وزير استثمار مبارك يطلب إطلاق يديه في اختيار الوزراء وتسريع وتيرة هيكلة الجهاز الإداري.. والنظام يتحفظ تعثر المحاولات مع محيي الدين يرفع أسهم درويش ومدبولي.. وإسماعيل ينتظر رصاصة الرحمة جهات نافذة تحذر من ارتباطه بنظام مبارك.. ووصفة البنك الدولي تهدد بإشعال ثورة جياع
تعرضت محاولات تكليف الدكتور محمود محيي الدين، وزير الاستثمار الأسبق في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك ونائب رئيس البنك الدولي حاليًا بتشكيل حكومة جديدة خلفًا لحكومة المهندس شريف إسماعيل، لمزيد من العراقيل إثر إخفاق الاتصالات التي أجرتها جهات نافذة في السلطة مع محيي للوصول لتسوية حول الملفات الخلافية بينهما تمهيدًا لتكليفه رسميًا. وتعد مطالبة محيي الدين بصلاحيات كاملة في اختيار أغلب أعضاء مجلس الوزراء وخصوصًا المجموعة الاقتصادية من أهم العقبات التي حالت دون تضييق الفجوة معه للقبول برئاسة الوزراء في ظل رفض دوائر السلطة لهذا الأمر الذي سيضعف من سطوة هذه الأجهزة في اختيار وزراء بعينهم لحقائب محددة وهو ما جري عليه العرف طوال الستين عامًا الماضية. ويعد رفض محيي الدين لشغل وزراء ذات خلفية عسكرية في المجموعة الاقتصادية من أهم الأسباب كذلك التي حالت دون التوصل لتسوية معه للعودة إلى مصر وشغل منصب رئيس الوزراء؛ حيث أبلغ محيي بصعوبة منحه صلاحية كاملة في ضوء تفضيل السيسي لرئيس وزراء ذي صبغة تنفيذية يترجم رؤى رئيس الجمهورية إلى قرارات، وهو ما تحفظ عليه محيي الدين بشدة. الصلاحيات الكاملة التي طالب بها محيي الدين وإعطاؤه الضوء الأخضر لاختيار وزراء المجموعة الاقتصادية وطاقم إدارة دولاب العمل الحكومي ليست هي وحدها التي حالت دون اتفاق محيي الدين مع محاوريه لخلافة شريف إسماعيل حيث تمسك إسماعيل بحزمة من السياسات التي يعتزم تنفيذها بأسلوب الصدمة لدى تكليفه برئاسة الوزراء منها إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة والاستغناء عن حوالي 2مليون موظف وإنهاء حالة الترهل الوظيفي، فضلاً عن التخلص بشكل سريع من وحدات القطاع العام واستئناف مسيرة الخصخصة المتوقفة منذ نجاح ثورة يناير في إسقاط مبارك. وأفادت مصادر مطلعة أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية الدقيقة التي تمر بها مصر والمخاوف من اضطرابات سياسية واجتماعية هي ما دفعت محيي الدين بالتحفظ على تشكيل وزارة في التوقيت الحالي باعتباره سيدفع فاتورة 5سنوات من الفوضى، فضلاً عن أنه يتمتع بحالة من الاستقرار الوظيفي والمهني داخل البنك الدولي ويتقاضى راتبًا سنويًا يتجاوز 420 ألف دولار، فضلاً عن البدلات بشكل يجعله يفكر ألف مرة قبل اقتحام عش الدبابير في مصر ودفعت مطالب محمود محيي الدين بالصلاحيات الكاملة واستئناف برنامج الخصخصة وهيكلة الجهاز الإداري للدولة دوائر السلطة الضيقة إلى غض النظر عن تكليف محيي الدين لتشكيل حكومة جديدة، لاسيما أن برنامجه قد يهدد بإشعال اضطرابات اجتماعية لا يفضلها النظام الذي يجد صعوبات جمة في تسويق مجموعة الإصلاحات الأخيرة وفي مقدمتهما تعويم الجنيه ورفع أسعار المحروقات بشكل زاد من