صادق المجلس الشعبي الوطني (مجلس النواب) يوم الثلاثاء، بأغلبية الحضور على مشروع قانون موازنة عام 2017 وسط احتجاجات ومقاطعة من نواب المعارضة للجلسة بدعوى تضمنه ضرائب جديدة، تهدد القدرة الشرائية للمواطن. وبحسب مراسل الأناضول الذي تابع الجلسة، قال "العربي ولد خليفة" رئيس المجلس (الغرفة الأولى للبرلمان الجزائري) بعد جلسة التصويت، إن 271 نائبا حضروا الجلسة إلى جانب 37 وكالة (حيث يكلف بعض النواب زملائهم بالتصويت بدلا منهم)، فيما يبلغ العدد الإجمالي لنواب المجلس 462. وأوضح أن النصاب القانوني للتصويت على مشروع القانون هو 232 نائبا وهو ما تم بالأغلبية المريحة حيث وافق على المشروع نواب حزبي جبهة التحرير الوطني الحاكم وشريكه في الحكومة التجمع الوطني الديمقراطي إلى جانب نواب مستقلين وأحزاب أخرى موالية، (دون ذكر عدد) فيما لم يحضر نواب مستقلون آخرون جلسة التصويت. وأثار هذا المشروع منذ الكشف عن مضمونه قبل أسابيع جدلا في البلاد بسبب تضمنه ضرائب ورسوم جديدة لمواجهة صدمة أزمة النفط التي أدت إلى فقدان البلاد لقرابة 50 بالمائة من إيراداتها بعد انهيار أسعاره في السوق الدولية طيلة العامين الماضيين. واحتج على المشروع نواب "تكتل الجزائر الخضراء" (49 نائبا) والذي يضم ثلاثة أحزاب إسلامية هي "حركة مجتمع السلم"، "حركة النهضة"، و"حركة الإصلاح"، إلى جانب نواب حزب العمال اليساري (20 نائبا) وحزب جبهة القوى الإشتراكية (يسار) (25 نائبا) وحزب جبهة العدالة والتنمية (إسلامي) الذي لديه 7 نواب. وقاطع نواب هذه الأحزاب جلسة التصويت نهائيا باستثناء ممثلي حزب العمال الذين صوتوا ضد مشروع القانون. وقدرت موازنة العام الجاري بنحو 80 مليار دولار مسجلة عجزا يقدر ب15 بالمائة، فيما بلغت موازنة 2017 بنحو 114 مليار دولار مع توقعات بعجز 8 بالمائة. وقبل جلسة التصويت نظم نواب هذه الأحزاب وقفة احتجاجية داخل مقر البرلمان رفعوا خلالها لافتات كتب عليها "بطاقة حمراء في وجه الحكومة" و"لا لتجويع وتفقير الشعب" و"قانون المالية 2017 إعلان حرب على الشعب". ووزعت الكتلة النيابية لتكتل الجزائر الخضراء الإسلامي بيانا جاء فيه أنها "ترفض مشروع قانون المالية لأنه يجسد سياسة من الرسوم والضرائب المفروضة على عموم المواطنين كطريق سهل لتعويض فشل الحكومات في إيجاد بدائل للجباية البترولية لتمويل ميزانية الدولة". من جهته أكد حزب جبهة القوى الإشتراكية (يسار) في بيان له أن "كل ما نشاهده اليوم في قانون المالية ل2017 ما هو إلا محاولة يائسة لتبرير النكسة الاقتصادية والسياسية عبر اللجوء إلى حلول لا شعبية من خلال إجبار الطبقات الاجتماعية المعوزة على دفع الثمن". في المقابل قال عبد الكريم منصوري النائب عن حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم: "هذا القانون وضع في ظروف صعبة تعيشها الجزائر بسبب نقص إيرادات النفط". وأضاف للصحفيين على هامش جلسة التصويت على المشروع: "المعارضة التي تحتج على مشروع القانون لم تقدم بديلا اقتصاديا لمواجهة الأزمة ونحن كحزب حاكم يجب أن ندعم إجراءات لمواجهة هذه الأزمة الاقتصادية بدل إطلاق كلام شعبوي". وكان وزير المالية الجزائري حاجي بابا عمي قد أكد لدى عرضه مشروع القانون أمام البرلمان في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، أن "قانون الموازنة رغم تضمنه رفع الجباية العادية (ضرائب) قصد التحرر من التبعية لعائدات النفط وضمان تمويل أمثل للاستثمارات العمومية يحرص على المحافظة على نوعية الخدمة العمومية ومسار مستدام للنمو والمحافظة على القدرة الشرائية للطبقات الهشة". وتخطط الحكومة الجزائرية وفق مشروع قانون الموازنة لفرض رسوم وضرائب جديدة، فضلاً عن فرض رسوم استهلاك داخلي على عشرات السلع في محاولة للتقليل من حدة عجز الموازنة. ومن الضرائب والرسوم التي سيتحملها المواطن الجزائري وفق المشروع، رسم على مبيعات السيارات القديمة وإيجارات المساكن والمحلات، وفرض ضرائب على الخدمات المحصلة من شركات غير مقيمة، وزيادات متوقعة في سعر البنزين والمازوت، وفرض ضرائب على الأجهزة الكهربائية المستهلكة للطاقة، إضافة إلى رسم للمغادرة والدخول من وإلى الجزائر. وفي محاولة لتغطية جزء من عجز الموازنة، تضمن المشروع إجراءات أخرى منها رفع أسعار الوقود للعام الثاني على التوالي، وخفض مخصصات التحويلات الاجتماعية الموجهة لدعم الصحة والإسكان والمواد الغذائية الأساسية (دقيق الخبز وزيوت غذائية وسكر). وتبدأ السنة المالية في الجزائر، مطلع يناير/كانون ثاني حتى نهاية ديسمبر/كانون أول من كل عام، بحسب قانون الموازنة العامة في البلاد. ومن المقرر أن يحال المشروع خلال أيام إلى مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان) للتصويت عليه قبل توقيعه من قبل رئيس البلاد قبل نهاية السنة، وسط توقعات خبراء بالموافقة عليه بصيغته الحالية في تلك الغرفة المكونة من 144 عضوا ويسيطر عليها أحزاب الموالاة وشخصيات معينة من قبل رئيس البلاد.