من الغضب بسبب قرار "الشركة القابضة للصناعات الغذائية" بزيادة أسعار السكر للقطاع الصناعى إلى 11 ألف جنيه للطن، والتجارى إلى 10500 جنيه. وزاد من الأزمة ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري ما تسبب في عزوف المستوردين عن الاستيراد خاصة بعد مضاعفة سعر السكر عالميا، في الوقت الذي لم تنجح شركة السكر الحكومية في تغطية نقص المنتج بالأسواق بدعوى حفاظها على المخزون الإستراتيجي من السكر. وكشفت بيانات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) عن تسجيل سعر السكر في العقود المستقبلية بالبورصات العالمية زيادة بأكثر من 60% في عام. وتنتج مصر 2.3 مليون طن من السكر سنويا، ويستهلك سوقها المحلي ثلاثة ملايين طن تقريبا، وهو ما يدفع الدولة لاستيراد 700 ألف طن سنويا لسد العجز. الدواء.. نقص فى المعروض وارتفاع خيالى فى سعره وعلى الجانب الآخر، عانت مصر في 2016، من نقص في الأدوية المستوردة، خاصة بعد قرار البنك المركزي بتعويم الجنيه. وضرب نقص الأدوية بعض العلاجات الحيوية مثل الأنسولين وبعض أدوية مرض السكري الذي يصيب 17٪ من السكان، وفقا للاحصاءات الرسمية، بالإضافة الى بعض أدوية أمراض القلب والسرطان، فضلا عن محاليل غسل الكلى، وهي ضرورية جدا لمرضى الفشل الكلوي. واتهمت وزارة الصحة موزعي الأدوية "بممارسة الضغط" على السلطات للحصول على زيادة في الأسعار التي تفرضها الحكومة، فيما برر موزعون النقص بارتفاع تكاليف الإنتاج والاستيراد الناجم عن انخفاض قيمة الجنيه. واجتمعت الإثنين الماضي شركات تصنيع الدواء ومسؤولو وزارة الصحة ومستوردون لتحريك سعر وحدات الدواء بمناقصات وزارة الصحة نحو الزيادة، في انتظار رفع أسعار الدواء.