إعلامي: محض صدفة وكان متجهًا لزيارة عائلية في وسط البلد أمنيون: رسائل للسيسي والإخوان.. محللون: شماتة في ميدان الثورة ورسالة للمتظاهرين بأن التحرير لم يعد لغير الدولة مرَّ يوم الحادي عشر من نوفمبر الماضي بدون خروج أي مظاهرات تذكر، وذلك رفضًا للدعوة التي أطلقها مؤسس حركة "غلابة"، والذي دعا إلى الخروج في مظاهرات حاشدة أطلق عليها اسم "ثورة الغلابة"، وكان الحدث الأبرز والأهم في ذلك اليوم هو ظهور المشير محمد حسين طنطاوي في ميدان التحرير؛ حيث فاجأ المتواجدين بالميدان، ولاقى ترحيبًا كبيرًا من قِبل المواطنين الذين حرصوا على مصافحته والدعاء له، وكذلك للجيش المصري، والتأكيد على أن الشعب والجيش إيد واحدة. واستقبل طنطاوي تعليقات المواطنين بمحبة وابتسامة، وهو جالس في المقعد الأمامي من سيارته إلى جوار السائق، وسط عبارات "الله أكبر وتحيا مصر" ، ورد المشير على أحد المواطنين عندما قال له: "عايزين نعدم الإخوان" فرد المشير: "إن شاء الله.. لا نعدم ولا نعمل". وأثار ظهور المشير في ميدان التحرير في ذلك اليوم ردود فعل متباينة؛ فيرى فريق أن ظهور طنطاوي في ذلك اليوم هو رسالة إلى الشعب المصري بأن الجيش قوي ومتضافر مع بعضه وأنه رسالة للرئيس عبدالفتاح السيسي بالتأييد الكامل له؛ فيما رأى فريق آخر أن المشير وجه من خلال زيارته إلى التحرير رسالة إلى كل الثوار وتيارات الإسلام السياسي بأنه لا مجال للتظاهر مجددًا وأن ميدان التحرير أصبح محصنًا من أي ثورات قادمة وأنه فقط ملك للدولة. وفي إطار ذلك كله، ترصد "المصريون" آراء الخبراء والمحللين حول زيارة المشير سيد طنطاوي إلى ميدان التحرير بالتزامن مع ثورة الغلابة التي فشلت الدعوة لها. 5 زيارات.. منها اثنتان بالزي المدني لم يكن ظهور المشير محمد حسين طنطاوي، القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والإنتاج الحربي الأسبق، في ميدان التحرير بسيارته الخاصة، وبالتزامن مع دعوات لثورة الغلابة، هي المرة الأولى التي يزور فيها الميدان؛ حيث تعد تلك الزيارة هي الخامسة على التوالي منذ ثورة 25 يناير. وكانت الزيارة الأولى له يوم 30 يناير 2011 أثناء قيام ثورة 25 يناير في ميدان التحرير، وحينها وجه رسالة للمعتصمين في الميدان تحسهم على التماسك، والمرة الثانية يوم 2 فبراير عام 2011، عندما زار الميدان ليتفقد القوات المتمركزة بالتحرير. أما المرة الثالثة له كانت في يوم 12 أغسطس 2011 وبعد إزاحة مبارك من على كرسي الحكم، حينها استمرت زيارته للميدان 40 دقيقة وتفقد فيها قوات الجيش والشرطة المتواجدة بالتحرير، والتقى بعدد من المواطنين وسألهم عن أحوال البلاد، فرد أحدهم مستفسرًا منه عن موعد تسليم السلطة إلى رئيس منتخب، فرد مبتسمًا: "قريبًا إن شاء الله". وفي 26 سبتمبر 2011، كانت الزيارة الرابعة له لميدان التحرير، وحينها ظهر بزى البذلة المدني، وسط ترحيب وحفاوة من المواطنين. وكانت الخامسة له في 11 نوفمبر الجاري بالتزامن مع ترقب لاندلاع "ثورة الغلابة"؛ حيث تجول في ميدان التحرير بسيارته الخاصة، ليطمئن على المواطنين وحالة