تحركات إماراتية لعقد لقاء بين شكري والجبير تصطدم برفض سعودي الرياض تريد تغييرات استراتيجية فى مواقف القاهرة فى سوريا واليمن مقابل التطبيع
عادت قضية تطبيع العلاقات المصرية السعودية إلى الواجهة بعد أشهر من الجفاء، عقب تصويت مصر لصالح مشروع روسي حول الوضع في سوريا، بعد مطالبة القاهرةالإمارات العربية المتحدة، ودولاً خليجية أخرى، بالدخول على خط الأزمة، واستئناف جهودها لاستعادة الدفء في علاقات البلدين، التي تأزمت بشدة، إثر وقف إمدادات شركة النفط السعودية "أرامكو" لمصر للشهر الثالث على التوالي. ومع حسم نظام بشار الأسد للمعركة في حلب، وتحقق ما كانت تصبو إليه على الصعيد السوري، طالبت مصر دولاً خليجية، بالتوسط لإنهاء الأزمة مع السعودية،، آملة استئناف المساعدات السعودية في القريب العاجل، لمساعدتها في الخروج من الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد. ويأتي ذلك وسط أنباء عن قرب رفع السعودية اسم جماعة "الإخوان المسلمين" من لائحة الإرهاب التي أعلنتها نهاية عام 2013، إبان حكم الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، بعد أن سعت قيادات بالتنظيم الدولي للإخوان لدى الرياض، لإزالة اسم الجماعة، وهو تحرك حظي بردود فعل ايجابية من قبل الملك سلمان وحكومته. في غضون ذلك، تجري دولة الإمارات، جهودًا مكوكية لتقريب وجهات النظر بين القاهرةوالرياض، عبر استضافة لقاء لوزيري خارجية البلدين سامح شكري وعادل الجبير في أبوظبي، للبحث في سبل جسر هوة الخلاف بين الطرفين، حول الملفات الشائكة، وعلى رأسها الوضع في سوريا، في ظل الانتصارات الأخيرة التي حققها نظام بشار الأسد مدعومًا من روسيا والمليشيات الإيرانية والعراقية، فضلاً عن الأوضاع في اليمن، حيث تسعى السعودية إلى انتزاع موقف مصري داعم بشكل حقيقي للحرب التي تخوضها ضد "الحوثيين". وتواجه مساعي المصالحة، صعوبات جمة؛ فالرياض الغاضبة بشدة من الموقف المصري في سوريا لا ترحب بالأمر، لاسيما أن مشروعها لإطاحة الرئيس السوري بشار الأسد المدعوم مصريًا قد تعرض لانتكاسة كبرى، بفضل دعم عواصم عديدة للأسد ومنها القاهرة، وبالتالي لن تتعاطى بشكل إيجابي مع محاولات الوساطة. إلى ذلك، كشفت مصادر دبلوماسية مطلعة عن احتمالات بحدوث تغيير ملموس من جانب مصر في الملف السوري، وإن كان بشكل تدريجي، حيث ستتبنى مصر خلال الفترة القادمة حلولاً وسطًا بين الأسد ومعارضيه، يقبل بموجبها الأول بتشكيل حكومة انتقالية، على أن يكون رئيسًا لفترة انتقالية تجرى خلالها انتخابات رئاسية لايترشح لها. وكشفت المصادر عن أن السعودية ستفتح قنوات اتصال خلال المرحلة القادمة مع قيادات مؤسسات سيادية في مصر، بعيدًا عن الحكومة، التي لم تعد تثق بها من قريب أو بعيد. وتراهن من خلال ذلك على نفوذ هذه المؤسسات، لانتزاع مواقف داعمة لها سواء في ملف جزيرتي "تيران وصنافير"، والملفين السوري واليمني، وهو ما يمثل تطورًا لافتًا بحسب مراقبين. غير أن خبراء في العلاقات المصرية السعودية يرون أن التغيير الشكلي في موقف مصر، وتأكيدها أن موقفها من الأزمة السورية هدفه الحفاظ على الدولة السورية بغض النظر عمن يحكم دمشق قد لايحظى بقبول لدى الرياض، التي ستطالب مؤسسات الدولة المصرية، بضرورة اتخاذ خطوات جادة لدعم الموقف السعودي، خصوصًا في الملفين السوري واليمني، والتوقف عن تبني مواقف غامضة. من جهته، استبعد الدكتور عاطف سعداوي قاسم، الخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية ب "الأهرام"، تطبيعًا قريبًا في العلاقات المصرية السعودية، قائلاً إن "الخلافات الشديدة والتباين في الملفات المختلفة، يجعل قبول السعودية بعودة العلاقات إلى مسارها الصحيح أمر شديد الصعوبة؛ فالرياض التي خرجت من معركة حلب خاسرة تشعر بمرارة شديدة من الموقف المصري، ولن تقبل حدوث اختراق في علاقاتها مع القاهرة في المستقبل المنظور". وأضاف سعداوي ل "المصريون": "هناك إدراك سعودي بأن الأزمة الاقتصادية، هي من تحرك السيسي لتطبيع العلاقات مع المملكة، لاسيما أن ردود الفعل الإيرانية والجزائرية والكويتية على مطالبه بالحصول على تسهيلات نفطية لم يكن إيجابيًا، وهو ما سيزيد الأمر صعوبة، ويجعل الرياض تتبنى موقفًا متشددًا من القاهرة وتطالبها بخطوات عملية لدعم مواقفها في مختلف الملفات". بدوره، رأى الدكتور عبدالله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق أن الوضع الاقتصادي المتردي، ومخاوف القاهرة من التقارب بين الرياض وجماعة "الإخوان المسلمين"، في ضوء ما تردد عن رفع اسم الجماعة من لوائح الإرهاب السعودية هي العوامل التي دفعت القاهرة لمطالبة دول خليجية بالتوسط بينها وبين الرياض. وقال الأشعل: "السعودية سيكون لها منظور جديد إزاء العلاقات مع مصر؛ فهي لن تراهن مجددًا على النظام الحاكم في ظل حالة عدم الثقة من جانب المسئولين السعوديين، بل ستنفتح على النواة الصلبة للدولة المصرية، وستطالب بفرض نوع من الشفافية على دعمها الاقتصادي للقاهرة؛ أي أن مرحلة الشيك علي بياض التي تعاملت بها مع النظام الحالي منذ الثالث من يوليو2013 ستطرأ عليها تغييرات جذرية". وتشهد العلاقات المصرية السعودية في الفترة الحالية فتورًا واضحًا، لا سيما بعد تصويت مصر لصالح المشروع الروسي في مجلس الأمن حول الوضع في سوريا، والذي لا توافق السعودية عليه. وبعد يومين من تصويت مصر على مشروع القانون الروسي، أعلن المتحدث باسم وزارة البترول حمدي عبد العزيز أن "شركة أرامكو السعودية أبلغت الهيئة العامة للبترول شفهيا بوقف إمدادات النفط دون إبداء أي أسباب".