عادت قضية تطبيع العلاقات المصرية السعودية إلى واجهة الأحداث بعد أشهر من الجفاء عقب تصويت مندوب مصر فى مجلس الأمن السفير عمر أبو العطا لصالح مشروع روسى خاص بسوريا. وطالبت القاهرة -إثر حسم النظام السوري معركة حلب- دولا خليجية معروفة بصلاتها الوثيقة بالسعودية بالقيام بالوساطة بين البلدين بعد أن حقق السيسى أهدافه على الصعيد السورى ومن ثم يسعى لتعويض ما فاته فى علاقاته بالرياض واستئناف المساعدات السعودية لإقالة الاقتصاد المهترئ حيث يراهن النظام على سياسة اللعب على جميع ليخرج فائزًا في كل الملفات. وتواجه مطالب مصر لدول خليجية بالوساطة بينها وبين الرياض صعوبات جمة فالرياض الغاضبة بشدة من الموقف المصرى فى سوريا لن تجد نفسها مرحبة بهذه الوساطة لاسيما أن مشروعها للإطاحة الرئيس السورى بشار الأسد المدعوم مصريا قد فشل فشلا ذريعا بفضل دعم عواصم عديدة للأسد ومنها القاهرة وبالتالى لن تتعاطى بشكل إيجابى مع محاولات الوساطة. كشفت مصادر دبلوماسية مطلعة عن احتمالات حدوث تغيير ملموس من جانب مصر فى الملف السورى على أن يتم هذا الأمر بشكل تدريجى حيث ستتبنى مصر خلال الفترة المقبلة حلولاً وسطًا بين الأسد والمعارضة يقبل بتشكيل حكومة انتقالية على أن يكون الأسد رئيسًا لفترة محددة تجرى خلالها انتخابات رئاسية لا يترشح لها لعل ذلك يخفف من احتقان الموقف السعودي من مصر. غير أن خبراء فى العلاقات المصرية السعودية يرون أن هذا التغيير قد لا يحظى بقبول لدى الرياض التى ستطالب مؤسسات الدولة المصرية وليس السيسى بضرورة اتخاذ خطوات جادة لدعم الموقف السعودى خصوصًا فى الملفين السورى واليمنى وتفعيل مسألة مسافة السكة بدلا من تبنى مواقف غامضة تتزامن مع دعم سرى لخصوم الرياض فى صنعاء ودمشق. من جهته استبعد الدكتور عاطف سعداوى قاسم الخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام تطبيعًا قريبًا فى العلاقات المصرية السعودية مشيرًا إلى أن الخلافات الشديدة والتباين في الملفات المختلفة يجعل قبول السعودية باستعادة العلاقات إلى مسارها الصحيح أمرًا شديد الصعوبة فالرياض التى خرجت من معركة حلب خاسرة تشعر بمرارة شديدة من الموقف المصرى ولن تقبل حدوث اختراق فى علاقاتها مع القاهرة. ولفت إلى أن هناك إدراكًا سعوديًا بأن الأزمة الاقتصادية هى من تحرك السيسى لتطبيع العلاقات معها لاسيما أن ردود الأفعال الإيرانية والجزائرية والكويتية على مطالبه بالحصول على تسهيلات نفطية لم يكن إيجابيًا وهو ما سيزيد الأمر صعوبة ويجعل الرياض تتبنى موقفًا متشددًا من القاهرة ويطالبها بخطوات عملية لدعم مواقفها فى مختلف الملفات. بدوره رأى السفير عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية الأسبق أن الوضع الاقتصادى المتردى ومخاوف القاهرة من تقارب بين الرياض وجماعة الإخوان المسلمين وما تردد عن رفع اسم الجماعة من لوائح الإرهاب السعودية هى من حركت القاهرة دفعتها لمطالبة دول خليجية بالتوسط بينها وبين الرياض. ونبه إلى أن الرياض ستطور منظورًا جديدًا لعلاقاتها مع القاهرة فهى لن تراهن مجددًا على نظام حاكم فى ظل حالة عدم الثقة فى السيسى من جانب المسئولين السعوديين حيث ستنفتح الرياض على النواة الصلبة للدولة المصرية وستطالب بفرض نوع من الشفافية على دعمها الاقتصادى للقاهرة أى أن مرحلة الشيك على بياض التى تعاملت بها مع النظام الحالى منذ الثالث من يوليو2013 ستطرأ عليه تغييرات جذرية.