تدفع الدولة أويدفع الشعب بدلاً مادياً لأعضاء هيئة التدريس مقابل تفرغهم شبه الكامل للتعليم والبحث العلمي، ينقسم أعضاء هيئة التدريس في شأن هذا التفرغ إلي فئتين، الاولي تأخذ الأمرعلي محمل الجد فلا عمل لهم الا التعليم وإجراء الابحاث وما يتطلبه ذلك من القراءة والاطلاع ومتابعة أحدث الاتجاهات والاهتمامات البحثية في عصر يتحرك بخطى سريعة جداً، وذلك حتي يقدموا لتلاميذهم ولمجتمعهم أحدث المعارف النظرية والتطبيقية والتي تواكب هذا العصر المتسارع، ومما يؤسف له أن أعداد هذه الفئة تتناقص لاسباب تبدوا واقعية. علي العكس من ذلك فالفئة الثانية تأخذَهُ تفرغاً الا من جمع المنافع المادية من إنتدابات ولجان وإشراف علي وحدات خاصة ومكفآت من برامج خاصة ومقايضات، العجيب أن إنشغالهم بجمع المنافع المادية لا يمنعهم من وضع الخطط وبذل الجهد للوقوف في طريق من هم بالفئة الاولي، ليمنعوهم اويأخذوهم بعيدا عن هدفهم او هدف التفرغ وهو التميز العلمي والأكاديمي وخدمة مجتمعهم، وذلك بغية تعطيلهم ليستوي الجميع بالفئتين من هذه الناحية ويتميزون هم بما جمعوا فأوعوا من المنافع المادية من الناحية الآخري.
أعضاء الفئة الثانية يتميزون بالإتحاد ويجمعهم هدفٌ واحد – يَصرفهم عن خلافاتهم- حتي لو كان ذلك الهدف هو عضواً واحداً من الفئة الأولي، فهم يعرفون بعضهم ويتقاربون بسيماهم وصفاتهم وأهدافهم، يقوي بعضهم بعضا، فمن يحصل منهم علي منصب يجمع كثيراً منهم حوله مع وجود من هم أكفأ وأقدم، ومما يستدعي علماء الاجتماع والسلوكيات لدراسته هوأنّ لهم راياً واحداً وبدون إتفاق مُسبق بل بشعور تلقائي عند مناقشة اي أمر يخص كل عضو متميز من الفئة الاولي، فإسم العضوغيرمهم، بل المهم عندهم وما يخشونه هو ما يملك ذلك العضومن كفاءة، او ما يمكن أن يفعل أو يضيف إذا واتته الفرصه لذلك يمنعونه منها، تتعدد الأدوات والاساليب التي تُستخدم في تعطيل طريق كل متميز وأهمها التكامل وتقاسم الادوار للضرب والحصار من جميع الإتجهات، يخفون إسمة ويبعدون شخصة حتي لا يسمع به أحد، كل ما يجود به العضو من تطوير وإصلاح وتصويب ورأي هو تعدي وقذح فكل شئٍ علي مايرام!، وإذا ذَكرَهُ -أي المتميز- أحدٌ بخيرٍ أولخيرٍأمامهم يقولون ماليس فيه لحرق سيرته نكاية وإبعاداً.
من بين أعضاء الفئة الثانية من هم يُحسبون علي التميز زيفاً، لذلك فهم يظنون أنهم وحدهم أبناء التميز ولا أخوة لهم لذا فهم في جهد جهيد حتي لا ينجب التميز أبناءً بعدهم ولاينضب لهم معين ولهم قدرات عجيبة في ذلك، وإذا أنجب التميز إبناً أو أبناءً فهم لقطاء من وجهة نظرهم ولا مكان للقطاء بينهم وعليهم البحث عن مكان آخرأوإنتظارحرق سيرتهم وتعطيل صلاحياتهم، ومن بين أعضاء الفئة الثانية أيضاً من مر إلي ما هو علية الآن بعد محاولة او محاولات فاشلة أو من خلال طريق قد مُهِدَ له بعد أن مَهدَ هو الطريق لآخرأوآخرين بالمقايضة، وهو ما أصابهم بعقدة تجعلهم يكرهون كل متميز وكل معتمد علي نفسة ويراها كياناً مؤهلاً وجديراً، فهم يستأسدون بعد أن مروا هكذا الي حيث أرادوا أو أُريد لهم من وضع ومكان بهدف إبعاد كل متميزأوجعل التميزنفسة صفة متنحية- هيهات أن يستطيعوا- لينعموا هم بما وصلوا وأوصلوا بعضهم الية لان وجود المتميزين حولهم يُنَغِص عليهم حياتهم.
من المحزن أنه في النهاية يخسر الوطن مرتين، الاولي عندما يُباعد بين المتميزيين والأكفاء وخدمة وطنهم من مكان ووضع مؤثرين، الثانية والاخطرهو أن يُعطى ذلك المكان للاقل كفاءة إلي جانب أنهم مُثقلون بإستحقاقات المقايضات التي أبرموها من أجل هذا المكان.
ولدفع الجميع إلي العمل والتميز وتحقيق هدف التفرغ السامي المدفوع لإعضاء هيئة التدريس، ورفع ترتيب الجامعات الوطنية عالميا ولاعداد خريج ينافس عالميا يجب مراجعة مهام عضو الهيئة التدريس فلا يستقيم معني التفرغ مع الانتدابات الجزئية المتعددة، فاما أن يكون الشخص عضو هيئة تدريس أو في وظيفة آخري متفرغاً لاحداهما، إذ لا يستطيع عضو واحد أن يعطيَ جهداً ووقتاً لعدة أماكن تتطلب ساعات عدة من الانتقالات بينهم ما قد يعطية عدة اشخاص، واحد لكل مكان، مع أن قيمة التكاليف المادية والرواتب واحدة في الحالتين، والأهم هو أن كثيراً من هذه الاماكن والوظائف ربما لاتتطلب أستاذاً جامعياً أوحتي حاملاً لدكتوراة وإن كان ولابد فلماذا لايتفرغ لمكان واحد، يجب نشر جواً أكثرعدالة وشفافية، أن يكون الاختيار للوظائف يُراعي الاقدمية الي جانب الكفاءة والانتاج العلمي والأكاديمي وليس فقط أصحاب المقايضات، فلابد أن يكون لمن حصلوا علي اللقب العلمي لإستاذٍ أو أستاذٍ مساعدٍ من أول محاولة أفضلية في الاختيار،إحترام تخصصات الأساتذة والتي أقرتها اللجان العلمية، أن تكون المناصب لدورة واحدة، أن يُقيَّم أداء من هم في هذه المناصب سنويا بطريقه سريه عن طريق أعضاء هيئة التدريس ويُستبعد كل من يحصل علي تقديرأقل من جيد.
وفي النهاية تبقي الفئة الاولي وكل متميز هم الامل وعليهم الصمود والمثابرة وعدم الاستسلام رغم المعاناة متعددة الجوانب، ولهم يقول المهتاما غاندي "كن أنت التغيير الذي تريد أن تراه في العالم."، ويقول لهم جلَّ من قِائل] } فَأَمَّا الزبد فَيَذْهَبُ جُفَآءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ الناس فَيَمْكُثُ فِي الأرض {الرعد: 17[.
==================================================== Reda R. Gharieb, PhD. Professor of Biomedical and Bioelectronics Engineering Department of Electronics and Communication Engineering Faculty of Engineering, Assiut University Assiut 71516, EGYPT