حالة التضخم وأثر بالسلب على مستوى معيشة المصريين. وفي نفس السياق، أبدت عدة جهات سيادية عدم ارتياحها لعودة محيي للمشهد وتكليفه برئاسة مجلس الوزراء حيث سيستغل هذا التكليف من جانب جماعة الإخوان والقوي الحليفة للزعم بأن مصر تحكم من قبل رجال مبارك الذين يعتبرون الأمر انتصارًا لهم بشكل سيفجر غضبًا داخل القوى المؤيدة للسيسي وسيعزز من وجهة نظر جماعة الإخوان التي ترى أنا ما جرى في الثالث من يوليو كان تحالفًا بين الدولة العميقة ونظام مبارك بشكل يتوجب معه وقف الاتصالات من جانب الدولة. وقد دفع تردد مقربين من السيسي في استكمال الاتصالات مع محيي الدين الأخير لتسريب أنباء عن رغبته في استمراره في منصب نائب رئيس البنك الدولي لشئون التنمية المستدامة والعلاقة مع الأممالمتحدة والتأكيد على أن الاتصالات التي جرت معه خلال الفترة الأخيرة كانت للتشاور معه حول مجمل الملفات الاقتصادية باعتبار من الطيور الوطنية المهاجرة. وتجرى مناقشات داخل مؤسسة الرئاسة حاليًا للبحث في الخيارات المتاحة أمامه بعد تعثر محاولات تكليف محيي الدين بتشكيل الحكومة، حيث يتداول البعض اسم الدكتور أحمد درويش وزير التنمية الإدارية السابق ورئيس رئيسًا للهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس لخلافة شريف إسماعيل فيما طرح البعض اسم الدكتور مصطفى مدبولي وزير الإسكان لتشكيل الحكومة، فيما يفضل مقربون من السيسي استمرار حكومة شريف إسماعيل مع إجراء تعديلات جذرية في وزراء المجموعة الاقتصادية.
من جهته، شكك حسن نافعة، أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، في صحة خبر ترشيح محمود محيي الدين وزير الاستثمار الأسبق على منصب رئيس الحكومة، لافتًا إلى أنه إذا فكّر النظام بهذا المنطق فهو مُفلس ويحاول استخدام ما تمت تجربته. وأشار نافعة، في تصريحات ل"المصريون"، إلى أنه أفضل من تعيين وزير الاستثمار الأسبق إعادة نظام مبارك نفسه وتنحى أو رحيل الرئيس عبدالفتاح السيسي، ليعود مبارك بنفس طاقمه وهذا إن دل يدل على ارتباك وفشل كامل للنظام. وأضاف نافعة أن النظام يسير على نفس خطى مبارك بالكامل، لافتًا إلى أن استعادة رموز نظام مبارك يعنى الفشل في اختيار كوادر أكثر خبرة. في السياق ذاته، عمرو هاشم ربيع، الباحث السياسي، قال إن الأزمة ليست في أشخاص، منوهًا إلى أنه سواء كان رئيس الوزراء أو حتى الوزراء فهم مجرد موظفين في الدولة لا حول لهم ولا قوة وكثيرًا ما يشيرون إلى أن قراراتهم بناء على توجهات وتعليمات الرئيس عبدالفتاح السيسي فوجود وزير الاستثمار الأسبق أو غيره لا يؤثر. وأشار ربيع إلى أن سياسة "محيي الدين" الشهيرة بالخصخصة لن تعنى تضرر الوضع بسببها؛ لأننا لسنا مجتمعًا اشتراكيًا وإنما نعيش عهدًا من الخصخصة، لافتًا إلى أن الوضع سيئ بكل الأحوال، على حد تعبيره. وأضاف ربيع أن النظام الحالي غير متخوف من مصير مبارك وإنما يشعرون براحة في ظل حماية الجيش لهم، مؤكدًا أنهم يتملكهم شعور بأنهم يستطيعون فعل ما يحلو لهم في ظل رعاية الجيش الدائمة له وهو نفس إحساس الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك.