عاد قطار الخصخصة ليطل مجددا علي الساحة بعد توقف استمر خمس سنوات اثر نجاح ثورة الخامس والعشرين من يناير في إسقاط حكم مبارك ووقف برنامج التخريب الذي كانت تقوده جوقته ولجنة السياسات التابعة لنجله مبارك وهو ما توج بقرار من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بوقف برنامج الخصخصة وتبني برنامج لم ينفذ لإصلاح أحوال القطاع العام ولكن يبدو أن التخبط السياسي والاقتصادي للنظام الحالي دفعه للارتماء في أحضان صندوق النقد الدولي وتنفيذ بوصلته التخريبية التي بدأت مع تحرير سعر الصرف ورفع الدعم وخصخصة القطاع العام وهو ما ظهر بشكل واضح في تصريحات وزراء المجموعة الاقتصادية حيث قدموا أشارات واضحة عن استئناف برنامج الخصخصة بشكل أكثر بجاحة عبرا لإشارة إلى أن البرنامج سيمتد إلى المرافق العامة من ماء وكهرباء وخدمات مما يقدم ابرز تأكيد علي تحول حياة المصريين لجهنم وإشارة علي أن الأسوأ لم يأت بعد. ودخلت وزيرة التعاون الدولي وعرابة القروض الأولي سحر نصر علي خط الأزمة بالتأكيد علي اعتزام الحكومة حاليا خصخصة عدة شركات حكومية بشكل جزئي ، مشيرة الي خطة الحكومة لطرح جزئى لعدد من الشركات المملوكة للدولة فى اكتتاب عام. وأضافت "نصر" فى مقال نشرته بجريدة "وول ستريت جورنال الأمريكية"أن الاكتتاب سيشمل للمرة الاولي شركات المرافق العامة كقطاع استراتيجى، معلنة عن مسار اقتصادي جديد عبر قيادة القطاع الخاص للمشهد الاقتصادي متخففاً من تدخلات الدولة. وفي ذات السياق ، كانت وزارة الاستثمار تعاقدت مع شركة إن آى كابيتال إحدى الشركات المملوكة لبنك الاستثمار القومى التابع للدولة كمستشار للوزارة فى إعداد برنامج الطروحات، وفقا لما صرحت به وزيرة الاستثمار داليا خورشيد وهو ما يعني أن قطار الخصخصة سيعود بشكل طاحن يكوي المصريين وينهي علي البقية الباقية من طموحاتهم في حياة هادئة ومستقرة علي الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي . وأشارت "خورشيد" في تصريحات صحفية الي أن البرنامج سيشمل طرح جزء من رأسمال بعض الشركات الحكومية للاكتتاب بالبورصة المصرية وبورصات دولية وسيأتي فى إطار خطة الدولة لتنويع مصادر الاستثمارات والدفع بمعدلات النمو وذلك من خلال جذب استثمارات محلية ودولية غير مباشرة مرجحة نجاح مصر في جذب ما يقرب من 10 مليارات دولار خلال السنوات الثلاث القادمة ، وذلك تحت إشراف لجنة تضم وزير المالية عمرو الجارحى ووزيرة الاستثمار ونائب محافظ البنك المركزى لبني هلال. .وفي السياق ذاته ، كشف طارق عامر، محافظ البنك المركزى، عن إجراء دراسة لطرح حصص فى بنكين مملوكين للحكومة بالبورصة لزيادة رأسمالهما، مشيرا الي أن ذلك سيؤدى لخفض حصة الحكومة بنسبة 20% فى كل منهما. وجاءت تصريحات وزير قطاع الأعمال أشرف الشرقاوي ، وزير قطاع الأعمال لتزيد الطين وتؤكد العودة القوية لبرنامج الخصخصة ،الذي سيطول العشرات من شركات قطاع الاعمال وشركات مرافق وخدمات كانت خلال عهد مبارك خطوطا حمراء لم يستطع |أحد الاقتراب منها خصوصا ان الشرقاوي اشار علي ان الخصخصة تأتي لعلاج المشاكل المزمنة وعلي رأسها العمالة الزائدة زائدة وتقادم خطوط الإنتاج في تلك الشركات فضلا عن ان الفكر الإداري داخلها بعيدا عن القطاع الخاص رغم المنافسة بينهما مشددا علي ان الخصخصة بمشتقاتها ، مثل خصخصة الإدارة أو الإدارة بالمشاركة،وستكون هناك أطروحات لزيادات رؤوس الأموال أو غير ذلك من مشتقات الخصخصة. . وكشفت مصادر مطلعة عن أن مجلس الوزراء قد أقر وضع عشرات الشركات علي مذبح الخصخصة خلال المرحلة القادمة منها ، شركات الحديد والصلب ، وممفيس للأدوية ، والعربية للشحن والتفريغ ، والقومية للأسمنت ، وراكتا للورق،بعدما وصوله خسائرها 750مليون جنيه فضلا عن الشركة العربية لتصنيع الزجاج الدوائى بالسويس ، وشركة إدفو لاب للأوراق ، وأبو قير للأسمدة بالإسكندرية وتنوى الحكومة بحسب المصادر التنازل عن حصص تقترب من 50% من 5 شركات تتبع لوزارة البترول ، و4 شركات تابعة لوزارة الكهرباء والطاقة ، و3 بنوك حكومية كبرى القاهرة ، والمصرف المتحد ، والبنك العربى الإفريقى تمهيدا لطرحها فى البورصة قبل نهاية العام الجاري. وقدمت وزارة البترول إلى وزارة الاستثمار قائمة تضم 5 شركات بترول وبترو كيماويات هى موبكو وميدور وأموك وإيثيدكو وسيدبك ، وذلك علي ان تقوم شركة أن اى كابيتال بتولى طرحها وتوسيع ملكيتها فى البورصة خلال الفترة المقبلة. فيما قدمت وزارة الكهرباء والطاقة 4 شركات حكومية متخصصة فى إنتاج الكهرباء سيتم طرحها للاكتتاب العام فى البورصة فى البرلس بكفر الشيخ ، والعاصمة الإدارية الجديدة ، وبنى سويف، وشركة لمشروعات الخطة العاجلة للكهرباء بعد تأسيس شركات جديدة بحصص تمتلكها لا تقل عن 50 فى المائة وسيتم طرحها أيضا للاكتتاب فى البورصة خلال الفترة المقبلة. الخصخصة من "السيسي" الي "مبارك" رغم انتقاد الرئيس عبد الفتاح السيسي سياسات الخصخصة التي اتبعها "مبارك" ، الا ان النظام الحالي اعلن خصخصة القطاع العام ، وهو ما أدي الي التخوف من تكرار تجربة مصر مع الخصخصة في عهد "مبارك" وما سببته من خسائر متعددة دفع ثمنها الطبقات الفقيرة. وطبقت الحكومة سياسة الخصخصة للمرة الأولى عام 1991 ، ببيع 407 شركات قطاع أعمال عام بين عامي 1991 و2009 ، وفقا لدراسة للباحث الاقتصادي إلهامي الميرغني، معتمدة علي بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. وبلغت حصيلة البيع آنذاك أكثر من 57.3 مليار دولار, 9% منها في عهد وزارة عاطف صدقي، و21% في عهد وزارة كمال الجنزوري، و21.6% في عهد عاطف عبيد، و48.4% في وزارة أحمد نظيف. وامتدت الخصخصة ، حينها الي الهيئات العامة التي خرجت من الموازنة العامة للدولة، وتحولت إلى شركات مثل الاتصالات والمياه والصرف الصحي والكهرباء والنقل العام والسكك الحديدية ومصر للطيران. وانتشرت المدارس الخاصة ثم الجامعات الخاصة وتوسع العلاج الاقتصادي والمستشفيات الخاصة ، وشملت الخصخصة كل القطاعات الاقتصادية حيث تسببت في إحالة أكثر من 500 ألف عامل إلى المعاش المبكر ، وهو نفسه التخوف الحالي بعد إعلان الحكومة عن خصخصة الممتلكات العامة. بشكل كرس ارتفاعا في أسعار الخدمات وعلي رأسها أسعار الكهرباء بدءا من مايو 1990، إلي ان وصلت الي 80% من الأسعار العالمية عام 1992, كما تم تغيير شرائح الاستهلاك وهو ما تكرر مع مياه الشرب التي وصلت تعريفاتها لأسعار فلكية رغم بقائها ضمن شركات قطاع العام وهو ما يهدد بكوارث تنهش في جسد الشعب مع أي خصخصة لهذه المرافق . جاءت تداعيات الخصخصة كارثية علي السواد الأعظم من المصريين حيث فرضت الدولة رسوما باهظة علي التعليم إضافة إلى التوسع في إنشاء المدارس التجريبية الحكومية واستحداث رسوم الانتساب الجامعي بنسبة تتراوح بين 265 إلى400 جنيه في السنة، وتراوح التدريس باللغات الأجنبية في الكليات من 1850 إلى 4000 جنيه. خبراء:البلد في حالة افلاس واجمع خبراء في الاقتصاد علي ان العودة الي برنامج الخصخصىة تقدم دليلا علي أن البلد تعاني من حالة إفلاس ، وهو ما أكده النشط السياسي ، ممدوح حمزة ، والذي وضع 3 مخاطر لطرح المرافق العامة للاكتتاب ، أول تلك المخاطر يتمثل في ارتفاع أسعار فواتير الكهرباء والغاز والمياه وجميع الخدمات العامة 4 مرات نتيجة بيعها لشركات أجنبيه. وفي تصريحات خاصة ل"المصريون" ، أكد "حمزة " أن الخطر الثاني يتمثل في بيع تلك المرافق العامة لشركات أجنبيه ، خاصة مع عدم وجود قطاع خاص حقيقي في