الميدان، وخلال جولته استقبله المواطنون بسعادة ومحبة، وحرصوا على مصافحته والدعاء له وللجيش المصري، وسط ترديد عبارات "تحيا مصر". وأثناء سيره بالسيارة استوقفه أحد المواطنين وتحدث معه عن الإخوان وإعدامهم، فرد عليه قائلًا: "إن شاء الله لا هنعدم ولا هنعمل ومتخافوش ربنا معانا". زيارة عائلية كشف الإعلامي محمد العقبي، سر ظهور المشير حسين طنطاوي، في ميدان التحرير بالتزامن مع ثورة الغلابة، قائلًا: "طنطاوي كان رايح يزور أهله في وسط البلد، وطبيعي أن يكون خط سيره ميدان التحرير". وطالب "العقبي" خلال برنامجه "من الآخر"، المذاع على فضائية "روتانا مصرية" بأن يكون المشير طنطاوي أحد المتحدثين في مؤتمر الشباب في 30 نوفمبر القادم، منوهًا إلى أنه يجب أن يكون طنطاوي شريكًا في المرحلة الحالية. 5 رسائل وراء زيارة المشير للتحرير أما اللواء عادل القلا، الخبير الأمني والاستراتيجي وعضو لجنة الأمن القومي السابق بمجلس النواب، فرجّح أن يكون السر وراء ظهور المشير محمد حسين طنطاوي في ميدان التحرير يوم الجمعة 11 نوفمبر بالتزامن مع ثورة الغلابة هو توجيه 5 رسائل للشعب المصري. وأضاف القلا في تصريحات إلى "المصريون": "أول رسالة للمشير طنطاوي كانت دعمه الكامل للرئيس عبدالفتاح السيسي والنظام الحالي ودعوة للمواطنين والشارع المصري بتأييد قرارات الرئيس في الفترة الأخيرة والوقوف خلفه". أما الرسالة الثانية التي أراد توصيلها المشير للمواطنين، فيقول القلا إنها تأكيد على تضافر الجيش بالكامل، وأن الجيش بقياداته الحالية والسابقة خلف الرئيس. وتابع القلا: "الرسالة الثالثة من نزول طنطاوي إلى ميدان التحرير هو التأكيد على أن الفريق سامي عنان غير موجود على الساحة في الوقت الحالي وأن كل ما يقال بأن هناك خلافات بينه وبين النظام غير صادقة وأن السلطة الحقيقية هي للرئيس السيسي فقط وظهر ذلك عندما قال: "عنان كبر وفي البيت". أما الرسالة الرابعة، فيقول الخبير الاستراتيجي إنها لجماعة الإخوان المسلمين؛ حيث طمأنهم من احتمالية إعدامهم كما أن المشير طنطاوي غير مؤيد لهذه الإعدامات بالجملة من الأساس وأراد إيصال رسالة مضمونها أن يستقيموا ويعتذروا عن كل الأخطاء التي قاموا بها ويعتذروا عن العنف ومن ثم تهيئة الأوضاع المشتعلة في مصر". وكانت الرسالة الخامسة والأخيرة للمشير طنطاوي، بحسب عضو لجنة الأمن القومي بمجلس النواب السابق، هي رسالة إلى شباب الإخوان بأنه من الممكن احتواؤهم مرة أخرى، موضحًا أنها كانت نية الرئيس السيسي فمنذ اللحظة الأولى ومع إلقاء بيان 3 يوليو 2013 تمت دعوة الدكتور سعد الكتاتني لحضور البيان والدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة ولو حدث هذا كانت ستتغير الأمور رأسًا على عقب". حديثه عن الإخوان من جانبه، قال محمد حامد، عميد سابق في القوات المسلحة، والنائب السابق بمجلس النواب، إن المشير محمد حسين طنطاوي هو أول مَن تصدى لثورة يناير، وقام بوضع الخطة لاجهاض الثورة فهو عدو الثورة الأول". وأضاف حامد أن المشير طنطاوي يكره ميدان التحرير وزاد كراهيته له بعد وصول جماعة