أقرت الحكومة المصرية مؤخرًا، حزمة قرارات وقوانين تستهدف من خلالها، رفع الحصيلة الضريبية بالدولة لتتخطى نحو 300 مليار جنيه؛ في ظل عجز الموازنة العامة بنحو 319.5 مليار جنيه، وفوائد خدمة دين تقدر بنحو 292 مليار جنيه. وتضمنت هذه القوانين، إقرار قانون ضريبة القيمة المضافة ومناقشة تطبيق الضريبة التصاعدية، كما قررت رفع الضريبة العقارية وضريبة الجمارك التي وصلت إلى 60% على نحو 364 سلعة. لكن الحكومة تجاهلت العمل على تحصيل نحو 450 مليار جنيه؛ قيمة مستحقة على الدولة لتعادل قيمة الضرائب المحصلة نحو 750 مليار جنيه تمثل 25% من الناتج المحلي الإجمالي بحسب خبراء اقتصاديين. وأوضح الخبراء، أن مصر تعاني من تهرب ضريبي على كافة مستويات الدولة، كما أنها فشلت في دمج الاقتصاد غير الرسمي التي تقدر قيمته بضعف ونصف الاقتصاد الرسمي.
يقول هاني توفيق، الخبير الاقتصادي، إن جميع دول العالم تستخدم حصيلة الضرائب لتوفير تمويل الدعم النقدي، والتي يجب أن تمثل في أي دولة مشابهة مصر نحو 25% من الناتج المحلي الإجمالي، والذي يقدر بنحو 3 ترليونات جنيه، مما يعني أن الحصيلة الضريبية الطبيعية تقدر بنحو 750 مليار جنيه سنويًا من جميع المؤسسات من ضمنها السيادية. وأوضح توفيق، في تصريح خاص ل"المصريون"، أنه في الوقت الحالي حاليًا يتم تحصيل نحو 300 مليار جنيه، بسبب عدم دفع فئات معينة مثل الأطباء، والدروس الخصوصية، والمقاولين، والتجار.
وشدد الخبير الاقتصادي، على ضرورة تغليظ عقوبة التهرب الضريبي على أن تصبح جريمة مخلة بالشرف، ومحاسبة موظفي الضرائب المتواطئين، وتفعيل منظومة الدفع الإلكتروني، وإلغاء التعامل النقدي، كما أن ضريبة القيمة المضافة تجبر العديد من أفراد المجتمع على الدخول في المنظومة الضريبية، بجانب توفير نحو 22 مليار جنيه من قانون ضريبة القيمة المضافة. وفي نفس السياق يضيف علي عبد العزيز، أستاذ إدارة الأعمال بكلية التجارة جامعة الأزهر، والخبير الاقتصادي، أن حجم التهرب الضريبي سنويًا في مصر يتخطى 400 مليار جنيه شامل الاقتصاد الرسمي وغير الرسمي، موضحًا أن أوجه التهرب لا حصر لها، ولعل أهمها هو تقاعس الحكومة عن أداء دورها في متابعة كافة القطاعات الاقتصادية، وبالأخص القطاع المهني والاقتصاد غير الرسمي. وقال في تصريح خاص ل"المصريون"، إن من أوجه التهرب الضريبي هو الفشل في عدم إدارة المتأخرات الضريبة خلال 15 سنة، ورغم أن الضرائب تحصل إيرادات من بعض الأنشطة غير المشروعة ما يقارب ال 15 مليار جنيه، إلا أنها في الاقتصاد غير الرسمي تعتمد على مدى القدرة على الوصول فقط، ولا تمتلك آلية حقيقية لحصر الاقتصاد غير الرسمي وتحصيل الضرائب منه.
وتابع: "أيضًا إغفال فحص الإقرارات الضريبية في ظل عدم وجود آلية إلكترونية للفحص تجعل فجوة الإيرادات من الاقتصاد الرسمي تفوق ال60% يجعل وصول التهرب الضريبي الأكثر من 13% من الناتج المحلي دليلًا على فشل المنظومة الضريبية، ودليلًا على أن حجم الفساد بها غير مسبوق، مؤكدًا أن الأمر يحتاج إعادة هيكلة في ظل نظام سياسي قوي معبر عن إرادة الشعب، وفي ظل السعي للتوازن بين مطالب التنمية الاقتصادية ومطالب العدالة الاجتماعية.