مصر قادر علي المنافسة والشراء وبالتالي ستتحول إدارة تلك الشركات والمرافق الي أجانب. وتابع أن الخطر الثالث ، هو أن شركات عالمية هي التي ستقدر فواتير المواطن المصري الغلبان وهو ما قد ينذر باحتجاجات شعبية ضد النظام الحالي الا أنها لن ترتقي لثورة لان الأخيرة لها مبادئ يجب أن تقوم عليها. وأشار الي أن وزيرة التعاون الدولي أكدت أنها ستبيع المرافق العامة جزئيا ، وأبرزها الطرق والكباري والمطارات والصرف الصحي والموانئ ومحطات الغاز وشركات الكهرباء وشركات القطاع العام وغيرها. ووصف تلك الخطوة بانها خطوة المضطر لان البلاد أصبحت في حالة إفلاس قائلا "المواطن لما بيفلس بيبيع بيته وولاده والحكومة بتبيع المرافق العامة ، الا أن تلك الخطوة لم يجرؤ عليها أي نظام سابق". وقال انه ليس من حق الحكومة أن تبيع المرافق الحكومية لان الشعب دفع ثمنها من الضرائب وفواتير الكهرباء ، إذا الحكومة تبيع تلك المرافق مرتين لأنها من "جيب" الشعب ، علي حد قوله. وأشار الي انه لا يجوز طرح تلك الشركات للاكتتاب الا بعد استفتاء الشعب ومجلس النواب ، الا انه لا يوجد مجلس نواب حقيقي في مصر لكنه "محلل " للحكومة ، حسب قوله. وأوضح "حمزة" أن الأنظمة السابقة جميعها لم تستطع القيام بتلك الخطوة ، حتي نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك مؤكدا ان الأمر في منتهي الخطورة متوقعا حدوث تعاطف مع حكم الإخوان بعد الخصخصة. ومن جانبه ، أكد شريف الدمرداش ، الخبير الاقتصادي أن سياسة النظام الحالي في حل المشكلات والأزمات الاقتصادية تتمثل في بيع ممتلكات الشعب ، بمعني أن النظام يعتمد علي الفقراء في حل أزماته الاقتصادية، حسب قوله. وأضاف "الدمرداش" ل"المصريون" أن الخطورة تتمثل في أن يكون الشريك الذي يشتري تلك الشركات اجنبي ، خاصة أن الاكتتاب العام والطرح في البورصة قابل للتداول من قبل الأجانب وممكن أن يكونوا يهود. وتحدث الدمرداش عن ايجابيات الخصخصة ، قائلا "أنها مورد تمويل إضافيا لهذه الشركات عن طريق توسيع رأس مالها وزيادته مؤكدا أن جميع الحلول البعيدة عن زيادة الإنتاج والحد من الاعتماد على الاستيراد تأتي في إطار الجباية أو البيع. وطالب الحكومة بإعلان أن الاكتتاب قاصرا علي المصريين فقط مشيرا الي أن خصخصة تلك المرافق تتوقف علي نسبة الاكتتاب بها مستنكرا التضحية بمستقبل الأجيال القادمة بخصخصة الممتلكات الحكومية. وبدوره أكد القائم بأعمال رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي ، مدحت الزاهد،القيادي بالتيار الديمقراطي ان معالجات النظام الحالي للأزمات أسوأ من معالجات نظام "مبارك". وأشار "الزاهد" ل"المصريون" الي أن المؤسسات التي تعتزم الحكومة بيعها هى عصب الدولة ولو استولي عليها المستثمرين ستزداد الأحمال على ظهور الفقراء المنتفعين بها. وأوضح أن "مبارك" لم يفكر في عرض أسهم البنوك ولا المرافق العامة كالكهرباء والسكة الحديد وشركة مصر للطيران للبيع كما انه لم يسمح بدخول الخصخصة لأصول يمتلكها المواطنون بينما حاليا تسعى الحكومة لطرحها في البورصة. فيما قال ، رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر ، هاني توفيق أن طرح الشركات الحكومية للاكتتاب سبيل النظام لتقليل عجز الموازنة. وفي تصريحات خاصة ل"المصريون" ، قال "توفيق" ان مصر تحتل المركز الثاني عالميا في عجز الموازنة ، بالإضافة الي الوضع الاقتصادي السئ فضلا عن أن الدين العام تعدي الناتج القومي الإجمالي. وأشار الي خطورة ان يكون الهدف من طرح المرافق العامة للاكتتاب العام من اجل تقليل عجز الموازنة فقط موضحا سوء إدارة الدولة للمؤسسات الحكومية مؤكدا أن هدف ذلك الإجراء الاقتصادي هو تغيير الإدارة الحكومية الي إدارة أكثر كفاءة ..