الإخوان المسلمين للحكم، فبعد عزله ظهر غضب كبير منه للجماعة وميدان التحرير وعندما أتى النظام الجديد للحكم أصبح طنطاوي هو الأب الروحي للمؤسسة العسكرية التي استحوذت على الحكم منذ 1952 وحتى هذه اللحظة. وتابع النائب السابق في مجلس النواب: "المشير طنطاوي هو رمز من رموز النظام الحالي وهو أيقونته، ويتم الاستعانة به وأخذ رأيه في كل كبيرة وصغيرة في شئون الدولة وأن نزوله إلى ميدان التحرير بالتزامن مع ثورة الغلابة هدفها كشف رد فعل الشباب والثوار من هذه الزيارة والذين أوضحوا أن هذه الزيارة لا قيمة لها من الأساس. وبخصوص حديثه عن إعدام جماعة الإخوان المسلمين، قال حامد إن ما قاله هو رسالة إلى الجماعة تهدف إلى تهدئة الموقف من الجماعة وأن يكفوا عن التظاهرات من أجل استقرار الدولة. الميدان لم يعد للثوار ويقول الدكتور خالد متولي، عضو حزب الدستور، إن ظهور المشير طنطاوي عدة مرات في ميدان التحرير هي رسالة منه أن الميدان تابع للدولة ولا مكان فيه للثورة والإسلاميين مرة أخرى وأنه قد انتهى زمن الثورات. وأكد متولي أن تلك الزيارات تعد رسالة مضمونها أن القوات المسلحة لن تتخلى عن السيسى أو أي رجل ينتمي للمؤسسة العسكرية، وعلى الثوار أن يتراجعوا عن أفكارهم التي يتبنونها. وأشار عضو حزب الدستور إلى أن الزيارة رسالة للخارج بأن الوضع الأمني مستقر وعلى المستثمرين أن يعودوا مرة أخرى. شماتة في ثوار التحرير من جانبه، يقول سامح العطفي، مدير مركز لندن للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن المشير سيد طنطاوي ليس ببعيد عن أحداث 3 يوليو بل هو من المخططين لها، وظهوره في ميدان التحرير ليس الظهور الأول؛ فقد دعاه السيسي في احتفالات تخرج الكليات العسكرية، وهو تأكيد على تعاون كل جنرالات المجلس العسكري في الإمساك بزمام الأمور في مصر، خاصة أنه يحمل ثأرًا شخصيًا عندما تم عزله هو والفريق عنان في ولاية الدكتور محمد مرسي وظهوره هو إعلان أن المؤسسة العسكرية مترابطة ولا تتأثر بالتغييرات السياسية في مصر، خاصة أنه خدم سنوات وسنوات كوزير دفاع وقبله قائد للحرس الجمهوري للرئيس الأسبق مبارك". وأضاف العطفي: "ظهور طنطاوي في هذا التوقيت هو شماتة في الشعب المصري وخاصة في ميدان التحرير والذي يحمل رمزية ثورية وسياسية وكان شاهدًا على عزل مبارك، فكان ظهوره إعلانًا أنه عاد إلى الميدان وهو خالٍ من الشعب المصري وأنها حقبة وانتهت ولا سيادة ولا سيطرة إلا للمؤسسة العسكرية وجنرالاتها الحالين والسابقين". وأشار مدير مركز لندن للدراسات السياسية والعسكرية إلى أن عزل المشير والفريق عنان إبان حكم الرئيس الأسبق مرسي كانت إهانة له والمؤسسة العسكرية، وهو حدث لم تشهده مصر في تاريخها، ولذلك حرص على الظهور في مناسبات كثيرة بدعوة من السيسي وآخرها ظهوره في ميدان التحرير والتي تحمل معاني انتصار المؤسسة العسكرية على الشعب المصري وأن الجنرالات لا توجد بينهم خلافات، فالمصالح واحدة سواء اقتصادية من مشروعات الجيش أو سياسية وأنهم يحكمون ويسيطرون ولا عزاء للشعب المصري، على حد قوله. شاهد الصور: